عيد الأضحى في الكتاب المقدس!!
إيهاب شاكر
٥٦:
١١
ص +02:00 EET
الخميس ٣١ اغسطس ٢٠١٧
إيهاب شاكر
في البداية أحب أن أهنيء كل إخوتي المسلمين، فكل عام وأنتم بخير، أعاده الله على بلدنا بالسلام والهدوء والبركات، وأصلي من كل قلبي أن يأتي العيد في العام القادم، وتكون مصرنا جميعاً، قد استقرت أوضاعها لما فيه الخير لكل المصريين، وأن يكون الجميع"خصوصا الشرفاء، والذين يريدون خير هذا البلد" بخير وسلام وطمأنينة.
وبمناسبة هذا العيد، وأيضا ما نشرته جريدة اليوم السابع على موقعها الإلكتروني في وقت سابق تحت عنوان:" ننشر شروط ذبح الأضحية: أن تكون سليمة من العيوب" أحب أن أشارك بخصوص هذا الموضوع، وأوضح ما يخصه في المسيحية، نعم فالموضوع له أصل في الكتاب المقدس.
جاء في المقال تحت عنوان ما هي الأضحية"الأضحية هي ما يذكى تقربا إلى الله تعالى..... والأضحية المقصود بها شكر الله تعالى على نعمة الحياة"
وهذا ما جاء في سفر يشوع أصحاح 22 وعدد 29 "حَاشَا لَنَا مِنْهُ أَنْ نَتَمَرَّدَ عَلَى الرَّبِّ وَنَرْجعَ الْيَوْمَ عَنِ الرَّبِّ لِبِنَاءِ مَذْبَحٍ لِلْمُحْرَقَةِ أَوِ التَّقْدِمَةِ أَوِ الذَّبِيحَةِ، عَدَا مَذْبَحِ الرَّبِّ إِلهِنَا الَّذِي هُوَ قُدَّامَ مَسْكَنِهِ" فالذبيحة أو الضحية أو الأضحية في العهد القديم كانت للتقرب لله، ولكن لأن خطية الإنسان وخطاياه تفصله عن الله، فكانت الذبيحة أو الأضحية هي ليست مجرد طقس، بل تعبر عن فداء الإنسان، ولأنه ليس من المعقول أن يُفدى الإنسان، الذي هو على صورة الله، والذي هو رأس الخليقة وتاجها والوكيل عليها، ليس من المعقول أن يُفدى بحيوان، كانت هذه الأضحية هي مجرد رمز لحمل الله الذي يرفع خطايا العالم، شخص المسيح، له كل المجد.
وتحت عنوان الشروط العامة للأضحية جاء:" وللأضحية شروط عامة خاصة تشملها وتشمل غيرها من الذبائح، فأما الشروط العامة: أن يكون الحيوان حيا وقت الذبح، وأن يكون زهوق روحه بمحض الذبح، فلو اجتمع الذبح مع سبب آخر للموت يُغَلب المحرِّم على المبيح فتصير ميتة لا مزكاة، وألا يكون الحيوان صيدا من صيد الحرم، فلو ذُبح صيد الحرم كان ميتة سواء كان ذابحه محرما أم حلالا، ويشترط في الذابح أن يكون عاقلا، ومسلما أو كتابيا، وألا يكون محرما إذا ذبح صيد البر، وألا يذبح لغير اسم الله تعالى". وهنا تتضح لماذا تجسد الله وأخذ صورة إنسان، حتى يكون ممثلا للإنسان الذي سيفديه، فلابد أن يكون حيا، بمعنى يعيش مثل الإنسان حتى يستطيع أن يمثله، فيكون موجودا في الزمن وليس خارج إطاره، ولابد أن يكون زهوق روحه بمحض الذبح، فلم يقدم المسيح نفسه إلا للذبح فداء عن البشرية، فكان بمحض إرادته يقدم نفسه، فلم يكن مكرها على فعل ذلك، والآيات من الكتاب المقدس الدالة على ذلك كثيرة جدا." فَكَمْ بِالْحَرِيِّ يَكُونُ دَمُ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِرُوحٍ أَزَلِيٍّ قَدَّمَ نَفْسَهُ للهِ بِلاَ عَيْبٍ، يُطَهِّرُ ضَمَائِرَكُمْ مِنْ أَعْمَال مَيِّتَةٍ لِتَخْدِمُوا اللهَ الْحَيَّ!"(عبرانيين 9 : 14 ) وأيضا قال بفمه الكريم"لَيْسَ أَحَدٌ يَأْخُذُهَا مِنِّي، بَلْ أَضَعُهَا أَنَا مِنْ ذَاتِي. لِي سُلْطَانٌ أَنْ أَضَعَهَا وَلِي سُلْطَانٌ أَنْ آخُذَهَا أَيْضًا"(يوحنا 10 : 18 ).
وتحت عنوان مستحبات الذبح:" ويشترط في آلة الذبح أن تكون قاطعة، معدنية أو غير معدنية... ومن مستحبات الذبح أن يكون بآلة حادة، وأن يسرع الذابح بالذبح"
لابد من أن تكون آلة الذبح قاطعة وحادة حتى لا تتألم الذبيحة أو الأضحية، وهنا نأتي لبعض الاختلاف، فكان لزاما على المسيح أن يتألم ويتجرع كل الألم "وَابْتَدَأَ يُعَلِّمُهُمْ أَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ يَنْبَغِي أَنْ يَتَأَلَّمَ كَثِيرًا، وَيُرْفَضَ مِنَ الشُّيُوخِ وَرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ، وَيُقْتَلَ، وَبَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ يَقُومُ"(مرقس 8 : 31 ).
وتحت عنوان الشروط الخاصة بالأضحية:" وأن تبلغ سن التضحية، وهو أن تكون ثنية فما فوق..... وأن ثنية المعز تبدأ من سنة، وأن ثنية البقر تبدأ من سنتين، ومن الإبل تبدأ من خمس..... وأن تكون سليمة من العيوب..... ويشترط في المضحى نية التضحية" وهذا الشرط ينطبق أيضا على الذبيحة في العهد القديم. وَكَلَّمَ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَائِلاً: خُذُوا تَيْسًا مِنَ الْمَعْزِ لِذَبِيحَةِ خَطِيَّةٍ، وَعِجْلاً وَخَرُوفًا حَوْلِيَّيْنِ صَحِيحَيْنِ لِمُحْرَقَةٍ"(لاويين 9 : 3 ) وحوليا تعني عنده من العمر سنة، وهي تعتبر سن البلوغ أو النضج بالنسبة له، وعندما قدم المسيح نفسه فداء للبشرية، كان يبلغ من العمر 33 سنة تقريبا، وكانت سن النضج في العهد القديم، فهو في منتصف أيامه، وقد جاء على لسانه بالنبوة قائلا:" أَقُولُ: «يَا إِلهِي، لاَ تَقْبِضْنِي فِي نِصْفِ أَيَّامِي. إِلَى دَهْرِ الدُّهُورِ سِنُوكَ"( مزمور 102 : 24 ).
وتحت عنوان "توزيع لحم الأضحية:" يستحب للمضحي أن يأكل منها ويطعم غيره" وتحت عنوان مشاركة الأولاد في حضور الأضحية:" الرأي الشرعي الذي تراه دار الإفتاء هو ضرورة الحرص على الالتزام بإقامة شعيرة الأضحية بمشاركة الأولاد والأهل كل عام قدر الاستطاعة،
وهذا ما جاء في سفر العدد" وَهذِهِ لَكَ: الرَّفِيعَةُ مِنْ عَطَايَاهُمْ مَعَ كُلِّ تَرْدِيدَاتِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. لَكَ أَعْطَيْتُهَا وَلِبَنِيكَ وَبَنَاتِكَ مَعَكَ فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً. كُلُّ طَاهِرٍ فِي بَيْتِكَ يَأْكُلُ مِنْهَ"( عدد 18 : 11 ). نعم فالمسيح هو الخلاص لكل العالم، وليس لفئة معينة، وكما جاء في الإنجيل"لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ"(يوحنا 3 : 16 ). وهذا ما أكده يوحنا المعمدان حين رأي يسوع "وَفِي الْغَدِ نَظَرَ يُوحَنَّا يَسُوعَ مُقْبِلاً إِلَيْهِ، فَقَالَ: «هُوَذَا حَمَلُ اللهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ!"(يوحنا 1 : 29 ).
وتحت عنوان ميعاد الذبح:" وعن آخر ميعاد للذبح هو آخر أيام التشريق، أي عند غروب شمس الثالث عشر من ذي الحجة" وهذا ما جاء في سفر التثنية، وله أصل أو سبب:" بَلْ فِي الْمَكَانِ الَّذِي يَخْتَارُهُ الرَّبُّ إِلهُكَ لِيُحِلَّ اسْمَهُ فِيهِ. هُنَاكَ تَذْبَحُ الْفِصْحَ مَسَاءً نَحْوَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فِي مِيعَادِ خُرُوجِكَ مِنْ مِصْرَ"(تثنية 16 : 6 ). والملاحظ أنه نفس الميعاد الذي قُدم فيه المسيح ذبيحة على الصليب." وَكَانَ نَحْوُ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ، فَكَانَتْ ظُلْمَةٌ عَلَى الأَرْضِ كُلِّهَا إِلَى السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ. وَأَظْلَمَتِ الشَّمْسُ، وَانْشَقَّ حِجَابُ الْهَيْكَلِ مِنْ وَسْطِهِ."(لوقا 23 : 44 ، 45 ) وكان ذلك قبل الغروب بوقت قليل، حتى أن اليهود قالوا أن ينزلوه من على الصليب قبل غروب الشمس تماما، حتى لا يحل السبت، الذي هو مقدس عندهم، فاليوم اليهودي الجديد يحل بغروب الشمس.
نعمم، كل الكتاب من العهد القديم إلى العهد الجديد، يتحدث عن الفداء، وكل الأضحيات والذبائح التي جاءت في التوراة ومجمل العهد القديم، هي رمز واضح للذبيح الأعظم، شخص ربنا يسوع المسيح، الذي هو الذبيح الكامل، الذي يصح أن ينوب عن الإنسان لتوفر الشروط المطلوبة في الفادي فيه وحده، وليس في حيوان أقل قيمة من الإنسان، فلا يصح أن ينوب عن الإنسان، بل كان مجرد رمز للذبيح الكامل خاتم الكل، وخاتم الشريعة وكل الكمال وكمال الكل، ومن ضمن شروط الفادي المطلوبة والتي بدورها تطرح الأسئلة الآتية، والتي أقتبسها من موقع بيت الله دوت كوم:
1- هل تنفع ذبيحة حيوانية؟ إذا كانت الكفارة تعني الستر والغطاء، فلا يصلح أن تكون الذبيحة أقل في قيمتها من قيمة الإنسان ليمكنها أن تكفِّر عنه، أي تغطيه وتستره. وعليه فلا تنفع ذبيحة حيوانية (عبرانيين10: 3).
2- هل ينفع إنسان عادي؟ يجب أن يكون الفادي خالياً من الخطية. فلو كان خاطئاً، لاحتاج هو نفسه لمن يكفِّر عنه وما صَلُح لكي يفدي غيره. ولهذا ففي العهد القديم، عهد الرموز، كان يلزم أن تكون الذبيحة بلا عيب. وعليه فإن الإنسان العادي، نظراً لأنه مليء بالعيوب، لا يصلح لكي يكفِّر عن البشر.
3- هل ينفع إنسان بار؟ مع أن كل البشر خطاة، وليس بار ولا واحد (رومية3: 10). لكن هب أننا وجدنا شخصاً بلا خطية، فهل يصلح ليفدي؟ الواقع إنه نظراً لأن هذا الفادي مطلوب منه أن يفدي لا إنساناً واحداً بل كثيرين، فإنه حتى لو وجدنا الشخص البار، فإنه لن يصلح أن يقوم بفداء الكثيرين، إذ يجب أن تكون قيمته أكبر من هؤلاء جميعهم معاً. وعليه فلا ينفع أن يكون إنساناً على الإطلاق.
4- هل ينفع أن يكون ملاكاً أو مخلوقاً سماوياً عظيماً؟ لنتخلص من المشكلة السابقة، هب أننا وجدنا مخلوقاً سماوياً عظيماً، قيمته أكبر بكثير من قيمة الناس، فهل يصلح هذا المخلوق أن يفدي البشر؟ الواقع إن الفادي لو كان مخلوقاً لا تكون نفسه ملكه هو بل ملك الله خالقها، وبالتالي فلا يحق له أن يقدِّم نفسه لله، إذ أنها هي أساساً ملك الله. وعليه فإن الملائكة ورؤساء الملائكة لا يصلحون أن يفدوا البشر، لأنهم مخلوقون من الله.
5- من هو الفادي إذاً؟ إن هذا الشخص - بالإضافة إلى كل ما سبق - ينبغي ويتحتم أن يكون إنساناً لكي يمكنه أن يُمثِّل الإنسان أمام الله، وبهذا وحده يمكن أن يكون نائباً عنه، وأن يمثله أمام الله.
فيالها من معضلة!
من أين لنا بمثل هذا الشخص العجيب الذي يجمع كل هذه المواصفات معاً؟! إنسان، خالٍ من الخطية، غير مخلوق، وقيمته أكبر من كل البشر مجتمعين!!
لكن إن لم يكن عندنا نحن البشر حل لتلك المعضلة، أفلا يوجد عند الله حل؟ وإذا كانت قد غلقت على البشر إلى الدهر (مزمور49: 8)، فهل استغلقت أيضاً على الله (راجع مزمور68: 20). لما تساءل القديسون الأقدمون: كيف يتبرر الإنسان عند الله، وكيف يزكو مولود المرأة؟ (أيوب9: 2،3؛ 25: 4)، ولما لم يعرفوا حلاً لهذه الأحجية، تقدم أليهو - وهو واحد من أصحاب أيوب - بهذا الإعلان العجيب: «إن وُجد عنده (عند الله) مرسل، وسيط، واحد من ألف ليعلن للإنسان استقامته (أي استقامة الله أو بر الله)، يتراءف عليه ويقول: أُطلقه عن الهبوط إلى الحفرة. قد وجدتُ فدية» (أيوب33: 23،24)، وكأن أليهو يريد أن يقول: لو قصد الله أن يرتب للبشر من يفديهم، وأرسله من عنده، عندئذ فقط يمكن حل الأحجية.
فهل وُجد مثل هذا الشخص عند الله؟ نعم، يقول الرسول: «عالمين أنكم أفتديتم»، ثم يذكر لنا من هو الفادي: «المسيح، معروفاً سابقاً قبل تأسيس العالم» (1بطرس1: 19،20).
إذاً فهذه المعضلة، معضلة “من هو الفادي؟” لم يكن حلها عند الناس، بل عند الله. نعم، فمن عنده أتى المرسل، الوسيط، الذي سبق أن تمناه أيوب عندما صرخ قائلاً «ليس بيننا مصالح يضع يده على كلينا» (أيوب9: 33)!
وإذا كان هذا المُصالِح، يمكنه أن يضع يده على الله والناس في آن واحد، فهذا معناه أنه معادل لله ومعادل أيضاً للناس. فمن يا تُرى يكون هذا الشخص؟
إنه شخص فريد ليس له في كل الكون نظير (رؤيا5: 2-5)، إنه الرجل رفيق رب الجنود (زكريا13: 7). إنه ابن الله الأزلي الذي صار ابن الإنسان!!
لو لم يكن هو الإنسان لما أمكنه أن يكون نائباً عن البشر، يحمل خطاياهم ويحتمل دينونتهم بالنيابة عنهم. ولو لم يكن هو الله، أو كان هو أقل، ولو قيد شعرة من الآب، لما أمكنه قط أن يوفي الله كل حقوقه.
نعم المسيح هو الفادي، وليس غيره فادياً. وما هذه الأضحيات إلا إشارة بسيطة وباهتة لفدائه العظيم، فهل تقبله مخلصا لك؟!