لا يا زعيم.. لم يحطموا التماثيل
مقالات مختارة | بقلم : خالد منتصر
الأحد ٢٤ سبتمبر ٢٠١٧
فى كلمة الفنان عادل إمام على منصة مهرجان الجونة السينمائى، قال معلومة خاطئة وحادثة مغلوطة من بنات أفكاره، ولا أعرف من أى مسلسل خيال علمى نقلها ونسخها، والكارثة أن الجمهور صفق بحماس وكأنه سمع معلومة قوية صحيحة رهيبة، وفضلاً عن أن الكلمة كان فيها استظراف وتعالٍ عندما ذكر صلعة عزت أبوعوف، وأيضاً عندما ذكر أنه لولا «ساويرس» لم يكن ليحضر، وكأن الجالسين أكياس جوافة!!، وكأن الجمهور والناس لا يستحقون أن يتنازل الزعيم من أجلهم، المهم أنه قد ذكر فى كلمته أنه بعد انهيار الاتحاد السوفيتى تم تحطيم كل تماثيل كارل ماركس والسياسيين الشيوعيين الروس!!، أظنه لم يسمع «بوتين» وهو يصرح باعتزازه ببطاقة الحزب الشيوعى الذى انتمى إليه حتى توليه الحكم، هؤلاء قوم يا أستاذ عادل يحترمون تاريخهم ويعرفون أن توثيق أى لحظة تاريخية شىء مهم، وليسوا بتلك السطحية أن يذهبوا لتحطيم تماثيل كارل ماركس و«لينين» وحتى السفاح «ستالين»!!، عرضت فى صفحتى على الفيس بوك تماثيل كارل ماركس ولينين وحتى ستالين السفاح التى تملأ ميادين موسكو ومدن روسيا الأخرى، والتى لم تمس بخدش!!، لا أعرف من أين أتيت بهذا الكلام وتلك الخيالات، نعم هم قوم يحترمون الفن بعشق وغرام وجنون، ولكنهم لا يتنكرون لتاريخهم ولا يفعلون مثلنا حين شطبنا صورة الملك فاروق من أفلامنا ومحمد نجيب من كتبنا، وحتى حسنى مبارك الذى هتفت أنا ضده أعترض وبشدة على حذف صورته من بانوراما أكتوبر وشطب رفعه للعلم على طابا فى تسجيلات ماسبيرو!،
التاريخ وثيقة ولا يصح أن نزيفها من أجل المزاج!!، فنان بحجم عادل إمام لا بد أن يدقق فى مصادر معلوماته ولا يستمع لأى عابر سبيل يدلى له بأى معلومة تائهة ولقيطة، كنت من الممكن أن تحكى وأنت فى مهرجان سينما عن مشهد فيلم عازف البيانو حين رفض الجنرال النازى قتل عازف البيانو البولندى اليهودى لأنه عزف مقطوعته المفضلة!!، هناك قصص كثيرة من الممكن أن تحكى غير هذه القصة الملفقة، لكن الاستسهال الذى من الممكن أن ينطلى على الجمهور فى مسلسل على الـ«إم بى سى» لا يمكن أن يستمر وينطلى على الجمهور فى حكايات التاريخ الموثقة، وبعيداً عن كلمة عادل إمام وتعليقاً على صورة المهرجان ككل، فللأسف ما حدث فى مهرجان الجونة وضياع تلك الفرصة الترويجية الرائعة على مصر بسبب سخافات بعض الفنانين، وعدم استيعابهم لمسئولية أنهم يمثلون صورة وطن أمام العالم، ما حدث يغضب ويحزن لكن للأسف الغضب والحزن من الفنانين أنفسهم الذين قدرنا بعضهم فتحولوا إلى بالونات غرور ودفعنا ببعضهم إلى مهرجانات عالمية ففضحونا بإسفافهم وتفاهتهم، الفن إذا لم يتسرب إلى نخاع وروح الفنان وأيقن أنه مهمة مقدسة وليس بيزنس تجميع بنكنوت، فسيصبح سلاحاً مدمراً للفنان والفن قبل المجتمع.
نقلا عن الوطن