من الذى أهان الزى الأزهرى؟
مقالات مختارة | خالد منتصر
الثلاثاء ٢٦ سبتمبر ٢٠١٧
التحقيق مع الشيخ إيهاب يونس وإيقافه عن العمل. لماذا؟، لأنه غنى أغنية «لسه فاكر» لكوكب الشرق أم كلثوم فى برنامج تليفزيونى، والتهمة ازدراء الزى الأزهرى وإهانته!!
واحد من أجمل الأصوات التى استمعت إليها تغنى لأم كلثوم المستعصية على حناجر كل المقلدين، وبدلاً من تكريمه على لمسة الفن السحرية وإمتاع المشاهدين بلحظات شجن تغسل الروح، إذا بالقيامة تقوم على الشيخ الغلبان وتطالب بإعدامه معنوياً، صرخوا «وا إسلاماه» على جسده المثخن بجراح بوستات السباب السلفى وتويتات الفحش الإخوانى، استجابت «الأوقاف» للفاشية الدينية وحولته للتحقيق وسنت السكاكين لذبحه، ولم أكن أتوقع من وزير «الأوقاف» الذى كانت له مواقفه القوية ضد السلفيين والإخوان والمدعين أن يستجيب لابتزازهم وينكل بـ«إيهاب» هذا التنكيل.
شيخنا الجليل وزير الأوقاف.. الشيخ إيهاب لم يُهِن أو يزدرِ الزى الأزهرى، الذى ازدرى وأهان الزى ومرمط سمعة رجال الدين، بل أهان الدين نفسه، هو من شتم العقيدة المسيحية واتهمها بالفساد وهو يشغل منصباً كبيراً فى وزارتك ويحتل منبراً مؤثراً فى أحد المساجد التى تنتمى لتلك الوزارة وتحت سيطرتها، من أهان الزى هو من سمحت لهم من السلفيين باعتلاء المنابر وإفساد العقول والنفوس بعد أن خسرت الحرب وتسلل بعضهم بتصاريح وهمية إلى المساجد والزوايا ليُحرّموا تهنئة شم النسيم وتحية العلم ويبيحوا زواج الأطفال، من أهان الزى الأزهرى هو من أباح رضاع الكبير وهو الذى كان يشغل منصب رئيس قسم الحديث، من أهان الزى الأزهرى هو من تحدث عن نكاح البهائم ومضاجعة الجثث! من أهان الزى الأزهرى هو من أغرقنا فى الدم بفتاويه وأفكاره، ماذا فعل الشيخ إيهاب المحب للفن والعاشق للموسيقى؟، هل ضبطتم الرجل يعرض بورنو فى كباريه؟!، الرجل غنى بصوت سماوى ملائكى، الرجل غنى أغنية «لسه فاكر» الشجية الرائعة من ألحان السنباطى.. هذا هو كل ما فعله وتلك هى جريمته، مثل هذا الموقف الذى يعتبر الموسيقى تخلفاً والملحن شيطاناً، حدث مع الشيخ النقشبندى عندما اعترض على بليغ حمدى كملحن معتبراً إياه ملحن الرقص والهشك بشك من وجهة نظره، ووصل الأمر لتدخل الرئيس السادات شخصياً فى الأمر، وخرجت نتيجة وساطة الرئيس بأجمل أغانى النقشبندى بل أجمل الأدعية الدينية المغناة «مولاى.. إنى ببابك»، هذا الموقف الفاشى الرجعى من الموسيقى والطرب اتخذ ضد أم كلثوم شخصياً حين قرأت القرآن فى فيلم «سلّامة» وهاجت عليها الدنيا وماجت وخسرنا نتيجة لذلك أهم وأجمل وأعظم حنجرة كانت ستقرأ القرآن، خسرناها نتيجة لفكر ثابت منغلق أحادى كاره للفن.
يا وزير الأوقاف.. عرفناك أستاذاً للأدب محباً للبلاغة مؤلفاً لكتاب فى علم الأوزان والقوافى، أى إنك تعرف جيداً أن القافية الشعرية موسيقى وأن البلاغة فن، فلماذا التنكيل بهذا الشيخ؟، فلتعد إلى ملعبك الأدبى البليغ ولتترك ملعب ضغوط الوهابيين الجدد، أقترح عليك تكريم إيهاب بدلاً من التحقيق معه، وشكره على ما يملكه من حس فنى وذائقة موسيقية، اشكُره وكرّمه حتى ترسل رسالة إلى المجتمع بأن الفن هو أفضل سلاح ضد التطرف، وأننا بالموسيقى نستطيع مقاومة الإرهاب، لا أبالغ إذا قلت لك معالى وزير الأوقاف إن رفعك شعار «على صوتك بالغنا» ليس مستحيلاً أو جريمة نكراء، ثق بأن من يتذوق الموسيقى والسينما والمسرح والنحت واللوحة لن يصبح إرهابياً، سيرتقى وجدانه ولن يفخخ أو يفجر أو يذبح، سؤال لك يا وزير الأوقاف، هل عينك تدمع ووجدانك يسكنه الشجن وروحك ترفرف مع صوت المنشاوى ورفعت وعبدالباسط والطبلاوى أم مع مونوتون قراء المقابر الوهابيين الذين فُرضوا علينا فى غفلة من الزمن؟!، القراء المصريون مختلفون ومميزون بالفن وبالموسيقى وبخلطتهم المصرية السحرية التى أضفوها على قرآننا الكريم وأضافوها إليه.
أرجوك معالى وزير الأوقاف.. أوقف التحقيق مع الشيخ إيهاب يونس؛ فصوته وتذوقه ووجدانه فخر لوزارتكم وليس سبة أو عاراً، وإذا كنت تريد قائمة بالذين أهانوا الزى الأزهرى بجد، أُرسلها لك على الفور، لأنك للأسف أخطأت الهدف والتصويب، فالشيخ إيهاب ليس مرمى التنشين فهناك أوكار وثعابين ومصاصو دماء يستحقون الدخول فى ميدان رمايتك ومرمى نيرانك ليس من بينهم أبداً إيهاب يونس.
نقلا عن الوطن