من الصدام للحكمة كيف أنقذ العالم
د. مينا ملاك عازر
٣١:
١٠
ص +02:00 EET
الجمعة ١٨ اغسطس ٢٠١٧
د. مينا ملاك عازر
في الوقت الذي كان العالم بأجمعه يستنشق رائحة الحرب، ونسيم الدماء يكم الأنوف، بل هي دخان الخراب يعبئ الأجواء ويعمي العيون، قبل أن يكون، وفي الوقت الذي كان حتى الأمريكيين يبحثون لأنفسهم عن منفذ أمل لينفذ منه لقلوبهم بأن ثمة فرصة لتبقى الحياة على الأرض أو يستبعدون الخيار الأكثر دموية والأشد تصادم بين الدولتين، الولايات المتحدة من ناحية وكوريا الشمالية من ناحية أخرى، وكل هذا كانوا مرتكزين فيه على الثلاث جنرالات الذين يحيطون بترامب باختياره وسط تخبط إدارته الفوضاوية، وهم الجنرال جيمس ماتيس وزير الدفاع الأمريكي والجنرال إتش. آر ماكمستر مستشار الأمن القومي والجنرال جون كيلى كبير موظفي البيت الأبيض الأمريكي والمعين حديثًا.
وهؤلاء الجنرالات الثلاثة يطلق عليهم ترامب لقب جنرالاتي، وهو التعبير الذي يقول زملاؤهم إنه يجعلهم غير مرتاحين، أقول كان أمل الأمريكيين مرتكز على الثلاث جنرالات سالفي الذكر حتى أن المؤرخ العسكري إليوت كوهين، وهو صديق للجنرالات الـ٣ يقول هؤلاء الرجال ناضجون وموجودون في مناصب كبيرة، والله وحده يعلم إلى أي مدى هذه الإدارة تحتاج إليهم.
هذا الشعور الذي لا يمكننا القطع بأنه موجود لدى الأمريكيين وحدهم، وإنما بشكل دقيق موجود لدى الكثير من حلفائهم، فالصين ذاتها التي لم تكن تعرف كيف ستتعامل مع ترامب بعد فوزه بالرئاسة، أصبحت مطمئنة لوجود هؤلاء الجنرالات الثلاثة هذا بحسب تصريحات أحد الدبلوماسيين الصينيين، وهو نفس ما ذهب إليه أحد السفراء لإحدى الدول الصديقة لأمريكا والقريب باتصالاته مع الإدارة الأمريكية بخصوص شأن كوريا الشمالية، لأن الجميع يرى في هؤلاء الجنرالات المزيج المنتظر من العقلانية والذكاء، أقول في الوقت الذي كان العالم كله يحبس أنفاسه ويترقب مواقف الجنرالات الثلاثة لينزعوا فتيل الأزمة نزع الرجل المتهم بالجنون والخطورة وهو زعيم كوريا الشمالية فتيل الأزمة بنفسه، حين أعلن توقف بلاده عن برامجها الرامية لضرب الأراضي الأمريكية يقصد جزيرة جوام، الأمريكية التي تبعد عن عاصمة بلاده بثلاث آلاف كيلومتر فقط ليس هذا فحسب الذي أنهى الأزمة لكن تلك التحية التي قام بها ترامب من حسابه على تويتر للخطوة التي اخذتها كورية الشمالية، فلم يتباها بقدرات بلاده الرادعة والتي أثنت كورية الشمالية، متحدياً إياها مما كان من الممكن استفزاز الكوريين الشماليين، لكنه كان سياسي رائع هو الآخر محيياً إياها وهو تصرف متوقع من ترامب الذي سبق وأن صرح منذ أشهر قليلة أنه على استعداد بأن يلتقي الزعيم الكوري الشمالي، وهي قمة السياسة والدبلوماسية والقدرة على المراوغة والتفاوض.
تحية للعقلاء على هذا الكوكب، وتحية للثلاث جنرالات، ونشكر الله الذي وقى الكوكب من حماقات بعض المتغطرسين.
المختصر المفيد أشكرك يا رب.