رفعت السعيد وفضح أهل التشدد
مدحت بشاي
١٦:
٠٣
م +02:00 EET
الأحد ٢٧ اغسطس ٢٠١٧
كتب : مدحت بشاي
برحيل المؤرخ والمفكر المصري د. رفعت السعيد افتقدنا نموذجًا رائعاً وفريداً للسياسي المثقف المستنير ، القادر والجاهز دوماً للقراءة الواقعية للمشهد السياسي وطرح رؤى وطنية وقومية لمستقبل البلاد والعباد دون مزايدات حنجورية لزوم رجال المناسبات والمواقف التاريخية عبر إطلاق شعارات استهلاكية ..
رفعت السعيد، هو صاحب مقولة التأسلم السياسي، كونه مخترعا له، ورآه المسمى الأمثل لتلك الجماعات التكفيرية، موضحا أن التأسلم السياسي هي على صيغة استفعل، وهي بالمبالغة والادعاء والافتعال، خاصة ان التأسلم السياسي يختلف فى طياته اختلافا كبيرا عن مصطلح الإسلام السياسي، خاصة أن التأسلم فيه كذب ونفاق، وادعاء، ومن ثم بلغتها اللغوية التي اتبعها «رفعت»، فى الكشف عن البعد الفكري، لجماعات الإسلام السياسي، والإخوان المسلمين، وما شابه ذلك من تيارات ذات مرجعية دينية.
وأستأذن قارئ موقعنا الالكتروني الرائع " المصريون متحدون " لعرض جانب من فقرات وردت في مقال رائع لمفكرنا أراها خير شاهد ودليل على روعة المنهج الموضوعي في تناول قضايا الوطن دون فذلكات فوقية .. جاء في مقاله المنشور بجريدة " الأهالي " لسان حال حزبه اليساري في 22/4/1992..
.. كتب " لعلي لا أثقل مرة أخرى على وزير التعليم ، ولكن يبدو أنه قد تلقى تركة مثقلة تسلل إليها المتطرفون بحيث جعلوها أداة من أدوات نشر التطرف ، بما يذكرنا بسيطرة المتطرفين على جهاز التعليم في اليمن ، الأمر الذي وضع اليمن كله في موضع صعب ، والموضوع مثير للدهشة والغضب معاً ، ويمس أعمق مشاعر الإخوة المسيحيين لأنه وببساطة يتطاول على معتقدهم الديني ..." .
ويستطرد السعيد " لست أدري أية مصلحة لأحد عاقل رسائل عديدة بعضها يحمل قصاصات من جريدة " وطني " والبعض الآخر يبث همومه المباشرة في ذلك ، اللهم إلا إذا كان يخطط وبوعي لإشعال نيران الفتنة في هذا البلد ، وفجأة انهالت عندما يواجه ابنه الطالب بكلية التربية جامعة أسيوط فرع سوهاج بأنه مطلوب منه أن يستذكر وأن يمتحن في كتاب يتهجم وبضراوة غير مبررة على الديانة المسيحية ولا يتبقى إلا أن يُطلب منه أن يجيب عن سؤال من نوع " اذكر كيف تحولت المسيحية إلى ديانة وثنية ؟ " أي عبث هذا ؟ بل أي جنون ؟ ولنقل بصراحة أي ضعف هذا الذي يغلف حكومة الدكتور عاطف صدقي .. ؟ تلك الحكومة التي احتملنا منها الكثير ـ الفقر والتبعية والفساد .. لن نحتمل منها ، ولن نغفر لها هذا الضعف المشين إزاء التطرف والمتطرفين الذين يسوقون الوطن بأكمله نحو كارثة محققة ، ويدفعونه دفعاً إلى الاشتعال بنيران الفتنة الطائفية ، ولست أدري كيف أبدأ ؟.."
ثم يقدم الكاتب مستنده ، قائلاً :
فقط سأورد فقرات غير عاقلة وغير معقولة من كتاب عنوانه " محاضرات وبحوث في أصول التربية " الفرقة الثالثة ـ إعداد قسم أصول التربية ، لنقرأ هذه الفقرات ولنر أثرها على نفسية طالب مسيحي ، ولنر أثرها على مواطنين شركاء في ملكية هذا الوطن ترابه وتراثه وتاريخه ومستقبله ، لنقرأ لندرك أن أصحاب هذا الكتاب .. من قسم أصول التربية .. يستحقون هم أنفسهم درساً في التربية ، فأية تربية هذه التي تمزق الطلبة إلى مسلم ومسيحي ، والتي تمزق المسيحي وتضعه في موضع الممتهن ، وماذا سيحل بنا إذا تخرج في قسم التربية مدرسون يمتلكون " تربية " تشبه " تربية " أساتذتهم فيعيثون في الوطن تمزيقاً وتطرفاً .
يا دكتور عاطف صدقي أقرأ معي ، وانظر ماذا أوصلنا إليه ضعف حكومتك ..
.. " المسيحية تقوم على اليهودية ، واليهودية ليست ديناً " ص 15
.. " أن المسيح قد لا يكون له وجود على الإطلاق " ص 86
.. " المسيحية طُعمت بالوثنية " ص 18
.. " المسيحية تأثرت في الفكرة الإلهية بالثالوث المقدس عند قدماء المصريين وبالثالوث الهندي " ص 19
.. " بولس الرسول تظاهر بالنصرانية لتحريف المسيحية " ص 19
.. " المسيحية تم فيها عبث بشري جعلها توليفة يهودية وثنية " ص 78
وهكذا تمتد عشرات الفقرات لتتطاول على ديانات سماوية ، وكأن المسلم لا يكون مسلماً حقاً إلا إذا أهان وامتهن الديانات الأخرى ، بينما صحيح الإسلام يقوم على الاعتراف بالديانات السماوية وعلى احترامها .
رحم الله الكاتب والاحث الوطني النبيل ، وياليت مؤسساتنا الإعلامية والتعليمية والثقافية تُعيد نشر مؤلفاته الهامة وتلك القراءة الواعية لواقع مؤلم نبه إليه الرجل باستشراف باحث محايد موضوعي ..