الأقباط متحدون - ثقافة الطائفية ومحنة الأقباط فى قرية الفرن!
  • ٠٢:٣٥
  • الثلاثاء , ٢٢ اغسطس ٢٠١٧
English version

ثقافة الطائفية ومحنة الأقباط فى قرية الفرن!

د. ماجد عزت اسرائيل

مساحة رأي

٤٨: ١١ ص +02:00 EET

الثلاثاء ٢٢ اغسطس ٢٠١٧

ثقافة الطائفية ومحنة الأقباط  فى  قرية الفرن!
ثقافة الطائفية ومحنة الأقباط فى قرية الفرن!

 د.ماجد عزت إسرائيل
        قرية الفرن إحدى قرى مركز أبوقرقاص التابع لمحافظة المنيا أحدى محافظات مصر، وتقع هذه المحاففظة فى جنوب مدينة القاهرة (عاصمة مصر)، ويحدها من الشمال محافظة بنى سويف وجنوبها محافظة أسيوط وشرقها نهر النيل وتمتد بنحو 135كم على هذا الساحل  والصحراء الشرقية وغربها الصحراء الغربية،وتبلغ مساحتها بنحو32279كم ،ويصل تعداد سكانها نحو خمس ملايين نسمه،ويرجع تسميتها بهذا الاسم نسبة إلى مرضعة الملك خوف مِنعه والتى  عرفت فى اللغة القبطية باسم منه وتعنى المنزل، ومن هذا الاسم اشتق اسم المدينة الحالى"المنيا "كما اشتهرت بعروس الصعيد، وتباركت هذه المدينة بزيارة العائلة المقدسة وتم تأسيس أول كنيسة بمنطقة جبل الطير، وكانت هذه الزيارة سبب بركة لشعب المنيا،ومن هنا تركز الأقباط فى شتى مراكز ومدن وقرى وعزب ونجوع المنيا،وشيدوا الآف الكنائس وبعض الأديرة،التى أصبحت مصدر من مصادر الدخل القومى للخزانة المصرية .

    على أية حال،ما حدث فى قرية الفرن بمركز أبوقرقاص فى 20 أغسطس 2017م فى أثنا الاحتفالات بأيام صوم السيدة العذراء، يعد نموذجاً لثقافة الطائفية  حيث قام الأمن بمنع أقباط القرية من دخول مبنى كنسي بأسم “السيدة العذراء” لحضور القداس الألهي، ومنع دخول القس بطرس عزيز كاهن كنيسة القرية الذى ظل خلف حواجز أمنية على مسافة بعيدة من المبنى الكنسي.قال أحد أقباط القرية:" نصلى بالمبنى الكنسي بالقرية منذ فترة طويلة دون اعتراض من أحد، ولكن فوجئنا فى السادسة من صباح اليوم بتطويق الأمن  للمبنى الكنسي ومنعنا من الدخول للصلاة ، وقام بوضع حواجز فى مدخل طريق القرية لمنع دخول الكاهن لترأس الصلاة " وأضاف القبطى قائلاً:" سئمنا من هذه التصرفات غير المفهومة وقمنا بالاحتجاج والاعتراض على هذة الاجراءات بأننا بدأنا نصلى أمامهم بالشارع ونصرخ “كيرليسون كيرليسون”، ففرق الأمن المصلين بالقوة لاجبارهم على العودة لمنازلهم وسط حالة هرج بالقرية وتأجيج مشاعر الجيران المسلمين ضدنا".

  وهنا نسجل أن الأقباط فى محافظة المنيا يعانون من التعصب الدينىمنذ سبعينات القرن المنصرم، بمنع بناء الكنائس وتغير اسماء بعص المدارس والشوارع التى كانت تحمل إسماء قبطية بإسماء أخرى،، بالإضافة لفساد المحليات وطائفيته كل ذلك دفعتهم للهجرة الإجبارية،وأصبح شعب المنيا القبطي فى شتات دول العالم نتيجة لثقافة الطائفية التى تنهش فى المحافظة،بالإضافة إلى العدالة الغائبة وأخرها مأساة سيدة القرم ونجلها والحكم على أربعة أطفال بتهمة إزدراء الأديان، الأطفال .

 وهنا نذكر على سبيل المثال وليس الحصر ما تعرض له أقباط مركز أبوقرقاص من هجوم استهدف الأقباط بشكل منظم من قبل جماعات العنف الديني الإسلامية طوال تسعينيات القرن العشرين، خصوصا قبل مراجعات بعض هذه الجماعات لمواقفها سنة 1997، فقد أصبح الأقباط هدفا من أجل إجبار النظام علي الرضوخ لطلباتها، وخاصة في محافظات المنيا وأسيوط وسوهاج وقنا بصعيد مصر، ووصل الأمر حد تطبيق الحدود على بعض الأقباط في مسجد الرحمن بأرض المولد بالمنيا، علي مرأى ومسمع من أجهزة الأمن من تعليق رؤوس الأقباط  علي أعمدة الإنارة بعد عمليات القتل، كما حدث بين عامي( 1992 و1994) في أبوقرقاص بالمنيا.

    ربما اعتقد أن هناك أيدى خفية وراء ثقافة الطائفية بمحافظة المنيا التى زادت حدتها منذ سبتمبر 2015م،وخاصة بعد قضية الصفر الشهير فى الثانوية العامة" للطالبة "مريم ملاك ذكرى تادرس" واليوم انتشرت عدوى بالمحافظة برفض تعين الأقباط بالمراكز القيادية، ونذكر على سبيل المثال رفض طالبات المدرسة الثانوية الفنية للبنات تعين السيدة "مرفت موسى سيفين " مديره ، ووصل الأمر لمظاهرة من البنات داخل المدرسة لرفض التعيين، وقد سبق لذات المديرة رفض طلاب مدرسة الصنايع بنين لتعينها، ولتبرير الموقف كالعادة اتهمت مرفت بإثارة الفتنة الطائفية بالمدينة،وتزامن مع هذا الحدث قضية الأطفال الأقباط بذات المدينة بتهمة ازدراء الأديان - ترجع أحداث القضية لشهر إبريل2015م، وحملت القضية رقم(19794 ) لسنة 2015، بعد أن قام أطفال تابعين للطائفة الإنجيلية، بتمثيل فيديو نحو 30 ثانية تنتقد تطرف تنظيم داعش.

  وهنا نذكر للتاريخ من أجل مصرناً الحبيبة، عندما تولى محمد علي باشا حكم البلاد (1805-1848م) احتفظ الأقباط بالمهام التقليدية التي كانوا يزاولونها ، وزادت مسئولياتهم التنفيذية بحكم زيادة أعباء دولة محمد علي فكان منهم مستشارون له وبعض كبار الموظفين، بل لقد أمر بإصلاح الكنائس وترميمها على نفقة الدولة واهتم بأمر التعليم في كتاتيب الأقباط. وعندما فرض محمد علي نظام "العونة" الذي يعني إسهام الفلاحين إجباريا في شق الترع والمصارف والقنوات استثنى منها سبع فئات من بينهم القسس والرهبان وخدم الكنائس.لأن هدف محمد على باشا بناء مصر الحديثة بأيدى أبنائها أقباطها ومسلميها، لأن الباشا ادرك أن ثقافة الطائفية لا تبنى الأمم، وهذا ما أكدته تقارير قناصل الدول الأوروبية وخاصة روسيا وبريطانيا عن وضع الأقباط زمن محمد على باشا والذى خلاصته"الأقباط الذين ظلوا على دينهم يكادوا جميعا يشتغلون في كل المصالح كتبة ومحاسبون ومنهم من تفرغ للزراعة، ولا توجد مضايقة بسبب عقيدتهم الدينية، ويؤدي الأقباط شعائرهم الدينية في حرية تامة، ولا فرق بينهم وبين المسلمين في أسلوب الحياة المنزلية والحقيقة أنه لا يوجد بلد أكثر تسامحا من مصر".

  لحل مشكلة ثقافة الطائفية بمحافظة المنيا، لابد من معالجة الطائفية من جذورها وتطهيرها واعتقد من الممكن تقسيم محافظة المنيا من الناحية الإدارية ـ لا اتحدث هنا عن التقسيم الدينى  أنما نتحدث عن التقسيم الإدارى ـ إلى محافظتين ،وتقسيم المراكز التابعة لهما، مع تعين محافظين وروساء مراكز مشهود لهم بالخبرة فى مثل هذه الأمور، وتطهير المحليات من فساد التعصب والطائفية، وتنفيذ القانون على الجميع دون تفرقه أو تميز، ولا نسمح بالجلسات العرفية لحل المشاكل الطائفية ،ومنح مساحة متساوية فى تولى الوظائف السيادية بالمحافظة،ومعالجة الخطاب الدينى، وأستغلال وسائل الأعلام بشتى أنواعها فى نشر الثقافة التى تدعو إلى نمو الشعور القومى ،الذى هدفه فى النهاية بناء مصر الحديثة.

  وأخيراً،نرى أن بالحكمة وبالمحبة وبالسلام يذوب كوم الثلج، وبالعقل تحل كل المشاكل ويعود النفع على الجميع وننقل للعالم صورة جميلة مشرفة عن مصرنا الحبيبة؛ بدلاً من صور الشرطة وهى تمنع الشعب وكاهنه من دخول الكنيسة بحجة عدم وجود تصريح، فلجأوا للصلاة فى الشارع  - والشارع ملكية عامة للجميع -هل هذا الأمن يساعد رئيس الجمهورية، بالطبع لا، وأنا اعتقد أن الرئيس عبد الفتاح  السيسى  لا يوافق على مثل  هذه  الأمور – نريد محبة وسلام لشعب قرية الفرن بالعودة للصلاة بكنيستهم حمى الله مصر من شر كل الحاقدين ومثيرى الطائفية.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع