"فاليرينا"
د. جون مجدى
الأحد ٢٧ اغسطس ٢٠١٧
عندما كانت في ال 17 عشر من عمرها , رأها سياسي عجوز ذات سلطة فأغرم بجمالها و افتتن بها و طلب أن يتزوجها .. فرفضت
فقام بإظهار نفوذه و أذى أسرتها حتي تخضع له فواقفت و هى مكسورة تزوجها و عاملها أسوء من العبدة قضت أيام شبابها في حالة ذل و إهانة
و في يوم أخبرته أنها حبلي فجن جنونه و ضربها بإفتراء و طردها سارت في الشوارع لا تعرف أين تذهب صارت تأكل من القمامة و تنام على الأرصفة حتى حان الوقت لأن تلد و لم يكن أحد معها استلقت على الأرض و جسدها يرتعش درجة الحرارة كانت 2 تحت الصفر و صارت تصرخ و لا أحد يسمع كل العابرين بجانبها خافوا أن تكون مريضة بمرض ما الكل تركها
زاد نبضها و ضغطها بشدة و بدأت تنزف و أحست بأنها تموت و بعدما فاقت وجدت الجنين ملقي بين رجليها و هو ميت لم تبكي و لم تصرخ و لكن ظلت ساعات على هذا الوضع و هى تنظر إلي جنينها الملقى على الأرض الذي رفضه العالم حتى من قبل أن يأتي و انطفأت روحها فالرينا لم تعد حزينة لم تعد مكسورة و لم تعد يائسة إنما صارت منطفئة منطفئة تماماً لم تعد تنتظر شيئاً
لم يعد لديها شغف نحو شئ صارت في حالة لا مبالاة و مرت عليها ثلاث سنوات و في يوم من الأيام و هى جالسة في الشارع رأت طفلاً صغيراً فجأة ترك يد والديه و جرى في منتصف الطريق ورأت عربية تسير بسرعة كبيرة تتجه نحوه من دون أن تفكر جرت نحوه و دفعته بعيداً و اصطدمت السيارة بها بدلاً من الطفل فنقولها للمستشفي سريعاً و كانت قد نزفت دماءاً كثيرة و بعد يومين فاقت
و سألت عن الطفل و أخبروها أنه بخير و لم يُصاب و حضر والدي الطفل ليزوراها في المستشفي و هم عاجزين عن الشكر لما فعلته مضحيةً بنفسها لتنقذ ابنهما فأخبرها والد الطفل أنها مهما طلبت سوف يفعل لها فلم تطلب شيئاً سألها عن أسرتها و زوجها فقالت له ليس ليَّ أحد
فقال لها أرجوكي اتوسل إليكي دعيني أفعل أى شئ لأجل , أنا غني جداً مهما طلبتي سأفعل أرجوكي لا تردي طلبي هنا ابتدت روح فاليرينا تتحرك بعد رقاد فقالت له حسناً : عشت سنوات في الشارع و رأيت رجالاً و نساءاً و أطفالاً ينامون في الشوارع و ليس لهم أحد أو موضع (( اشتري قطعة أرض و أبني عليها دار لإيواء هؤلاء الذي ليس لهم أحد أو موضع )) و في الحال أجرى اتصالاته و في خلال شهور قليلة بني لها صرح عظيم دعاه "فاليرينا"
و دعوا في هذا الصرح كل من ليس أحد أن يذكرهم و ابتدأت فاليرينا بنفسها تخدمهم و تساعد في تحضير طعاماً لهم و ترتب غرفهم و قبل كل شئ صارت ام و صديقة لهم و أعطتهم الحب الذي فقدته لزمان طويل صارت التبرعات تنهال علي دار فالرينا فقامت فالرينا بإفتتاح دور كثيرة في مواضع كثيرة أصبحت تسافر بلاد كثيرة و تخدم كل من ليس لهم أحد أن يذكرهم و عادت روحها تشتعل من جديد مشتعلة بالحب و البذل و العطاء لكل محتاج تقابله و في أحد الأيام عادت إلي دار فالرينا القديم و كان يوم شتاء شديد و كانت تشرب قهوة في غرفتها حين لفت نظرها رجل عجوز يرتجف تحت المطر أمام الدار
فتركت كل شئ و نزلت تجري و خلعت روبها و وضعته عليه أما هو فكان يهذي بكلام غير مفهوم و يبعدها عنه و يصرخ لا لا و لكنها لم تتركه و أخذته داخل الدار و جففت ثيابه و أحضرت له طعام ليأكل و جلست بجانبه فوجدته لا يأكل و الدموع تتساقط في طبقه فأقتربت منه و هى تحتضنه و تطبطب عليه و بكت لأجل بكاءه و قالت له لما تبكي ؟! فكان يئن من البكاء و يجهش كالطفل فأجابها : أنا صنعت بكي كل الشر و كسرتك و أضعت أفضل سنين عمرك و طردتك و أطفئت روحك و اليوم انتي تصنعين بي الخير حينها علمت فالرينا أنه زوجها القديم و لكنها لم تبدي أى إنزعاج أو ضيق أو غضب و لكنها قالت له كلمة واحدة فقط : أسامحك و ما كنت استطع أن أسامحك لولا أنني سامحت نفسي أولاً و تصالحت معها اعتبر هذا المكان دارك و أنا سوف أخدمك كيفما تشاء و اتمنى أن تسامح نفسك أنت آيضاً و تتصالح معها ثم ابتسمت له فالرينا و طلب منه أن يأكل ثم ساعدته أن يصعد إلي غرفته و رتبتها له بنفسها ثم قالت له : ليلة سعيدة و لم تتركه إلا حينما تأكدت أنه نام و ارتاح ثم أطفأت النور و أضيئت روحها كاملةً في تلك الليلة تحديداً أحست فالرينا أنها قد ملكت العالم كله و قد تحررت بالكامل...