يا تحلبى يا أكسر قرنك!
مقالات مختارة | حمدي رزق
الثلاثاء ١٩ سبتمبر ٢٠١٧
لا يمارى إلا مجحف فى إنجاز مصلحة الضرائب فى الموسم الضرائبى الماضى، وإسهامهم فى زيادة الحصيلة بمعدلات طيبة، بداية مبشرة لما هو معقود على عاتق هؤلاء الذين أثبتوا التزاماً وحققوا نجاحاً.. مشكورين.
ولم يتحقق هذا الذى تحقق إلا بإخلاص، فضلاً عن حزمة المحفزات التى استنها وزير المالية الدكتور عمرو الجارحى مربوطة بالحصيلة المرتجاة، واستفاد منها هؤلاء المجيدون جزاء على إجادتهم، وفى جعبة الوزير المزيد من الحوافز إثابة على الإجادة التى باتت عنواناً لهذه المصلحة الوطنية ورجالها المحترمين.
اللغة المشتركة بين الوزير وقيادات وشباب المصلحة لم تعد تحتاج إلى وسطاء، الوسطاء يمتنعون، والأجواء التفاهمية الطيبة التى تحكم العلاقات بين الإدارة العليا والقاعدة العريضة من العاملين فى المصلحة (نحو 50 ألف موظف) تلفظ الفتن التى استعرت فى أعوام خلت، وتجنيب العاملين عليها، المحرضين والممسوسين الذين استباحوا المصلحة طويلاً، وعطلوا عجلة التحصيل لأسباب لا تخفى عن السامعين.
أقول قولى هذا اتقاء مخططات معلومة ومرصودة وتتحدث عنها بيانات فيسبوكية عقورة تهدد وتتوعد وتطالب باسم القاعدة بما يجاوز القواعد المرعية للإثابة والحافز والمكافآت فى بلد يترجى الله فى حصيلة الضرائب لتعطى تعليماً وصحة وخدمات مستحقة لعموم المصريين.
خارج الإطار الأخلاقى الملزم لرجال الضرائب، فإن المن على الدولة المصرية بحصيلة الضرائب لا محل له من الإعراب، إذ زادت الحصيلة لأسباب هم يعرفونها جيداً، سواء كان مستحدثاً من ضرائب كضريبة القيمة المضافة أو تحرير سعر الصرف الذى تُرجم فى زيادة أسعار المنتجات التى تحصل عنها الضريبة المضافة فصارت إضافة معتبرة للحصيلة التى تسد رمق المصريين.
ولا تستقيم حالة الاستقواء التى يمارسها نفر من أصحاب الأصوات العالية ترهيباً وتهديداً للحكومة المصرية على طريقة «يا تحلبى يا أكسر قرنك»، وتخيل إمكانية لى ذراعها ممثلة فى وزارة المالية أو الحيلولة دون تدفق الضرائب بتعطيل الأعمال، أو رهن إرادة المخلصين فى إنجاز دورهم المعتبر فى إنعاش الخزينة العامة بجهد إضافى وتحصيل ما لم يحصل فى سنوات عجاف مرت بهم وبنا والوطن، والكل كليلة يعرف أكثر مما يعرفه وزير المالية كيف كانت الحال محزنة فلما «ندعت» تكالبت عليها الأكلة تكالبها على قصعتها.
فتن المجتمع الضرائبى مخطط خبيث، وليس من صالح إخوتنا فى الضرائب أن يحكّوا أنف المجتمع بمطالبات مالية مغالى فيها ولا تتفق مع قاعدة الحافز فى مقابل الإنتاج، كل الشرائح المجتمعية فى حاجة إلى المزيد، ولكن إذا أردت أن يُسمع صوتك فاطلب المستطاع.
ولست فى حل للحديث عن مستويات الأجور فى مصلحة الضرائب، لأنهم يستحقونها وأكثر، لكن البلد يحتاج تضحيات من الجميع، وإذا كان هناك غرم فيقينى أنه لا يغيب عن وزير المالية الذى يولى شرفاء المصلحة عناية ويخطط لما هو قادم بما يستطيع توفيره لتحسين أوضاعهم الوظيفية، وصبر جميل.
وإذا ما تحقق المراد فى عام «مفصلى» مثل هذا العام يستوجب عملاً خالصاً لوجه الوطن، يقيناً سيكون من حق هؤلاء أن يتذوقوا ثمرة إنجازهم، ولا يحرمهم كائن من كان من مطالبهم المشروعة والمعقولة فى إطار مجتمع كل منه ينظر إلى ما فى يد الآخر ويطلب مثلها أو أكثر منها، والعين بصيرة.
نقلا عن المصري اليوم