الأقباط متحدون - شيخ التكفير شكري مصطفى
  • ٢٢:٢٠
  • الأحد , ٢٧ اغسطس ٢٠١٧
English version

شيخ التكفير شكري مصطفى

مقالات مختارة | بقلم :ماهر فرغلي

٤٥: ٠١ م +02:00 EET

الأحد ٢٧ اغسطس ٢٠١٧

ماهر فرغلي
ماهر فرغلي

 حكى لي أحد رفقاء شكري مصطفى، مؤسس التكفير والهجرة، أنه كان دائم الانزواء، يكره الناس، ناقماً على كل مجتمعه لأنه تعرض لصدمة اجتماعية خطيرة، ألا وهى زواج أبيه (العمدة) من راقصة من مدينة أبى قرقاص.

ولد شكري بقرية أبو خرص، مركز أبو تيج، محافظة أسيوط عام1942، كان أبوه عمدة القرية، لكنه انفصل عن أمه وهو صغير، وتزوج راقصة من مدينة أبو قرقاص بالمنيا، وكانت هي الصدمة الكبيرة جدًا في حياته، التي جعلته يعيش طوال الوقت منزويًا، يخشى أعين الناس في ذلك المجتمع الصعيدي، التي كانت مثل هذه الأمور فارقة لديه، بل وكانت سببًا رئيسيًا فيما بعد في كفره بالمجتمع، وتحوله لفكر الخوارج.
 
عاش شكرى مع زوج أمه وكان رجلا قاسيًا، وتنقل ما بين محافظة سوهاج ومدينة أبى قرقاص، ومحافظة أسيوط، التى التحق فيها بكلية الزراعة، وهناك التقى بالشاب محمود منيب بمسجد الجمعية الشرعية، وكان هذا الشاب يعمل موظفًا بالجامعة، وفى هذه الآونة أحب شابة وأراد أن يتزوجها من أسيوط، وأقنعه صديقه بالزواج منها، كما دفعه للذهاب مرة أو مرتين إلى مقر جماعة الإخوان، التي كان ينتمي لها.
 
تم القبض على محمود منيب بسبب انتمائه لتنظيم الإخوان، لكنه مات في التعذيب ولم يعترف بشيء، وبحث الأمن عن كل أصدقاء الشاب الإخوانى ليدلوا بأية معلومات، وكان منهم شكري، وعذبوه تعذيبًا بشعًا، وكان لا يعرف أى شيء عن جماعة الإخوان بالفعل.
 
فقد شكري صديقه الوحيد محمود منيب في سجون ناصر، كما فقد حريته أيضًا، وفقد حبيبته التى كان يريد أن يتزوجها، وأصبح من تلك الشريحة التى يطلق عليها صغار المعتقلين في السجون.
 
وجد بغيته في صديق آخر، وهو طه السماوي، الذي كان في مثل سنه، واعتنق ذات الأفكار لظروف مشابهة، كانا يتحدثان معًا باللغة العربية الفصحى، يستثير ذلك معتقلي الإخوان فيضحكون عليهما، ومرة على مرة ازداد حنقهما على الجماعة، وكرها رؤية أي أحد من أتباعها، في ذات الوقت الذي كرها فيه العساكر والشرطة، لأن مصلحة السجون منعت عنهما المصاحف في بداية الاعتقالات، تحت خطة (وجود المصاحف يرفع معنويات المسجونين).
 
السماوي قال إن من يمنع المصاحف مرتد، ووقف شكري لمأمور السجن بكل شجاعة وقال له: أنت كافر.
من يريد أن يعرف لماذا أصبح شكرى زعيمًا للتكفير، فليفتش عن القسوة والاحتقار، قسوة والده على أمه وضربها أمامه مرات ومرات، ثم زواجه من راقصة، واحتقار الأهالي له، ثم احتقار جماعة الإخوان له داخل السجون.
 
كان شكري يريد أن يشعر بذاته ويحس بكرامته، لكنه كان لا شيء في عيون قادة وأفراد الإخوان في السجون، هكذا هم كانوا يرونه ليس تابعًا لهم من البداية، كما أنه صغيرًا في السن عنهم، لذا فقد كان يمقتهم ويريد نسف تلك الجماعة التي لا تراه ولا تشعر به مطلقًا، رغم أن والده لم يزره في السجن، ولا والدته التي أجبرها زوجها على نسيان أول أولادها.
 
في هذه الأثناء بدأ شكري يصلى بمفرده هو والسماوي ويعتزلان جماعة الإخوان بسجن طرة، ولما قبلهما الشيخ على عبده إسماعيل قالا له: إنهم مرتدون وكفرة.
 
كان إذا رأى رؤيا أو حلماً سرعان ما يتحقق، فأغواه ذلك أن يتصور أنه منصور من قبل الله، وأوصلته نفسه إلى أنه (مهدي هذه الأمة).
 
قال الزعفراني: كنا نجلس على كورنيش النيل أنا وهو ذات يوم، فمر (ماعز) أمامنا وأحدث صوتًا عاليًا، فشتمه شكري وقال له (دوشتنا)، فرد عليه خالد وقال له: لعل يرحب بنا، وعلى الفور رد شكري قائلاً: يا ليت لي نفس مستبشرة مثلك.. أنا نفسي يائسة.
 
فشل شكري في إكمال تعليمه على الوجه الأكمل، ولما اعتنق أفكار التكفير ألف كراسة تحدثت أن هذه الأمة أمية، وأن التعليم في المدارس حرام.
 
كان يتحدث أن الحروب المقبلة ستكون بالسيف بعد دمار كل الأسلحة الحديثة، وأن مساجد الأمة كلها ضرار، فكان يعقد دروسه في منازل وشقق مفروشة، وهناك يقوم بتزويج الرجال والنساء المنضمين للجماعة بنفسه، وبعضهن قد هربت من زوجها دون طلاق.
وكتب عن محبوبته التى فقدها قائلاً:
أمات لي الصبر لولا الصبر ذكراك   وشفني البعد عن أيام مغناكِ
 
تسلو القلوب فطول العهد مسلية   وما فؤادي بطول العهد يسلاكِ
 
أقول للنفس إن همت بتعزية   لا كنت مني إذا ما الدهر عزاكِ
 
رغم أنه كان شاعرًا من الوزن الثقيل، إلا أنه لم يكن مقنعًا لأتباعه، لكنه وفق خالد الزعفرانى فإنه كان يستخدم حيلة الإيحاء، ويقول لمن يناقشه أنا معي مئات الأدلة.
 
نجح حسن الهلاوى في هزيمته فكريًا، كما نجح الشيخ الذهبي في ذلك، وأدى انهيار التنظيم وانشقاق المئات منه مرة واحدة، إلى وصول شكري لحالة نفسية عصبية وصفها من رأوه انه كان مجنوناًن فأصدر أمراً بقتل أي منشق، فقتلوا حمدي بكر، وقطب سيد، من أتباعه، وأصدر أمرا بخطف الذهبي، وحكى أحد أتباعه أن شكرى كان في أحد الشقق المفروشة وحوله أتباعه، صمت دقائق ثم رفع رأسه، وأشار بأصبعه ونطق بكلمة واحدة قائلا: (قضى الأمر اقتلوه) وعلى الفور تحرك فريق الخاطفين إلى مكان وجود الشيخ وقتلوه باستخدام مسدس كاتم للصوت على يد ضابط شرطة سابق اسمه أحمد طارق عبد العليم.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع