الطيب بألمانيا عن أزمة مسلمي الروهينجا: بيانات الإدانة لم تعد ذات معنى وهي تضييع للوقت

بدأ د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، كلمته بمؤتمر حول السلام العالمي المنعقد بمدينة مونستر بألمانيا، بإلقاء التحية الإسلامية على الحضور وعلى رأسهم أنجيلا ميركل، قائلا: أن الناس في شرقنا يعانون من أهوال العبث بالأرواح والدماء وإهدار الحقوق الآدمية بصورة بشعة، لتذكرنا بحروب الماضي التي كنا نظنها أنها في ذمة التاريخ.

 

وتابع الطيب، تبين من الأحداث الأخيرة أن منظمات حقوق الإنسان والمنظمات الأممية في واد والدماء والجثث والأشلاء في واد آخر.

 

مستطردًا، في هذا العَصْرِ الجديد، تغيَّر مفهوم الحَرب بسبب مَصَانِع المَوت المُتطَوِّرة تِقنيًّا وعِلْميًّا: فأصبحت رَحَى الحرب تَحصد الآمنين في بيوتهم وشوارعهم وقُراهم ومُدنهم، ومدارسهم وأنديتهم، وتضطر الكثيرين إلى الفَرارِ من جحيمِ الأسلِحَة الفتَّاكة، تاركين أوطانهم إلى مجهولٍ لا يعرفون عنه شيئا، أو يضطرهم الرُّعب والخَوف إلى ركوبِ البَحْرِ لينتهي بهم الأمر في أعماقِه غَرَقًا وهَلَاكًا.

 

هذه الشَّريحة البائِسة الُمعذَّبة، هي شريحة إنسانيَّة لها ما لأيِّ آدميِّ في الشَّرقِ والغَربِ من حق الحياة وحق الحُريَّة وحق الاستِقرار على أرضِه والتمسُّك بوطنِهِ.

 

وألمح الطيب، لا تستغربوا هذه اللُّغَة المتشَائِمة الَّتي افْتَتَحْتُ بها كلمتي في مؤتمرٍ كهذا، كُل ما فيه يَدعو إلى التَّفاؤُل والأمَل، فأنا قادِمٌ من الشَّرقِ الذي يَعُج بالأسى والألم، ويدفع –الآن- رجالُه ونساؤه وعجائزه وأطفاله ثمنًا فادِحًا من الدِّماء والجُثَث والمقابِر الجماعيَّة، لسياساتٍ إقليميَّةٍ وعالميَّةٍ دَمَّرَت بها شُعُوبًا وحضارات عَريقة.

 

وأحدَث فصول هذه المسـرحيَّات العبثيَّة في الشَّـرقِ؛ ما يَحْدُث اليَوْم لمواطنِي الرُّوهِينجا من المسلمين من إبادةٍ جماعيَّةٍ وتَهجيرٍ قَسْريٍّ، وعَجَزَ المُجتمع الدوليِّ عن إنقاذهم، كما أنَّ بيانات الإدانة والشَّجب والاستِنكَار لَمْ تَعُد ذاتَ معنى، وهي تضييعٌ للوقتِ وإهدارٌ للطَّاقةِ.

 

وتابع، معظم ما حل بنا في الشرق من دمار منظَّم سبَبُه –فيما يقول لنا منظرو السياسات الدولية والإقليمية – هو الإرهاب الإسلامي، ومن ثَمَّ وجب التدخلُ لوقف خطره وإنقاذ الشعوب منه، واسمحوا لي حضراتُكُم إن شئنا أن نتحدث في شيء من الصراحة ووضع النقاط على الحروف أن أقول: إن ما يحدث في الشرق سببه هو الإصرار على إبقاء المنطقة في حالة صراعٍ دائم، والبحثُ عن مناطقَ يسهلُ فيها إذكاءُ صراعات دينية أو مذهبية تُؤدِّي إلى صدام دموي مسلح، والصَّمت المطبق على مصادر تموِّل هذا الإرهاب وتدعمه وتشجعه ليل نهار.

 

أما قصة الإرهاب فإنها تبقى -حتى هذه اللحظة- قصةً محيرة في وعي الأغلبية الكاسحة من العرب والمسلمين، فلا يزال الإرهاب يشبه أن يكون لقيطًا مجهول النسب لا نعرف من أبوه ولا من هي أمه.. ولا أريد أن أسترسل في سرد باقي الأسئلة المحيرة عن هذا الكائن العجيب الذي وُلد بأنياب ومخالب جاهزة، مخالفًا بقدراته الخارقة كل قوانين التطور الطبيعي، فهو لم يكد يبلغ مرحلة الفطام حتى أعلن دولته المزعومة المنسوبة للإسلام والتي يتصدر اسمها نشرات الأنباء العالمية حتى الآن.

 

وأختتم الطيب بقوله، نعم! ومن أجل ذلكم جئت أمدُّ يدي – بصفتي مسلمًا – لكل محب للسلام كائنا ما كان دينه، وكائنا ما كان عرقه.