الأقباط متحدون | إسمحوا لي نأخذ هدنة ... من مجريات الثورة والذي منه ...!
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٩:٣٧ | الجمعة ١ ابريل ٢٠١١ | ٢٣ برمهات ١٧٢٧ ش | العدد ٢٣٥٠ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

إسمحوا لي نأخذ هدنة ... من مجريات الثورة والذي منه ...!

الجمعة ١ ابريل ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم : نبيل المقدس
  قبل الثورة .. " ما قلنا مانجبش سيرة الثورة " .. معلش سامحوني ! .. بعِت العربية إياها .. وبعد الثورة ( لا مؤاخذة ) ماعرفتش أشتري بديل ليها .. إلا يوم الجمعة اللي فات .. واليوم ده إعتبرته حدث كبير ليّ , حتي سميته "بـ جمعة الشراء" ( أتأسف ) ... إشتريت وإستلمت العربية ونصحوني أولاد الحلال أمشي بيها مسافة طويلة في الصبح للتليين . أخذتها ورُحت بيها إلي ما بعد قليوب بشويتين علي طريق مصر - إسكندرية الزراعي .. وأنا راجع وبعد قليوب بشوية .. لقيتها واقفة علي جنب الطريق , تحت شجرة جميز .. وبحذقة رجل وصل إلي العمر أقصاه .. فهمت أنها عايزاني أوصلها  لمكانها المنشود ..  يادوب وأنا بأركن علي الرصيف لقيتها قفزت وقعدت جنبي  !... إندهشت ... و حاولت ان لا أنظر لها عشان أحترم شعيراتي البِيض .. لكن ماقدرتش .. جمالها وضعفها أجبروني علي الخروج من صمتي .. وبدأت أمتع نظري  بالمخلوق الجميل إللي نزل عليّ فجأة ... نظرَتْ ليّ وحَوّطتْ رأسها الصغير بذراعيها , وإنزوَتْ علي المقعد اللي جنبي ... أدركت وقتها إنها تعاني من خوف مُعين ... كانت تلقي لمحة خاطفة علي كل شجرة نمرعليها في الطريق ... وكأنها تبحث عن شيء معين أو ربما بتعد كام شجرة في الطريق... تركتها في صَمْتِها عشان أعْطِيها الآمان .
   فجأة قالتْ لِي : تِختار "الحرية أولا ولا الآمان أولا ؟؟ ... أخيرا .. سمعتُ صوتها , إسمها " تغريد"  ... سؤالها أربكني ... حيرني ... لو قلت لها الحرية أولا ... إحتمال تشك في نيتي ... لو قلت لها الأمان أولا ... ايضا ربما تظن بي سوء مقابل أحميها وأعطيها الآمان. صدقوني معرفتش أرد ... وأنا اللي توهمتُ إني من ذوي الخبرة الحياتية, وعمري مافكرت إنه هيجي اليوم و هيحصل لي عطل فكري .... بعد لحظات بدأت الثقة تظهر عليها ... واضح أنها مثقفة ... فقط  أرادت من سؤالها  أن تقطع الصمت اللي كان مهيمن علينا ... ثم أخذت تغني بصوت خافت , وكان صوتها عبارة عن تغريد طير إستغل صفير الهوا آلة موسيقية تصاحبها. إستمرت في التغريد عشان تعطيني فرصة الرد علي سؤالها ... فعلا تمَلكْتُ نفسي حتي وَصلتُ لحالتي العادية ... نظرتُ إليها طويلا ً ... وبصوت خافت وبخفة دم قالت لي : خذ بالك من الطريق وبص قدامك ..! ضحكت وقالت : أفتكر بعد الضحكة دي ترد علي سؤالي ... أجبتها :-

   فعلا .... أنا من رأيي أن الأثنين مرتبطان ببعضهما البعض ... أي أنه لو إمتلكتي  الحرية الأول , بدون آمان سوف تفعلين كل ما يحلو لكِ , لكنك سوف تشعرين بالقلق بإستمرار .. فمثلا لو سبحتي في السماء , سوف تشعرين بالحرية والإنطلاق .. وتنتقلي من شجرة إلي شجرة بحريتك .. سوف لا تجدين مَنْ يقول لكِ ممنوع من هنا أو من هناك .. أي سوف تكونين بدون رقيب أو توجيه , لكن في نفس الوقت  يُوجد مَنْ يتربص لكِ من بعيد لينزع الحرية التي تعيشين فيها , فتصبح الحرية في هذه الحالة غير مجدية !... قالت لي : مَنْ هم الذين يتربصون بي وبحريتي ؟؟ قلت لها ربما أحبائك الذين يكرهون لكِ حياة الإنطلاق لأنها تُضيف عليكِ جمالا وشخصية ورقي ... ربما أسلافك المتزمتين وهم الأخطر ... سوف يعدون عليكِ الدَخلة والخَرجة ومن الإحتمال يقتلونكِ لو صوت تغريدك زاد عن حده لأن صوتك الجميل هذا عور في عيونهم  ... ربما هواة القنص والتحرش الذين يريدون الحرية لهم ويحرمونها علي الغير , وعندما ينهون مهمتهم النجسة يتركونك لمصيرك ومستقبلك المجهول .. هذه هي الحرية الخالية من الأمان والسلام.   
   كذلك لو أتوا بكِ في قصر .. مُحاط بفريق من الحرس , وعلي كل حجرة في القصر يتواجد أيضا حارس أوخادم ... سوف تشعرين بالأمان حقا .. سوف يأتي عليكِ الليل وتنامي وانت مطمئنة .. فالقصر مُحاط وحجرتك عليه حارس من الخارج ... لكن سوف تشعرين بالقيد ... سوف تتابعك النظرات والأسئلة وربما تواجهين معارضة وسلطة وأغلال ... سوف تعيشين تحت القانون ... هذا القانون ليس لحفظ حقك .. بل هو مُفصلا خصيصا لصاحب القصر لكي يحمي نفسه منك ومن حراسك وخدمك ... سوف لا تعرفي أحد إلا هذا الحاكم ... تنامين وتستيقظين علي صورته معلقة علي الحائط ... في كل حجرة تدخلينها سوف تجدين صورته أمامك وهو يبتسم لكِ علامة علي أنه ما يزال موجودا لسلامتك .. كل اسرارك وأعمالك لدي صاحب القصر أول بأول من منطلق العمل علي حمايتك وأمنك ...

كلامك سوف يكون بحساب ... خطواتك محسوبة عليكِ ... أصدقائك مُختارين من قبل صاحب القصر .. كل هذا من منطلق الحفاظ علي امنك وسلامتك ... ربما تسمعين أصوات أنين وألم من قبو القصر ... وعندما تسألين من هم الذين يتألمون ؟؟ سيكون الرد لا تبالي كل هذا من أجل أمنك وسلامتك . عندما تخرجين عند اصدقائك سوف يخرج معكِ كتيبة من الحراس , ومعهم الورق والقلم لكي يكتبوا تقريرا كاملا عن تحركاتك . هذا هو الأمان الخالي من الحرية .
    دخلنا القاهرة .. رفعت ذراعيها إلي أعلي .. وألقت عليّ بسؤال أكثر صعوبة ... أين مصر الآن من كل هذا ؟؟!! قلت لها : بالأسف مصر مثل "التي رقصت علي السلم ... لا إللي فوق شافوها , ولا إللي تحت عاينوها " .


وفي لحظة إستغلت تغريد فرصة فتح زجاج العربة ... وجدتها فردت جناحتيها ووقفت علي حافة الشباك .. قلت لها : هتنطلقي علي فين ؟؟؟ قالت سوف اطير إلي ميدان التحرير وهناك هعتصم أنا وكل الطيور إللي زيي لكي نكمل تحقيق ثورتنا ... فنحن نريد الحرية والأمان في وقت واحد..... نحن نرفض واحدة علي حساب الأخري ..!!!
   وطارت العصفورة تاركة ريشة من جسدها النحيل لكي يكتب بها شباب مصر تاريخ الثورة لو لم ترجع إلي عشها سالمــــــة ..!
   أتأسف لكم لأنني نقضت عهدي معكم ... كنت أود أن نعطي لبعضنا هدنة من مجريات الأحداث ... لكن الذنب مش ذنبي ... ده ذنب العصفورة المُدركة بحقيقة الأمور الجارية و إلتي حرضت قلمي أن يكتب عن أحوال مصر ما بعد 19 مارس يوم الإستفتاء العجيب ......!!




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :