الدولــــة المصريـــة وحكومتها .. تتخبط
د. ميشيل فهمي
السبت ٢٣ سبتمبر ٢٠١٧
بقلم - د. ميشيل فهمي
" إن المخرجّ الوحيد من الأزمـات ... التمسك بإصرار بمشروع الدولــــة الوطنية الحديثة ، والتي تقوم علي مبادئ المواطــــــــنة ، والمســـــاواة ، وسيـــــــادة القانون ، وحقوق الإنسان ، وتتجاوز بحســـــــم مـــحاولات الارتداد للولاءات المذهبية أو الطائفيـــــــة أو العرقية أو القبليةّ ، إن طريـــق الإصلاح يمر بالضرورة عبر الدولــــة الوطــنية .. ولا يمكن أن يتم علي أنقاضها .. "
تلك الكلمات المُضيئة والقوية والحازمة والحاسمة التي وجهها الي العالم أجمع زعيـــم الأمـة العربية والرئيس الصـــادق الأمــــين لمصر عبر منبر الجمعية العامــــة للأمم المتحدة في دورتها الــ ٧٢ في ٢٠١٧، وبالدراســــة الجيدة والتحليل العميق لمعاني ومقاصد هذه الكلمات نجِْــدّ الدولــــة المصريـــة وإجراءات مؤسساتها الرسمية ، وسلوك شعبها بعيدة كل البُعْد عن هذا تمامــــاً ..... فنجد الجيوش الدينية علي سبيل الِمِثالّ تحاول الاستيلاء علي المدارس بمختلف مراحلها خاصة جحافل جامعة الأزهــــر والمعاهد الأزهرية علي اتساع مصــــر ، وامتد الأمر إليّ غالبيــة مدارس وزارة التربية والتعليم علي اختلاف مراحلها وبالأخص المرحلة الابتدائية ، بٍلا مُقاومة بل بكامـل الخوف من التصدي ، فنجد السلفية الوهابية بالمناهج ، والسلفيون بهيئات التدريس ..... فمن تلميذات صغيرات مُححباتٌ إليّ مدرسات مُنٓقباتّ مع صمت تام مشوب بالخرف من التعرض لهذه الظاهرة من الإدارات التعليمية ، وامتد أمر التدين المفروض في الزِّي الشكليٌ والمضمون السلوكي إليّ العديد من مؤسسات الدولــــة ، كالمستشفيات والمؤسسات العلاجية فنري انتشار الطبيبات والممرضات المُنقَّبات وأطباء اللحى السلفية كملائكة الموت يحومون حول المرضي الذين لا حول لهم ولا قُوةّ ، بل امتد الأمر إليّ أٓسْلٓمٓةّ وزارة الداخلية بتحطيم قوانين الشرطة وتحويل الشرطة النسائية إليّ ( شرطة قندهار ) بتحجيب أفرادها رغم مخالفة ذلك لقوانين هيئة الشرطة المصريـــة ، ثم إذا أنتقلنا إليّ الشارع المصـــري نجد الكثيرين من رجال السلفية بِلِحاهمّ وسراويلهم القصيرة يسيرون جنباً إليّ جنب مع إسدال ونِقاب نسائهم في القرن الواحد والعشرون ، وإذ ما إنتقلنا إليّ أحدث وسائل المواصلات المترو فسنجد صور التمييز الطائفي واضحة وتسيد التجييش الديني بكل مظاهره ، أما ظاهرة أسلمة السواحل والشواطئ المصريـــة فحدث عنها ولا حرج حيث صارت أكبر إســـــاءة لوجه مصــــر الحديث ، أما عن الإعلام وخاصة الحكومي الرسمي فهو مُتخمّ بالتيار الديني الظاهري .. كل هذا وغيره يُضاف إليه شعور الكثيرين في العديد من القرى والنجوع وبعض المدنّ من التأذيّ والتضررٌ وعدم تحمل صلاة وصلوات المسيحيين من مواطنيهم ومعاقبتهم علي ذلك إما بالحرق أو بالطرد من منازلهم .. هذه الظواهر وغيرها تحدث في مصــــر الحديثة ، مصــــر التنمية ، مصــــر حضارة السبعة آلاف عام التي يقوم السلف الوهابي بمحاولات مستمرة للارتداد عنها وطمس هويتها في غياب سيادة القانون في مصــــر الذي بتطبيقه سيكون من أهم أسباب القضــــاء علي كل هذه السلبيات العاملة علي عدم تكوين الدولــــة الوطنية والعيش في ظل المواطــــنة ، والعمل علي وجود مصــــر عكس كل ما يتمناه كل مصــــري وعكس كل ما جاء بكلمات الزعيــــْـــم والرئيس .
إن التنمية وجذب الاستثمارات الدولية وبناء مصــــر الحديثة يتعارض مع كل هذه المظاهر البدوية الصحراوية الوهابية بل يُعيق خطواتها
إن وجه مصــــر الحقيقي لن يُكْشف عنه إلا بتطبيق القانون بحسم وحزم والعمل علي تحقيق المســـــاواة بين أهلها في الوطن .
وتحيا مصــــر .. تحيـــا مصــــر .. تحيـــا مصــــر .