الأقباط متحدون - دولة القانون هى الحل
  • ٠٤:٠٨
  • الاثنين , ٢٥ سبتمبر ٢٠١٧
English version

دولة القانون هى الحل

مقالات مختارة | بقلم :د. عماد جاد

٣١: ١٠ م +02:00 EET

الاثنين ٢٥ سبتمبر ٢٠١٧

د. عماد جاد
د. عماد جاد

 فشلت المفاوضات بين وفد كردستان العراق وممثلى الحكومة العراقية فى التوصل إلى اتفاق لتأجيل الاستفتاء الكردى الذى بدأ أمس (25 سبتمبر) للانفصال عن العراق، وقد بُذلت جهود حكومية كثيرة من أجل إقناع حكومة كردستان العراق بتأجيل الاستفتاء والدخول فى مفاوضات من أجل الاتفاق على أسس جديدة للعلاقة بين الطرفين، وفى الوقت الذى تصر فيه حكومة كردستان العراق على إجراء الاستفتاء فى موعده المحدد ثم الحوار لاحقاً مع الحكومة العراقية، فإن الأخيرة تتمسك برفض الاستفتاء وتصر على استخدام القوة العسكرية فى حال ترتب على الاستفتاء إخلال بالقانون وأعمال شغب، وهو المتوقع فى حال مجىء نتيجة الاستفتاء بموافقة سكان كردستان العراق على الانفصال عن بغداد. ولا تتوقف آثار وتداعيات استفتاء كردستان العراق على حدود البلد فقط، بل تثير قضية الوجود الكردى فى ثلاث دول أخرى فى المنطقة هى تركيا وإيران وسوريا، فأكراد هذه الدول يعانون بدرجات متفاوتة ظلماً تاريخياً وتمييزاً حاداً يختلف من دولة إلى أخرى، فتزداد القسوة والمعاناة فى تركيا، حيث تعرّض الأكراد لظلم تاريخى وتمييز شديد طال القومية الكردية ذاتها، وتواصل صراع المصالح بين الدولة التركية وبين فصائل من أكراد تركيا تطالب بالانفصال وتشكيل دولة مستقلة تضم مستقبلاً أكراد الدول الثلاث الأخرى، كما أن الدول الأربع التى توجد فيها أقليات كردية وظفت الأكراد فى لعبة الصراع فيما بينها. ومما فاقم المشكلة تركُّز الأكراد فى مناطق جغرافية محددة داخل الدول الأربع، ومن ثم ظلت القومية الكردية حية بين أهلها وتوحدت الرؤية بين الأكراد على أن العيش فى ظل دولة كردية مستقلة هو الكفيل بإنهاء معاناة الشعب الكردى.

 
ولأن الأكراد عانوا من ظلم تاريخى وسياسات تمييزية تصل إلى درجة الاضطهاد، لا سيما فى تركيا وإيران والعراق وإلى حد ما سوريا، فقد سعوا مبكراً إلى الاستقلال عن الدول التى يعيشون على أراضيها ويحملون جنسيتها، وحققوا قدراً من النجاح فى العراق، لا سيما بعد حرب الخليج الثانية عام 1991، فقد حصلوا على الحكم الذاتى والانفصال الواقعى بعد أن غيّبت القوات الأمريكية والبريطانية الدولة العراقية عن إقليم كردستان. ولأن القوة كانت العامل الرئيسى من جانب الدول الأربع فى التعامل مع مواطنيها من أصول كردية، فقد وظف أكراد العراق القوة أيضاً فى محاولة فرض استقلال إقليم كردستان العراق، فقد نسجوا شبكة قوية من العلاقات مع العالم الخارجى، وفكّوا الارتباط تدريجياً بالحكومة المركزية وحصلوا على صفقات سلاح من دول غربية ومن إسرائيل التى يعتبرها قادة الأكراد النموذج والمثال الذى يُحتذى، فإذا كانت الحركة الصهيونية تبنّت فكرة أن الظلم الذى يتعرض له اليهود فى العالم سيتوقف بتجمع اليهود فى دولة، فإن الحركة الكردية تبنت نفس الفكرة وترى أن قيام دولة كردية مستقلة سوف يُنهى مآسى الأكراد التاريخية، ولذلك كان هناك من رفع علم إسرائيل فى المسيرات التى كانت تدعو إلى التصويت بنعم على الاستفتاء.
 
إن ما يجرى فى شمال العراق اليوم هو نتيجة منطقية لغياب دولة القانون والمواطنة والعدل، فغياب المساواة يؤدى إلى نمو مشاعر ذاتية تتحين الفرصة للتعبير عنها فى مطالب الانفصال، حدث ذلك فى جنوب السودان، ويحدث اليوم فى شمال العراق، والبقية تأتى، إلا من بادر ببناء دولة القانون، العدل والمساواة ومن قبلها المواطنة.
نقلا عن الوطن
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع