أصابع الإهتمام
مرقس كمال زاخر
١٩:
٠٢
م +02:00 EET
الاربعاء ٦ سبتمبر ٢٠١٧
مرقس كمال
باكراً جداً أسرعت إلى الهيكل لأجد مكاناً بين الجموع بإنتظار السيد المسيح ليعلمنا كعادته إذ كان يصلى طوال الليل ويبكر فى الهيكل ليعلم كل يوم وكنا ننتظره بشغفٍ وإشتياقٍ فقد كانت كلماته حية ومفعمة بالصدق والأمانة والحنو والقوة والسلطان أيضاً وليس كهؤلاء المعلمين الذين لا تتخطى كلماتهم حدود الحرف .
باكراً جداً أسرعت إلى الهيكل لأجد مكاناً بين الجموع بإنتظار السيد المسيح ليعلمنا كعادته إذ كان يصلى طوال الليل ويبكر فى الهيكل ليعلم كل يوم وكنا ننتظره بشغفٍ وإشتياقٍ فقد كانت كلماته حية ومفعمة بالصدق والأمانة والحنو والقوة والسلطان أيضاً وليس كهؤلاء المعلمين الذين لا تتخطى كلماتهم حدود الحرف .
وبينما كنا مسبيين بكلماته التى دوماً ترفعنا فوق الأرضيات لتدخلنا بفرح ملكوت الله إقتحم المكان بعض الكتبة والفريسيين ومعهم إمرأة وجهها شاحب ورأسها منحنية لأسفل وفى غاية الحُزن وليس لها قوة إذ هى مستسلمة تماماً لأياديهم يزجون بها أينما شاءوا فألقوا بها فى الوسط بعنفٍ شديدٍ وقسوة ٍ خرجت معها همهمتنا المستنكرة لذلك نعم رموها فوقعت حيث كان المسيح يسوع جالساً .
وإبتدأ أحدهم بالكلام إذ قال يا معلم هذه المرأة أُمسكت وهى تزنى فى ذات الفعل وموسى في الناموس أوصانا أن مثل هذه ترجم فماذا تقول انت ؟ (لو8 : 4 - 5 ) كلمات أستشعرت منها مكراُ وغيرة بآن واحد ولم يكن مقصدهم فقط أن يحكموا على المرأه فيبدو أنهم أمسكوا بها قبل هذا الوقت بزمن وأرادوا أن يستخدموها ليحكموا على المسيح معها إذ وضعوه فى مواجهةٍ مع الناموس فإن وافق على رجمها سقطت حنيته ورحمته وإشفاقه وإن رفض رجمها يكون قد تعدى الناموس الذى أعلن كثيراً أنه ما جاء لينقضه بل ليكمله ( مت 5 : 7 ) نعم كان الموقف عسيراً وإذ كان الفريسيون يسهبون فى الكلام إنحنى المسيح وأخد يحرك أصبعه على الارض رفعت رأسى لأنظر ماذا يرسم أو يكتب لكننى لم أر ولم أفهم .
وفجأة رفع المسيح رأسه وقال لهم من كان منكم بلا خطية فليرمها أولا بحجر ثم إنحنى أيضاً إلى أسفل وكان يكتب على الأرض مرة أخرى وربما فى هذه المرة كان يكتب خطاياهم ولكن كان قوله هذا صدمة غير متوقعة لهم فكما وضعوه أمام الناموس ليشتكوا عليه وضعهم هو أمام ضمائرهم الملوثة التى بكتتهم فإذ بالأيادى الممسكة بالحجارة والمتأهبة للرجم قد إرتخت إثر الصدمة ووقعت منها الحجارة وإذ بهم يخرجون واحداً فواحداً مبتدئين من الشيوخ إلى الآخرين وبقى يسوع وحده والمرأة فى الوسط ( يو 8 : 8 – 9 ) وبقينا نحن لنتابع ونتعجب .
ومرة أخرى رفع يسوع وجهه ولم ينظر أحداً سوى المرأة فقال لها يا إمرأة أين هم أولئك المشتكون عليك؟ أما دانك أحد ؟ فقالت لا أحد يا سيد ! فقال لها يسوع ولا أنا ادينك. إذهبي ولا تخطئى أيضاً ( يو 8 : 10 – 11 ) رفعت رأسها وإذ وجهها غارق فى الدموع وفى دهشة تحاول أن تفهم بل وتستوعب وتصدق ما حدث ففى مسيرتها للهيكل كانت تجر فى رجليها ولم يكن فى مخيلتها سوى الرجم والموت والتشهير ولم تتخيل أبداً أن من كانوا يريدون إقتناصها بل وإقتناص المسيح معها يخرجون وهم المذنبون والخزى يملأهم وأيديهم لا تقبض على أى مذنب
ولكن وسط هذا كله بمجرد أن نظرت للمسيح بإبتسامته الحانية وكلماته الرقيقة إذهبى بسلام إبتسمت بطلاقة وفرح فرِحنا كلنا معه وكان هذا درساً عملياً يوكد كلماته التى طالما علمها لنا أنه ما جاء ليدين العالم بل ليخلص العالم .( يو 3 : 17 ) فبالحق كانت هذه عملية إحياء من جديد لا لحياتها الجسدية فقط والتى أُنقذت من الموت بل لحياتها الأبدية التى تجددت بنوالها هذا الغفران فقد حمل خطاياها على عاتقه ومات لأجلها كما للجميع على الصليب .
خرجتُ من هناك مندهشاً وفرحاً فى نفس الوقت ولكننى سرحت بخيالى لأقارن ما رأيته وعاينته بما نحن عليه الآن نحن أبناء المسيح من نخبر بأعماله
هل ندين ونشهر ونفضح ونشير بأصابع الإتهام على غيرنا كالكتبة والفريسيين نعم نفعل وربما بجسارةٍ نذهب بشكاياتنا للمسيح ذاته لنسأله وماذا تقول أنت .؟ ظانين أنه سيحكم عليهم لأجل شكايتنا ولكنه فى كل مرة يفاجئنا بغفران ورحمة وحنو يخجلنا ويكشفنا لأنه مَن مِنّا لا يزن زناً روحياً بإبتعاده عن المسيح عريس نفوسنا ويرتبط بشهوة أوعادة أو خطية ؟ ولكننا فى كل هذه نجده أيضاً يستر علينا كما فعل مع هؤلا الكتبة إذ تركهم يمضون دون أن يفصح عن خطاياهم ربما لأن رحمته شملتهم هم أيضاً إذ ترك لهم باباً للتوبة لأن خلاصه ورحمته بل وفداءه للجميع .
ولكن أظننا جميعاً بحاجة لأن نترك مكان الكتبة ونجلس مكان المسيح نعمل إرادته نعمل كما علمنا نحنو ونغفر ونصفح ونعذُر ونحتوى ونخبر الجميع برحمته ونهبهم رجاء يشدد أرجلهم المخلعة وأياديهم التى ترخيها حروب إبليس وسهامه الملتهبة .
رجاء يقوى عزيمتهم ويضعهم فى طريق الجهاد نعم رجاء يحررهم من قيود اليأس القاتلة التى تريد هلاكهم نعم علينا أن نخبرهم بإننا مادمنا أحياء فلازال هناك باب مفتوح للتوبة والرجوع مهما كان حجم الخطية ومهما كان حكم الناس .
نعم نكون مثالاً حياً للجميع بوقوفنا فى أول صف المحتاجين للشفاء والغفران نعم قد آن الآوان لتتحول أصابعنا من أصابع إتهام لإصابع إهتمام .