الأقباط متحدون - الأنبا يوسف أسقف إيبارشية جنوب أمريكا : ننادي بفصل الدين عن السياسة وعمل الكنيسة كمؤسسة بالمهجر
  • ٢١:٥٠
  • الاربعاء , ٩ اغسطس ٢٠١٧
English version

الأنبا يوسف أسقف إيبارشية جنوب أمريكا : ننادي بفصل الدين عن السياسة وعمل الكنيسة كمؤسسة بالمهجر

نجاح بولس

مساحة رأي

٣٨: ٠٩ ص +02:00 EET

الاربعاء ٩ اغسطس ٢٠١٧

الأنبا يوسف أسقف إيبارشية جنوب أمريكا
الأنبا يوسف أسقف إيبارشية جنوب أمريكا
 الأنبا يوسف أسقف إيبارشية جنوب أمريكا : ننادي بفصل الدين عن السياسة وعمل الكنيسة كمؤسسة بالمهجر هو عمل رعوي بالمقام الأول 
 متمسك بالمبادئ العامة التي تنادي بإحترام الكل وبالنقد البناء دون تجريح أو إهانة :
بلاد المهجر تؤمن بالحرية والديمقراطية وبالتالي ليس للكنيسة أي تدخل في تحركات منظمات أقباط المهجر سواء بالتأييد أو النهي : 
 
حوار أجراه الباحث / نجاح بولس
نيافة الأنبا يوسف .. أسقف إيبارشية جنوب أمريكا الممتدة عبر ١١ ولاية أمريكية ، شخصية خدومة ومحبوبة من الجميع ، يؤمن إيمان تام وجاد بضرورة فصل الدين عن السياسة ، ويوصي بإبتعاد رجل الدين عن الشأن السياسي تماماً .. رحب بنا وأتاح لنا من خلاله إمكانية التعرف على علاقة الكنيسة بأقباط المهجر ومنظماتهم ، وأشار إلى أهم الأدوات الإعلامية والإجتماعية المستخدمة في ربط الجيل الثاني والثالث بوطنهم الأم وكنيستهم القبطية ، خالف التوقعات بذوبان كامل للأجيال القبطية اللأحقة بالمهجر في المجتمعات الجديدة ، وتوقع إرتباط الجيل الثالث بجزوره وهويته الأصلية لكونه لا يتعين عليه الدخول في الصراع على تحديد هويته .
 
ما النطاق الجغرافى لإيبارشية جنوب أمريكا؟ وكم تبلغ عدد الكنائس القبطية بها؟ وتقديرات نيافتكم لعدد الأقباط المتواجدين فيها ؟
تمتد إيبارشية جنوب أمريكا لتشمل إحدى عشر ولاية وهي: تكساس، فلوريدا، تينيسي، آلاباما، أركنساس، آريزونا، جورجيا، لويزيانا، نيومكسيكو، أوكلاهوما، ميسيسيبي .. وعدد الكنائس بالإيبارشية حالياً هى 39 كنيسة و35 تجمع ، تخدم حوالي ثلاثة عشر ألف أسرة قبطية .
 
كيف تصف نيافتكم العلاقة بين الكنيسة وأقباط المهجر ؟ هل هى علاقة رعوية روحية فقط ؟ أم أن دور الكنيسة يمتد ليمثل قيادة إجتماعية ( أو سياسية ) للأقباط بالمهجر ؟
عمل الكنيسة كمؤسسة دينية هو عمل رعوي بالمقام الأول ، تهتم أولاً بالرعاية الروحية ثم الرعاية الإجتماعية إذا تطلب منها أداء هذا الدور ، ولا يوجد أي دور سياسي أو وصاية للكنيسة على الأقباط بالمهجر في ذلك ، حيث أننا ننادي دائماً بفصل الدين عن السياسة وإبتعاد رجال الدين عن لعب أي دور سياسي .
 
ما علاقة الكنيسة بالمهجر مع منظمات أقباط المهجر الناشطة في الشأن السياسي وحقوق الإنسان؟ وهل هذه العلاقات تقوم على التعاون لخدمة القضية الوطنية والقبطية ؟ أم هناك شئ من التنافس والخلافات  ؟
لا توجد علاقة بين الكنيسة كمؤسسة وبين تلك المنظمات، وبلاد المهجر توجد بها حرية وديمقراطية وبالتالي تلك المنظمات حرة لتفعل ما تريد دون أي تدخل من الكنيسة، فالكنيسة لا تؤيد ولا تنهي لأن المبدأ هو فصل الدين عن السياسة .
 
هل يؤثر أقباط المهجر ( جمهور ، منظمات ) على علاقة الكنيسة بالدولة ؟ 
أحياناً يحدث ذلك حيث تكتسب الكنيسة رصيداً جيداً بسبب تحركات إيجابية لأقباط المهجر، وفي أحيان أخرى يحدث العكس عندما لا يتصرف أقباط المهجر بحكمة ولياقة مما يتسبب في وقوع الإتهامات على الكنيسة وإحداث مشاكل لها .
 
كيف تقيم مشاركة الأقباط بالمهجر في الحياة العامة بالمجتمعات الجديدة المقيمين فيها ؟
توجد إختلافات فردية في هذا الشأن. الأمر يعتمد على مدى إندماج الشخص في مجتمعه الجديد، فكلما كان أكثر إندماجاً كلما كان أكثر تفاعلاً معها وأكثر إسهاماً في تطويرها أيضاً، وأرى أن هناك إندماج وتفاعل جيد للأقباط بالمهجر مع المجتمعات المهاجرين إليها، وهناك علاقات جيدة مع الدوائر السياسية والأدارات المحلية ويظهر ذلك عند الحصول على بعض التراخيص والقرارت المتعلقة بالشئون الرعوية غير السياسية مثل: شراء كنيسة جديدة مثلاً، أو تأسيس مركز لتأهيل المدمنين، أو مركز لرعاية المسنين ...إلخ .
 
ما مقترحات نيافتكم لإدماج الأقباط بالمهجر في العملية السياسية المصرية ؟ وكيف تستغلهم الدولة لتكوين ظهير سياسي وإقتصادي لها في الخارج ؟ 
هذا السؤال يجاوب عنه السياسيون فأنا رجل دين وليست رجل سياسة .
 
هل يعتبر أقباط المهجر كتلة متجانسة إجتماعياً وسياسياً في كل مجتمع يتواجدون فيه ، أم أنهم يعيشون فرادي كل فرد أو اسرة أو جماعة حسب مصالحهم وتوجهاتهم وإمكاناتهم الإقتصادية والإجتماعية ؟
المصريون في مصر هم أنفسهم غير متجانسين إجتماعياً وسياسياً فثقافة أهل الصعيد مثلاً تختلف عن ثقافة سكان الوجه البحري، بالتالي لا يمكن أن نتوقع من أقباط المهجر التجانس فهم آتون من خلفيات إقتصادية وإجتماعية وثقافية وسياسية متنوعة من مصر، وبالطبع ينعكس ذلك على نمط العلاقات المكونة للشبكات الإجتماعية بينهم .
 
كيف ترى مستوى قدرة أقباط المهجر على التكيف مع المجتمعات الجديدة المختلفة عن مجتمعهم الأصلي ثقافياً وإجتماعياً وفي شتى أنماط الحياة اليومية ؟
بوجه عام يوجد أربعة أنماط لتفاعل المهاجر مع ثقافة بلد المهجر:
- الممتصون: هم الذين يتخلون بالتمام عن هويتهم المصرية وينتقدونها، ويكتسبون لأنفسهم الهوية الجديدة كاملة بكل ما فيها من مميزات وعيوب. وأغلب الذين ينتمون لتلك الفئة هم الأطفال والشباب.
 
- المنفرزون: هم الفئة المقابلة للممتصين، وهم يتمسكون بشدة بثقافتهم المصرية ويرفضون رفضاً باتاً الثقافة الجديدة بما فيها مميزاتها وينتقدونها على الرغم من انتقالهم للعيش فيها. أغلب أولئك هم الآباء والأمهات المتصلبون الذين يتصارعون مع أبنائهم متمسكين بشدة بالهوية المصرية كاملة.
 
- المهمشون: وهم من فقدوا الاهتمام بكل من ثقافتهم الأصلية وثقافة البلد التي هاجروا إليها، إنهم مهاجرون تعساء قابعون في "مرحلة الخصومة" لديهم مشاكل في كل من وطنهم الأم وبلد المهجر، يؤدي ذلك بالطبع إلى تكون هوية مشوشة لديهم تعرضهم للعديد من المشاكل النفسية والقانونية. 
 
- الدامجون: وهم من يعتنون فى آن واحد بالحفاظ على مكتسباتهم من ثقافتهم الأم وبالتفاعل الإيجابي مع الثقافة الجديدة الخاصة ببلد المهجر، إنهم يغربلون الثقافتين بعناية وتمييز ليحتفظوا لأنفسهم بأفضل ما فيهما ويتخلون عن سلبياتهما، يكون أولئك أكثر المهاجرين نجاحاً في حياتهم، كما أنهم يكونون أكثر المهاجرين إسهاماً في دعم كل من ثقافتهم الأم وثقافة البلد المهاجرين أليها. 
 
هل ترى نيافتكم تغير في مستوى التفاعل والتكيف مع الثقافة الجديدة بين الجيل الأول والأجيال اللاحقة للمهاجرين ؟ 
ليست المسألة مسألة جيل بل هى اختلاف فردي شخصي. فيوجد أفراد من الجيل الأول متكيفون ومندمجون بدرجة عالية مع ثقافة بلد المهجر بينما قد يوجد من هم من الجيل الثاني والثالث غير القادرين على التكيف والإندماج.
 
كيف تقيم نيافتكم مستوى إرتباط الجيل الثاني بالمهجر بوطنه الأم وكنيسته القبطية؟ وهل تتوقع ذوبان كامل للأجيال اللاحقة لأقباط المهجر في المجتمعات الجديدة ؟
يعتمد ذلك على نمط تكيف الوالدين فلو كان الوالدان من النوع المنفرز شديد التمسك بالهوية المصرية بلا مرونة، يأخذ الأبناء رد فعل عكسي متطرف حتى يحقق ذاته ويتعايش مع ثقافة بلد المهجر وبالتالي يكتسب لنفسه نمط "الممتصون"، حيث يكتسب كل ما يخص ثقافة بلد المهجر بدون إفراز أو غربلة ويذوب ذوبان كامل فيها وتنقطع صلته بجذوره الأصلية، أما لو كان الآباء من النوع المرن المتكيف الذي اكتسب نمط "المندمجون" ففي الغالب يكون أبناؤهم مندمجين أيضاً حيث يكتسبون أفضل ما في الثقافتين ويحافظون على الروابط مع بلدهم الأم، وأود أن أضيف هنا أن الجيل الثالث وضعه مختلف، فهو أكثر حظاً لأنه لا يتعين عليه الدخول في الصراع على تحديد هويته وبالتالي يكون أكثر استرخاءً ورغبة في الحديث عن أجداده والتواصل مع جذوره الأولى في وطن آبائه وأجداده .
 
هل ترى أن الأجيال اللاحقة لأقباط المهجر ستمثل إمتداد للهوية القبطية ومركز ثقل يخدم القضية القبطية خاصاً والمصرية عاماً ؟ أم ستتبدد تلك الثروة البشرية المتميزة بعد إنتهاء رسالة الجيل الأول والثاني ؟
يعتمد ذلك على مدى تبنيهم لنمط التكيف "المندمجون". فكلما اكتسبوا هذا النمط كلما كانوا أكثر تفاعلاً واهتماماً بقضايا وطنهم الأم ، وسيكون هناك أجيال متكيفة وفاعلة في المجتمعات الجديدة من جهة ومن جهة أخرى تمثل إمتداد ثري لوطنهم الأم وهويتهم الأصلية .
 
ما موقف الكنيسة من هجرة الأقباط للخارج؟ وهل تؤثر هجرة الأقباط على تمثيلهم الديموغرافي داخل المجتمع المصري ؟
توجد إختلافات فردية وظروف كل حالة تختلف عن الأخرى، فقد تكون الهجرة مفيدة للبعض وغير ملائمة للبعض الآخر، بالتالي يختلف الإرشاد والنصح من فرد لآخر، ولا أعتقد أن هجرة الأقباط تؤثر في تمثيلهم الديموغرافى في مصر فالزيادة السكانية لدى المصريين بوجه عام مطردة ونسبة الأقباط المهاجرين بالنسبة للمقيمين في مصر هى نسبة أقل من أن تحدث هذا التأثير.
 
هل هناك دور للكنيسة في ربط الأجيال اللاحقة لأقباط المهجر بوطنهم الأم ؟ وماهى أحدث الآليات التي تلجأ إليها الكنيسة ( أو ستلجأ إليها قريباً ) في تحقيق ذلك الهدف؟
 
تنظم الكنيسة القبطية في المهجر الرحلات لمصر لزيارة الأماكن الدينية والسياحية، كما تقوم بعمل تبادل طلابي ثقافي، وترسل قوافل طبية، وتؤسس مؤسسات تهتم بخدمة القرى وخدمة المحتاجين وخدمة الإغاثة في وقت الأزمات والكوارث في مصر.  
 
أما الكنيسة الأم في مصر فهي تنظم مؤتمراً سنوياً لأبناء المهجر ينعقد في مصر وتحضره وفود مختلفة من أبناء المهجر من بلاد متنوعة، كما أنها حريصة على اشتراك أبناء المهجر في مهرجان الكرازة، وخصصت متحدثاً إعلامياً رسمياً بإسم الكنيسة لنقل الأخبار الدقيقة الخاصة بالكنيسة للعالم كله، كما يقوم قداسة البابا تواضروس بالزيارات الرعوية لبلاد المهجر، وتسجيل كلمته لأبناء المهجر في كل عيد، كما يقوم أيضاً قداسته باستقبال بعض وفود الشباب القادمين من بلاد المهجر المختلفة لزيارة مصر حيث يستقبلهم قداسته بنفسه في الدير أو المقر البابوي يستمع لأسئلتهم ويرد عليها بكل اهتمام، وخصص قداسته أيضاً موقعاً إلكترونياً يستقبل عليه إستفسارات الشباب من مصر والعالم كله ويقوم بالرد عليها بنفسه، كذلك يقوم العديد من الآباء الأساقفة والكهنة في مصر بزيارة بلاد المهجر وإلقاء الكلمات في مؤتمرات الشباب ومؤتمرات الأسرة.
 
كيف تتفاعل الكنيسة إعلامياً مع الجيل الثاني والثالث لأقباط المهجر ؟ والذين لا يجيد أغلبيتهم اللغة العربية ؟ 
الكنيسة تهتم بعمل الترجمة جداً، أغلب الأخبار والبيانات والرسائل الرعوية تترجم، وأغلب الكتب الطقسية تمت ترجمتها إلى اللغات المختلفة وكذلك كتب التراث الآبائي، أيضاً مناهج مهرجان الكرازة مترجمة للغات عديدة، كذلك توجد قناة فضائية ناطقة باللغة الإنجليزية وهى CYC .
 
ما هى أبرز الأدوات الإعلامية التي تصدر عن أقباط المهجر وتشرف عليها الكنيسة ؟ وما موقف الكنيسة من بعض الفضائيات القبطية بالمهجر والتي يصطدم خطاب البعض منها مع توجهات الدولة المصرية ؟
تشرف الكنيسة على إصدار قناتان فضائيتان وهما Logos  و CYC ، وكل الفضائيات التي تشرف عليها الكنيسة تتبنى العمل الروحي وتلتزم بالنقد البناء دون تجريح أو إهانة، أما فيما يتعلق بالفضائيات الأخرى فهناك بعض المبادرات قد تكون جيدة طالما اتخذت خطاً إيجابياً واتبعت صوت التعقل وتحرت الدقة في التغطية. أما لو إنحرفت أهدافها وتحولت للإستفزاز والإثارة فإنها تكون بالطبع سلبية وذات تأثير ضار، وأقول أن بلاد المهجر تؤمن بثقافة الحرية في التعبير، وأي شخص يستطيع التعبير عن رأيه كما يشاء مهما كانت تلك الآراء صادمة ، ولا تستطيع الكنيسة فرض رأيها على أى قنوات غير خاضعة لإشرافها، ولكن أحب أن أؤكد على أن الكنيسة تنادي بإحترام الكل وبالنقد البناء دون تجريح أو إهانة .
 
هل هناك مواصفات خاصة لرسامة رجال الدين بالمهجر تختلف عن مواصفاتهم داخل مصر ؟ وكيف تقيم نيافتكم مستوى رجال الدين بالمهجر من حيث درجة التوافق مع طبيعة الخدمة في المجتمعات الجديدة ؟
الشروط الروحية الواجب توافرها في الكاهن لا تختلف من مكان لآخر لأنها من الثوابت، ما يختلف هو ضرورة توافر بعض الشروط التي تتناسب مع طبيعة الخدمة في المهجر مثل شرط إتقان اللغة، ومعرفة البيئة الثقافية للبلد الذي سيخدم فيها، والقدرة على التكيف مع هذه الثقافة، ودراية عامة بنظام التعليم والنظام السياسي والإجتماعي لهذا البلد، أما عن الكهنة في المهجر فأغلبهم متوافقون لكن إن حدث وأتى كاهن من مصر للخدمة في المهجر وكان يفتقد الصفات السابقة وعلى الأخص اللغة فعندئذ تحدث فجوة تحتاج إلى حلول .
الكلمات المتعلقة
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع