الأقباط متحدون - الـشعـوب أنــواع
  • ٠٥:١٢
  • الخميس , ٢١ سبتمبر ٢٠١٧
English version

الـشعـوب أنــواع

د. رؤوف هندي

مساحة رأي

٤٦: ٠٩ ص +02:00 EET

الخميس ٢١ سبتمبر ٢٠١٧

ارشيفية
ارشيفية

 بقلم الدكتور رؤوف هندي                                                                                                                         

هناك شعوب تريد أن تتطور وتتقدم وتتعلم وهناك شعوب تؤمن بأنها مخلوقة فقط لكي تعـيش في توابيت الماضي السحيق الظلامي تستدعيه كل حين وفي كل زمن متناسيين أن أمجاد الماضي بفرضية أن هناك امجاد تظل أطلال ماضٍ مالم تكُن مصانة برؤية علمية تعايش الواقع وتستجيب للمتغيرات وعندما نحتمي دوما بالماضي فهذا معناه أننا نضيق بالحاضر وليس لدينا القدرة على التعايـش والتناغم مع تطور الزمن ويعني أننا لاندري شيئا عن متغيرات العالم الجديد الذي باتً له مفردات وآليات جديدة ليس لدينا القدرة على استيعابها وإدراكها .
 
فهذه الشعوب خارج دائرة الزمن الحقيقي بل تكاد تكون مهددة بالتلاشي والزوال وهذه هي الشعوب المتخلفة الجاهلة تعيش عالة وعبء على العالم لاتنتج ماهو مـفيد للبشرية ووجودها في الغالب يكون ضررا للمجتمع الإنساني فهي شعوب قادرة على تطويرالتخلف إلى مرحلة السوبر تخلف وذلك من خلال تقديم الجهل والخرافة على أنه عِلم وتلك هي قمة المأساة وهذه الشعوب نراها في الغالب تعاني من الفقر ولو كانت لاتعاني من الفقر فهي تعاني من تخلف زمني وإنساني يجعل تلك المجتمعات مصدرا رئيسيا للتخلف والجهل والإرهاب والقهروالحروب والنزاعات الدينية والطائفية ! 
 
وعلى النقيض تماما هناك شعوب تُعلي من قيمة العِلم والعمل والإبداع والتفكيري شتى المجالات فتتغيّر وتتطور وتتعلم وترتقي وتعلو وتحقق النجاح والمجد والاستقرار لنفسها ولأسرة العالم الإنساني كله فكل التحية والتقدير لتلك الشعوب ! وهنا يطرأ سؤال ماهي الخطوات المطلوبة لتستيقظ مثل تلك الشعوب لتنهض وتستيقظ من تخلفها ونومها لتلحق بالركب الحضاري وتتعايش مع شعوب العالم المتحضرة وبالمناسبة فهذا ليس تخييرا لتلك الشعـوب بل بات إجبارا عليها أن تبدأ خطوات إصلاح من أجل شعوبها ونهضة مجتمعاتها فالعالم الآن أصبح قرية واحدة في عصر ثورة الاتصالات العلمية الرهيبة ولن يكون بمقـدوره السكوت أو غض البصر عن بؤر وبلدان باتت مصدرا للتخلف والإرهاب الذي تنعكس آثاره المخيفة على كل شعوب وبلدان العالم فقضية التخلف والجهل وآثاره المدمرة باتت قضية عالمية شاملة حيث يكتوي بنارها شعوب أخرى راقية ومتحضرة في العالم لاذنب لها غير انها تعيش على هذا الكوكب مع شعوب متخلفة جاهلة!
 
 ومن هنا فخطوات الإصلاح باتت إجبارية وينبأنا تاريخ حضارات الشعوب أن بناء منظومة تعليم شاملة راقية هي اولى خطـوات الإصـلاح فالتعليم هو الركيزة الأساسية لبناء نهضة رفيعة المستوي ويجب أن تتغير طرق التعليم بعيدا عن التلقين والحفظ اللذان يقتلان الإبداع عند البشر ويجعلان التلاميذ عبارة عن آلات في حين ان الفهم والإبتكارهما الموارد الأساسية للاختراع والإبداع والبحث والاكتشاف وهي أدوات رئيسية وضرورية لنهضة الشعوب لأن المخترعين سيكونوا محليين ومن ثم إنتاج مخترعات واكتشافات محلية وبعد ذلك ستجد ان الدولة لديها اكتفاء ذاتي من كل شيء بفضل وجود موارد بشرية لديها مُحبة للعلم والبحث والاكتشاف وكل هذا يحدث من خلال تعليم الأطفال منذ الصغر البحث والاكتشاف والحرية في الإبداع دون خوف وهذا كفيل أن يخلق كوادر بشرية تستطيع بفكرها الجديد أن تبني مستقبلا أفضل وثاني خطوات الإصلاح بعد التعليم هي الثقافة وتعني المعرفة العامة وهي غيرالتعليم وضرورية لبناء إنسان لديه وعيّ بكل مايدور حوله في العالم وأنه لايعيش بمفرده في هذا الكوكب بل هـناك حضارات وثقافات متنوعة لشعوب أخرى يجب إحترامها والتعايش معها في ظل احترام مبدأ التنوع والتعدد وقبول الآخر كاأحد ضروريات قيم العالم الجديد الإنسانية بعيدا عن أي شكل من أشكال التعصب والكراهية للآخر بسبب معتقده وفكره أوجنسه وأن المرأة هي شريك في بناء العالم والحضارة الإنسانية كما يجب إحيياء قيمة القوة الناعمة في نفوس أطفالنا من موسيقا وفنون راقية وأدبيات ورياضة غير عنيفة وبحث معرفي حُر كلها قيم باتت ضرورية لتكوين شخصية مستقبلية تبني حضارات الأمم.
 
 والنتيجة الطبيعية التي أثبتتها الدراسات وسجلها التاريخ انه بفعل التعليم والمعرفة والثقافة فإن العقل الجمعي للشعوب يتغيرنحوالأرقى فتتحسن الاخلاق والسلوكيات وتصبح تلك الشعوب قادرة على التعايش والتناغم مع نفسها ومع محيطها القريب والبـعـيد ونراها قد تبدلتْ من الغوغائية والهمجية إلى شعوب راقية مهذبة ذوسلوك وأخلاق أجمل وأرقى إنسانيا .أناشد مسئولي الدولة بالبدء فورا ومن خلال خطة شاملة طموحة جريئة لنهضة تعليمية معرفية ثقافية تؤدي إلى خلق اجيال جديدة تعي وتدرك ماوصل إليه العالم من قيم مشتركة كثيرة وعديدة نستطيع التناغم والتعايش من خلالها مع كل الشعوب والثقافات بسلام ومحبة من أجل بناء ورقي ونهضة وطننا والمشاركة الفعالة في خدمة العالم الإنساني ككل فالبشر جميعا أثمار شجرة واحدة وأوراق غصن واحد. 
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع