الأقباط متحدون - نيو مدريد كوارث طبيعية وهنا الكوارث البشرية
  • ٠٤:٣٦
  • الثلاثاء , ١٢ سبتمبر ٢٠١٧
English version

نيو مدريد كوارث طبيعية وهنا الكوارث البشرية

د. مينا ملاك عازر

لسعات

٠٠: ٠٣ م +02:00 EET

الثلاثاء ١٢ سبتمبر ٢٠١٧

إعصار إرما
إعصار إرما
د. مينا ملاك عازر
المحت في المقال السابق، إلى أن الشامتين في الأمريكيين بسبب ما خلفه ويخلفه وسيخلفه إعصار إرما يمكنهم الهجرة لليبيا لأنها واحدة من خمس دول في العالم لا يحدث بها كوارث طبيعية، ولعل تلميحي هذا كنت أقصد به أن في بعض الأحيان يأمن الإنسان لأسباب ما من غضب الله كما تحسبون في الكوارث الطبيعية لكنه بأفعاله لا يجعل نفسه آمن من غضب نفسه على نفسه بأفعاله واقترافه كوارث بشرية، ودعني أوضح المسألة أكثر فأكثر.
 
أكثر دول في العالم عُرضا للكوارث الطبيعية بمختلف أشكالها من زلازل وبراكين وأعاصير وفيضانات هي الهند والصين والفلبين وأندونيسيا لن أذكر لك المنطقة الخامسة الآن، لكنك يمكن النظر لهذه الدول الأربع لتعرف أنها متقدمة ومستوى المعيشة بها أكثر وأفضل من الدول التي تدعي التدين، والتي تدعي الرضا الإلهي، دعني أضيف لك الآن الدولة الخامسة وهي الأكثر تعرض لتلك الكوارث الطبيعية هي الولايات المتحدة الأمريكية.
 
نيو مدريد بولاية ميسوري هي الأكثر تعرض للكوارث الطبيعية،إذ هي تقع على حزام زلازل، كما أن يحدها من الجنوب نهر معرض لأن يفيض عليها جراء تلك الزلازل التي قد تهدم السدود المانعة لفيضان النهر، كما أن الأعاصير تمر عليها بالتوالي رغم هذا، فالبشر يعيشون ويأمنون لأنه يعرفون كيف ينقذون أنفسهم وهي ليست منطقة مهجورة مثلاً من العالم بل هي منطقة حية يعيش سكانها في أمان يتعلمون ويتكاثرون ويفكرون ويبتكرون.
 
نيو مدريد ليست منطقة يتصادم بها القطارات وليست منطقة مرشحة لاندلاع الحروب بين الجيران وبعضها البعض كمنطقة الخليج العربي التي تترشح لصدام حربي بين السعودية والإمارات والبحرين من جانب وقطر وتركيا وإيران من جانب آخر، وهنا أستطيع تنبيه سيادتك لحقيقة مفاداها أن ما يعده الإنسان غضب إلهي ، لعله سبب في تماسكهم وتأهيلهم أنفسهم وتمرينهم المستمر للتصدي لهذه الكوارث، فترى الناس مثلاً في نيو مدريد الأمريكية أكثر استعداداً طول العام وبالذات في شهر مايو حيث موعد الإعصار الأشهر لديهم للتصدي لكوارث الطبيعية، فهم دائماً في حالة تأهب قصوى للتصدي للمصائب، أما نحن حيث لا كوارث طبيعية تفتك بنا فالفساد والرشاوى وخراب الذمم وفساد النفوس والكره والبغضاء يجعلونا نفتك ببعضنا البعض، ويسقط منا أضعاف ما يسقط منهم من الأنفس البشرية، إلا إذا كنت ترى أن الخسائر المادية أهم من الخسائر البشرية.
 
أخيراً، دعني أذكر حضرتك بأمر هام أنه في بعض الأحيان الكوارث الطبيعية التي تشمت بها أنت -قصير النظر- تكون مفيدة مثلافي آيسلاندة حيث البراكين حامية نشيطة وليس ثائرة، يعيش الآيسلانديين على الماء الدافئ بسبب حرارة البراكين ويستفيدون من خصوبة التربة الزراعية، وحتى في ثورة البركان يكونون على أهبة الاستعداد لتفادي خسائره، ولعلك تذكر البركان الآيسلاندي الذي نشط من أعوام قليلة تسبب في توقف حركة الطيران في كثير من بلدان العالم، لكن الآيسلانديين عادوا وعمروا بلادهم ومناطقهم المخربة، واقتصادهم وحياتهم في أحسن حال.
 
المختصر المفيد نحن في عالمنا الثالث، أكبر أثراً علي انفسنا من الكوارث الطبيعية.