الأقباط متحدون - لماذا نحن هكذا
  • ٠٢:٢٧
  • الأحد , ١٧ سبتمبر ٢٠١٧
English version

لماذا نحن هكذا

د. مينا ملاك عازر

لسعات

٠٢: ٠٩ م +02:00 EET

الأحد ١٧ سبتمبر ٢٠١٧

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

د. مينا ملاك عازر
أحد الأساتذة الجامعيين كتب لطلابه في مرحلة الدكتوراه والماجستير والبكالوريوس رسالة معبرة وضعها على مدخل الكلية فيجامعة بجنوب أفريقيا هذا نصها: تدمير أي أمة لا يحتاج إلى قنابل نووية أو صواريخ بعيدة المدى، ولكن يحتاج إلى تخفيض نوعية التعليم والسماح للطلبة بالغش،  فيموت المريض على يد طبيب نجح بالغش، وتنهار البيوت على يد مهندس نجح بالغش، ونخسر الأموال على يد محاسب نجح بالغش، ويموت الدين على يد شيخ نجح بالغش، ويضيع العدل على يد قاضي نجح بالغش، ويتفشى الجهل في عقول الأبناء على يد معلم نجح بالغش،انهيار التعليم  =  انهيار الأمة.

أظنك عزيزي القارئ عرفت لماذا نحن هكذا؟ لماذا نحن برغم كل النهضة التي تبدو في الآفاق لمن يرى المباني وهي تُشيد والطرق وهي تُشق في الجبال والمدن وهي تعانق عنان السماء، وتملأ الصحاري والفيافي، وآبار المياه وهي تحفر، والخضرة وهي تعانق الصفار، ترى أيضاً البيوت وهي تقف على الأرض السوداء الخصبة، والنيل وهو يُلوث، والهرم وهو مهمل، والمعابد وهي تسلب آثارها، والتماثيل وهي تحطم، والجامعات وهي تخرج مخربي العقول، وبعضهم إرهابيين، والمدارس وهي تُهمل، والرياضة وهي تنهار، والناس وهم ينسون الواجب والشهامة، والدخل وهو يقل، والمال وهو يشح، والديون وهي تزيد بل تتضاعف، والأسعار تشتعل نار على الغلبان والغير غلبان، والحب يُنتزع من القلوب، والسرقة تنتشر، والخطف يتفنن في أدائه، والشرطة تتراخى، والحكومة تتواطأ مع السلفيين، وتتهم المعارضة بالخيانة، والمستشار يرتشي، والموظف يقصر.

هذا التناقض العجيب والمريب لا تستطيع أن تفهمه إلا من خلال استيعابك لفحوى الرسالة التيصدرتها مقالي، أن الغش هو السبب فيما أوصل الفشلة واشباه المتعلمين لمراكز لم يعودوا قادرين إلا على ادعاء العمل وابتذاله وعملما لا يجب عمله وإنجاز ما لا داعي لإنجازه،وإهمال الضروري واختيار الثانوي محل الأولويات، والتواني في عمل الأولويات بل تركها لأننا لا نقدر أهميتها، فنبقى هكذا بين سقوط وآخر نتنقل للأسوأ للأسف.

لماذا نحن هكذا؟ لأننا أهملنا التعليم، وقلنا أنه لا تحدثني عن التعليم ووضع الدولة هكذا، مع أن التعليم هو السبيل الوحيد والأوحد لنهضة البشر، والبشر أهم من الحجر، والبشر بحاجة لأن يقوموا على أرجلهم وينمو عقولهم، ويفكرون ولكن لأنك لا تريد من يناقشك ومن ويفهم أن ما تفعله خطأ، ويوجد من يفهم أفضل منك بفضل التعليم، فتفضل أن تبقى الأمور هكذا، بداعي أن تنجز، ولذا فأنت تحارب المعارضين السلميين، وتفرج عن المتعاطفين مع الإرهابيين، وتتحاشى النقاش مع المستشارين الجادين، وليس هازي الرؤوس بالموافقة لأنهم أسهل في توجيههم، أما الآخرين فثمة معاناة في إقناعهم، وربما أظهروا بهتان حجتك.

المختصر المفيد ربنا يستر.