الأقباط متحدون - «كوبر» لا يقرأ الفاتحة
  • ٠٢:٣٥
  • الجمعة , ٨ سبتمبر ٢٠١٧
English version

«كوبر» لا يقرأ الفاتحة

مقالات مختارة | د. عماد جاد

٠٠: ١٢ ص +02:00 EET

الجمعة ٨ سبتمبر ٢٠١٧

د. عماد جاد
د. عماد جاد

عقب انتهاء مباراة فريقنا القومى لكرة القدم مع أوغندا، التى انتهت بفوزنا بهدف مقابل لا شىء وعودة مصر لتصدر مجموعتها واقترابها من التأهل لنهائيات كأس العالم لأول مرة منذ سبعة وعشرين عاماً، تابعت تحليلات رائعة فى قناة «أون سبورت» التى نقلت لنا المباراة على الهواء مباشرة وتسير خطوات ممتازة على طريق أن تكون قناة رياضية مصرية وعربية تدخل المجال الدولى. تابعت الاستوديوهين التحليليين فى ملعب المباراة وفى استوديو القناة، كانت التحليلات موضوعية من قبل متخصصين سبق أن مارسوا لعبة كرة القدم، منهم من أصابه الشطط وأكثر من لغة النقد للمدير الفنى لمنتخبنا الوطنى الأرجنتينى هيكتور كوبر، ومنهم من منحه حقه كاملاً فى أن الرجل جاء إلى مصر وتولى مهمة تدريب منتخب فشل لأول مرة فى تاريخ البطولة الأفريقية ثلاث مرات متتالية فى الصعود إلى نهائيات البطولة التى يحمل لقبها سبع مرات منها ثلاث مرات متتالية، بدأ تدريب المنتخب وشكل فريقاً بات متناغماً بحق، صعد إلى نهائيات الأمم الأفريقية وحصد الفوز تلو الفوز إلى أن خاض النهائى أمام الكاميرون وخسرناه بهدفين مقابل هدف، وحصل المنتخب على احترام خبراء اللعبة فى القاهرة وعلى ثقة الجماهير المصرية وفى الوقت نفسه حصل كوبر على حب اللاعبين وثقتهم، بل إن الرجل قرر معايشة اللاعبين فى حياتهم اليومية فكان يصوم معهم رمضان من أجل مشاركتهم معنوياً فى عملية الصيام، وأثناء السفر إلى الخارج كان يحضر معهم خطبة صلاة الجمعة. الرجل، كمدرب محترف، مارس عمله الذى اعتاد ممارسته فى المجتمعات المتزنة المحترمة التى تقدر قيمة العمل ولا مكان للميتافيزيقا فى عملها، تضع إيمانها فى قلبها وتمارس العمل كما ينبغى، تبذل الجهد والعرق فتحقق التقدم فى جميع المجالات، أما فى مصر فغالبية الشعب تعيش حالة من الهوس الدينى، هوس دينى شكلى لا عمق له فى القلب أو العقل، فإذا شارك المدرب الأرجنتينى لاعبيه تجربة الصيام يخرج قوم للأسف منهم من يمتهن مهنة الإعلام ويطنطن بأن الرجل على طريق الهداية وسوف يشهر إسلامه قريباً، وإذا حضر صلاة الجمعة مع لاعبيه ليعرف عن طريق مترجمه الخاص ماذا يقال، بدأت احتفالات بعض الإعلاميين بأن الرجل على طريق الهداية، الأمر الذى خرج الرجل ونفاه بوضوح، مؤكداً أنه يحترم الإسلام كديانة لكن ما يقوم به من أفعال وممارسات يأتى ضمن مهامه كمدرب محترف يشارك لاعبيه حياتهم ويتعايش تماماً معهم.

آخر ابتكاراتنا العبقرية ما ورد على لسان مذيعة فصائح سبق وقفها ومنع برنامجها، قالت المذيعة الفاضلة التى بدأت برنامجها أثناء المؤتمر الصحفى الذى عقده مدرب منتخبنا الوطنى مساء الثلاثاء الماضى بعد انتهاء المباراة مع أوغندا وفوز فريقنا القومى واعتلاء مجموعته بفارق نقطتين عن أوغندا واقترابه بشدة من التأهل لنهائيات كأس العالم بعد غياب أكثر من ربع قرن، قالت المذيعة الفاضلة إنها تشعر بغضب شديد من مستر كوبر لأنه يتحدث بعنجهية ويتفاخر بطريقة لعبه، وهو أمر لا غضاضة فيه فهو رأى مواطن مصرى، لكن المذيعة الفاضلة قالت إن مستوى الفريق المصرى تدهور بشدة مع كوبر، وإن السبب فى التدهور لا علاقة له بالتدريب ولا الاجتهاد فى التمرين ولكن لأن كوبر لا يقرأ الفاتحة مع اللاعبين!!

فى الوقت الذى كان الاستوديو التحليلى للقناة الرياضية المصرية المتخصصة يعرض لنا فيه مشهد مستر كوبر وهو يردد مع اللاعبين النشيد الوطنى المصرى بكل هيبة واحترام، وهو ما أعتبره يدخل ضمن مهامه كمدرب محترف، وليس لإيمانه بمصر أو سعياً لاكتساب جنسيتها، وكانت القامات الرياضية فى استوديو القناة تحلل ذلك وتشيد بهذه الخطوة من المدرب الأرجنتينى، كانت المذيعة الفاضلة المتخصصة فى القضايا الاجتماعية وقضايا الجن والعفاريت وغيرها من قضايا تغييب العقول تتحفنا باكتشاف سر تدهور مستوى المنتخب المصرى لأن مدربه لا يقرأ الفاتحة مع اللاعبين، والأكثر خطورة قولها إن تدهور مستوى المنتخب المصرى لا يعود إلى المهارات أو التدريب أو الجهد والعرق بل يعود إلى عدم قراءة الخواجة للفاتحة مع اللاعبين.

أى تخلف هذا وأين إدارة القناة المحترمة من نشر مثل هذه الخرافات وتشجيع الفكر الغيبى على حساب قيمة العمل التى تحض عليها الأديان والعقائد الإبراهيمية منها والوضعية، المذيعة المحترمة تقول إن القضية ليست العمل ولا التدريب ولا الجهد والعرق ولا اتباع الطرق الحديثة فى نمط حياة اللاعبين، بل مشاركة المدرب لاعبيه فى قراءة الفاتحة.. طبعاً هذا تفكير خرافى مجافٍ للعقل ولما تقول به الأديان التى تحث على العمل وإتقانه، والسؤال لمثل هذه المذيعة وغيرها ممن ابتلانا الزمان بأمثالهم أو أمثالهن: إن مدربى الفرق التى فازت بكأس العالم منذ بدايته لا يقرأون الفاتحة.. فماذا تقولين؟
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع