المدرسة قبل الجامع!
مقالات مختارة | سليمان جودة
السبت ٩ سبتمبر ٢٠١٧
جاء وقت أشاعوا فيه أن الداعية التركى فتح الله جولن سوف يأتى ليقيم فى مصر، وكان ذلك فيما بعد يوليو من العام الماضى!
ففى ١٥ يوليو ٢٠١٦ وقع انقلاب عسكرى فى تركيا على الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، الذى نجا منه بمعجزة بعد أن كان على حافة السقوط!.. وحين نجا فإنه اتهم كثيرين بأنهم كانوا وراء الانقلاب عليه، وكان جولن فى المقدمة منهم، بل كان رقم واحد بينهم، ولايزال!
وقد كان الاثنان.. أردوغان وجولن.. رفيقين فى طريق واحد ذات يوم، لولا أن السياسة فرقت بينهما، ليذهب الثانى إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يقيم بصفة دائمة، منذ عام ١٩٩٩ إلى اليوم!
وكان جولن قد أسس حركة دينية اجتماعية صارت مشهورة فى تركيا، وفى خارجها، وأعطاها اسماً من أربعة حروف لا غير هو: خدمة!
وهى حركة تهتم بأن يكون الإنسان التركى، والإنسان المسلم بوجه عام، إنساناً قادراً على التعامل مع عصره الذى يعيش فيه، بكل ما هو حديث من أدوات وأساليب، وهى ترى أن الإنسان إذا أراد أن يكون كذلك فأمامه سبيل واحد اسمه سبيل التعليم الجيد الذى يربى عقله على كل علوم العصر!
والحركة، فيما يبدو، تستثمر أموالها فى أشياء كثيرة، ولكنها تضعها فى المدارس بشكل أساسى، وهى تنشئ مدارسها فى كل بلد تقريباً، وإذا كانت أمريكا.. مثلاً.. تضم خمسين ولاية، فمدارس حركة فتح الله جولن موجودة فى ٢٥ ولاية منها على الأقل!
وما يهمنى فى هذا الموضوع كله، عبارة لا يكاد جولن يقولها فى حديث من أحاديثه، حتى يعود إلى ذكرها من جديد، لعلها تستقر فى ذهن المتلقى لها فلا تفارقه.. العبارة تقول إننا فى حاجة إلى إنشاء المدارس، أكثر من حاجتنا إلى بناء جوامع، وأن الحكومة فى أى بلد عربى أو مسلم، إذا وجدت نفسها مُخيرة بين بناء جامع وبناء مدرسة، فالانحياز لابد أن يكون إلى المدرسة دون تفكير ودون تردد!
وهو لا يترك مناسبة تجمعه بأنصاره إلا وينصحهم بأن تتقدم المدرسة على الجامع فى كل وقت، ليس لأنه ضد الجامع، لا سمح الله، ولكن لأنك تستطيع أن تعبد الله، وأن تصلى، فى أى مكان، وفى أى موضع من الأرض، ولكنك أبداً لا تستطيع أن تُعلّم أولادك، كما يجب، إلا فى مدرسة، وإلا فى مكان يستوفى شكل، وشروط، ومواصفات المدرسة!
وللرسول عليه الصلاة والسلام حديث يعدد فيه النعم التى أفاء الله تعالى بها عليه، فيقول إن من بينها أن الله قد جعل له الأرض كلها مسجداً!
المدرسة تسبق الجامع فى كل وقت، لأن المتعلم يعبد الله بأفضل مما يعبده الجاهل!.
نقلا عن المصري اليوم