مشاهد من العصور الوسطى (2)
مقالات مختارة | بقلم : د. عماد جاد
الثلاثاء ٢٢ اغسطس ٢٠١٧
على الرغم من أن الغالبية الساحقة من المصريين ينتمون إلى أصل عرقى واحد، وأن الدستور المصرى منذ دستور 1923 ينص صراحة على المساواة بين المواطنين أمام القانون وألا تمييز بينهم بسبب الأصل أو العرق أو اللغة أو الدين، فإن الواقع المصرى يقول بغير ذلك، بل إن ما يُمارَس اليوم من تمييز بين المصريين على أساس الدين والطائفة بات يجرح وجه مصر ويشوه صورتها فى العالم ويجعلها من الدول المصدّرة للدواعش فكراً وبشراً، فما نحصده اليوم من ثمار مُرّة تتمثل فى انتشار الفكر المتشدد وصولاً إلى اعتناق البعض للفكر الداعشى إنما هو نتاج ما زرعه النظام المصرى على يد السادات منذ بداية السبعينات، وما نشره من فكر متطرف ومتشدد وتشويه للآخر عبر وسائل إعلام الدولة ومنابر المساجد وكتب صفراء أعيد طباعتها بكثافة حتى وصلنا إلى مرحلة عشّش فيها هذا الفكر فى مؤسسات الدولة المصرية لا سيما الأجهزة التنفيذية والبيروقراطية، فالجميع يعلم تماماً أن هناك أجهزة سيادية حساسة يُمنع المصريون الأقباط من دخولها، وهو مؤشر جلى على تمييز الدولة المصرية بين مواطنيها على أساس الدين. كما أن ما يحدث من تضييق على بناء وإصلاح وترميم الكنائس أمر غير مقبول ويمثل إهانة لنا كمصريين، إننى شخصياً مع حرية الرأى والاعتقاد بشكل مطلق كما ينص دستورنا الحالى، ولكننى أيضاً مع حرية ممارسة الشعائر بشكل مطلق وليس لأتباع الديانات الإبراهيمية كما ينص دستورنا، فمن حق كل إنسان أن يعتنق ما يشاء ويصلى لربه أو إلهه بالطريقة التى يعتقد فيها. الفيصل هنا هو عدم الإزعاج وعدم تعطيل المنشآت أو تعطيل العمل أو الإساءة لغيره، فيما عدا ذلك فليس من حق الدولة إطلاقاً أن تتبنى ديناً أو طائفة وإلا أصبحت دولة دينية، فالدول الدينية مثل السعودية وإيران وإسرائيل هى التى تتبنى ديناً أو طائفة وتميزها على غيرها من الأديان والطوائف وتمنع مواطنيها من الإيمان بدين آخر أو طائفة أخرى.. باختصار، لا تقف على مسافة واحدة من كافة الأديان.