الأقباط متحدون - «منصة التحريض».. تقسيم مصر «بما لا يخالف شرع الله»
  • ٠٢:٤٢
  • الاثنين , ١٤ اغسطس ٢٠١٧
English version

«منصة التحريض».. تقسيم مصر «بما لا يخالف شرع الله»

أخبار مصرية | الوطن

٣٥: ٠٨ ص +03:00 EEST

الاثنين ١٤ اغسطس ٢٠١٧

قادة العنف من فوق منصة رابعة
قادة العنف من فوق منصة رابعة

«ماعنديش مانع مصر تبقى زى سوريا أو ليبيا، أو حتى تبقى كوم تراب، لكن المهم الحق يرجع لأصحابه»، جملة نطقها مدرس إخوانى، من محافظة الدقهلية، كان يجلس فى قلب خيمة صغيرة، بجوار جراج سيارات، يقع قرب «طيبة مول» بشارع النصر، فى قلب اعتصام رابعة العدوية الذى بدأ يوم 28 يونيو 2013. جملة «عادية» من وجهة نظر المدرس الإخوانى، ألقاها على مسامع محرر «الوطن» أثناء تغطية فعاليات الاعتصام، لكنها كانت تحمل فى طياتها نواة سرطان خبيث أصاب مصر بمضاعفات خطيرة، من أعمال تخريبية، وحرق كنائس وأقسام شرطة، وتفجيرات دائمة لا تتوقف، سرطان كان يحتاج عملية استئصال محفوفة بالمخاطر. المدرس الإخوانى تحدث مؤمناً باستخدام كل الوسائل الممكنة فى سبيل عودة الرئيس الإخوانى للحكم مرة أخرى، وكان يجلس برفقة أطفال جاءوا من نفس قريته مع ذويهم للمشاركة فى الاعتصام، وكان يتابع باهتمام بالغ خروجهم إلى بوابات الاعتصام ومشاركتهم فى لجان التفتيش، كانوا يرتدون زياً فوسفورياً موحداً، وخوذات بلاستيكية ضخمة على رؤوسهم الصغيرة، ويحملون فى أيديهم عصياً غليظة لحماية الميدان من الدخلاء.

لم يشفق والد الأطفال عليهم بسبب صغر سنهم ونعومة أظافرهم، ولم يخف عليهم من موجات الحر الشديدة وأشعة الشمس الحارقة، وكان يدفعهم دفعاً إلى «المهمة المقدسة»، وهى حماية الاعتصام.

مدرس إخوانى: «ماعنديش مانع مصر تبقى كوم تراب أو زى سوريا والعراق.. لكن الحق يرجع لأصحابه ومرسى يبقى رئيس تانى»

الخيمة كانت واحدة من ضمن مئات نصبها أعضاء الإخوان فى شوارع مدينة نصر، حيث كانت تقيم كل شعبة مكونة من أعضاء القرى المجاورة فى خيمة واحدة، ويقصد الخيام على مدار الأسبوع أعضاء الإخوان من نفس المراكز والقرى، لكن الحشد الأكبر كان يتم يوم الجمعة، كانوا يعتبرون انضمامهم إلى اعتصامى «رابعة والنهضة»، جهاداً فى سبيل الله، ودفاعاً عن الإسلام، وأن «مرسى» شخصية مقدسة، لا ينبغى الاقتراب منها، أو عزلها عن الحكم بعد انتخابه بصندوق الانتخابات، وفوزه بفارق بسيط، دون الاهتمام بحجم المعارضين الذين اتخذوا من ميدان التحرير مكاناً لهم.

وفقاً لمتابعة أحداث الاعتصام بشكل منتظم، لوحظ أن أعضاء تنظيم الإخوان كانوا يخططون للبقاء فى ميدان «رابعة» طويلاً، حيث قاموا بصب حواجز خرسانية فى مداخل الميدان لمنع قوات الشرطة من الدخول، ووضعوا ستائر من شكائر الرمل، بجوار إطارات السيارات القديمة، مع براميل بلاستيكية كثيرة، وكانت لجان حماية الميدان يجتمعون صباحاً ومساء فى طوابير منتظمة تشبه الطوابير العسكرية، وهم يرتدون خوذات بلاستيكية وفى أيديهم عصى طويلة وسميكة، واستبدل أعضاء تنظيم الإخوان الخيام القماشية بأخرى خشبية، مكونة من طابقين لاستيعاب أكبر قدر ممكن من الأعضاء، ومع الوقت توسع الإخوان فى إنشاء عدد من الشوادر الخشبية خارج بوابات الاعتصام، فى محاولة منهم لبسط نفوذهم على أكبر قدر ممكن من شارع «النصر» وعلى بعد أمتار قليلة من النصب التذكارى للجندى المجهول، بجانب شارع الطيران فى الاتجاهين، وتفننوا فى إنشاء مراكز مؤتمرات واجتماعات، كان يحاضر فيها قيادات الإخوان، وأتقن الإخوان تفتيش الزوار جيداً، وكانوا يمنعون بعض الصحفيين المصريين من تغطية الاعتصام، بل ويعتدون على مندوبى الصحف، لكنهم كانوا يفتحون ذراعيهم لمراسلى القنوات والصحف الأجنبية، فى الوقت الذى كانوا يحاولون فيه عمل دعاية للرئيس المعزول بطرق عديدة وحديثة، هذا يكتب «يا رب عاوز عروسة من رابعة، تحفظ كتاب الله وتطبقه، رقمى مع الدكتور مرسى»، وذاك يكتب على توك توك فى قلب الاعتصام «توك توك ضد الانقلاب»، وحاول آخرون استغلال صور جثث ضحايا الإخوان فى أحداث الحرس الجمهورى، لكسب تعاطف الآخرين والأجانب وفقاً لما كان يرويه زوار الميدان من السياسيين المستقلين.

«الشرعية» أكثر كلمة كان يرددها أعضاء تنظيم الإخوان فى الاعتصام، وكانوا يختصرونها فى عودة محمد مرسى للحكم، دون النظر إلى الانقسام الحاد الذى خلفته سياساته الإقصائية فى الإعلان الدستورى قبل نهاية عام 2012، التى كانت تراعى مصالح الإخوان فقط، بهدف السيطرة على كافة مفاصل الدولة وأخونة كل مؤسساتها، وكانت آراء معظم الخبراء السياسيين تتحدث عن ضرورة فض الاعتصام منعاً للفوضى وعدم معقولية قطع أوصال العاصمة باحتلال الميادين العامة حتى لو كان بغرض التظاهر السلمى، مع وجود شكوك تتعلق بانتفاء صفة السلمية عن تلك الاعتصامات بوجود أسلحة ومتفجرات، ورأوا أن ذلك الوضع يكرس للعشوائية والفوضى ويعوق جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية والإصلاح السياسى.

مجموعات مدربة تولت تأمين الاعتصام خلف حواجز رملية وخرسانية.. واستمرار الاعتصام وتوسعته استهدفا حدوث انقسام فى السلطة.. ومحاولات «كسب الأرض» بدأت بإنشاء شوادر خشبية خارج نطاق الاعتصام بالقرب من «النصب التذكارى للجندى المجهول» والإخوان كانوا يدفعون بأطفالهم لما يسمونه «المهمة المقدسة» لحماية الاعتصام

أثناء الاعتصام ناشد عدد كبير من المثقفين والسياسيين المستقلين معتصمى رابعة العدوية، إعادة التفكير فيما يحدث بعقل رشيد، مؤكدين أن رجوع محمد مرسى للحكم وهم كبير، بعد أن أصبح فعلاً ماضياً وانتهى، ووصفوا مشهد معتصمى رابعة بأنهم كالرهائن المحتجزين فى عملية إجرامية، فلا أحد يستطيع الخروج من الاعتصام، مؤكدين أنهم مع مبادرة الحوار مع من لم تمس أيديهم دماء المصريين، لأن من ساهم أو شارك فى قتل المصريين، لا يمكن الحوار معه فمن يتحاور معه القانون وأن معظم من فى رابعة مخدوعون ولا ذنب لهم، بحسب ما قاله أحمد بهاء الدين شعبان، أمين عام الحزب الاشتراكى المصرى وقتئذ.

لكن قيادات الإخوان كانوا يرون شيئاً واحداً فقط، وهو استمرار الاعتصام ومواجهة الدولة بكل الوسائل، حيث كان يشعل صفوت حجازى، وباقى قيادات الإخوان منصة الاعتصام الرئيسية بدعوات الجهاد والاستشهاد فى سبيل الله ومواجهة الدولة، وقبل فض الاعتصام بساعات قليلة قال «حجازى» بنبرة مرتفعة ممزوجة بالغضب «مئات الآلاف من المعتصمين يستعدون كل ليلة للاستشهاد فى سبيل الله، وحتى الذين يذهبون كل يوم إلى بيوتهم يتعمدون المجىء قبل صلاة الفجر للوقوف بصدورهم العارية ضد أى محاولة يحاولها الانقلابيون لفض الاعتصام».

مع مرور الوقت لم يتراجع الإخوان عن إنهاء الاعتصام والاستسلام لقرار العزل الذى وافقت عليه القوى السياسية فى مصر يوم 3 يوليو 2013، بل قاموا بتوسيع موقع الاعتصام الذى كان يعد نقطة انطلاق رئيسية لمظاهراتهم فى باقى شوارع شرق القاهرة، وكانت هذه المظاهرات تتسبب فى حدوث أزمات مرورية خانقة ومشاجرات ومشادات مع الأهالى المعارضين لهم فى مدينة نصر ووسط القاهرة، حينذاك كشف استطلاع للرأى أجراه مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، أن أغلب المصريين يريدون فض اعتصامى أنصار الرئيس السابق محمد مرسى برابعة العدوية وميدان النهضة، بشرط تقليل الخسائر وتجنب العنف قدر الإمكان، كما أشار التقرير إلى أن النسبة الأعلى من العينة اتفقت على أن الاعتصامين لم يتمتعا بالسلمية، حيث اتفق 30٪ من عينة الاستطلاع أن المعتصمين فى رابعة هم مرتكبو أعمال عنف وإرهاب، واتفق 27٪ على أن المتظاهرين بعضهم سلميون ولكن يوجد بينهم إرهابيون.

تقارير المنظمات الدولية التى هاجمت مصر بعد فض الاعتصام لم تعالج قضية رابعة بعيداً عن السياق الكامل للأحداث، حيث نظرت إلى الاعتصام من خلال يوم الفض فقط، ولم تأخذ فى الاعتبار العنف اللفظى الذى استخدمه الإخوان فى الصالة المغطاة باستاد القاهرة، وعلى منصة رابعة، بالإضافة إلى العنف المسلح تجاه بعض المواطنين خلال الاعتصام، لأن فكرة الفض السلمى لاعتصام رابعة عن طريق هزيمة المعتصمين معنوياً، والقضاء على أهدافهم من الاعتصام ليرحلوا بعد ذلك، لم تنجح بسبب تفاعل العديد من الأطراف الدولية مع الاعتصام، وكانت خطورة استمرار الاعتصام لأوقات أطول تكمن فى احتمالية اتخاذه ذريعة من جانب القوى الدولية للتدخل فى شئون مصر، وكانت هناك محاولة من الإخوان للإبقاء على اعتصام رابعة لإحداث انقسام بالسلطة بمصر، بحيث يكون هناك سلطتان متنازعتان، وبالتالى يعترف الغرب بسلطة موجودة، ويرفض السلطة القائمة، وفقاً لتصريحات الباحث والكاتب السياسى الدكتور عمار على حسن، التى أعقبت عملية الفض مباشرة.

ووفقاً لمصلحة الطب الشرعى فإن عدد الوفيات فى أحداث فض اعتصام رابعة العدوية بلغ 333 حالة، بينهم 247 حالة معلومة و52 مجهولة، و7 حالات من الشرطة، بينما بلغ إجمالى عدد الوفيات فى فض اعتصام النهضة 27 حالة، بينهم 20 حالة معلومة و5 حالات مجهولة، واتهم معارضو الإخوان قيادات التنظيم بالتسبب فى وقوع عدد كبير من الضحايا، لعدم استجابتهم لدعوات فض الاعتصام سلمياً وخاصة بعد تسرب موعد الفض، واتهامهم بدفع أعضاء التنظيم إلى مواجهة قوات الشرطة.

تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.