من معاشرة الميتة إلى أكل لحم الجن.. فين الأزهر؟
مقالات مختارة | كريمة أبو العينين
الثلاثاء ٢٦ سبتمبر ٢٠١٧
أن تطالعك الشاشات ووسائل التواصل الاجتماعى بفتاوى من طراز أن من حق الزوج أن يعاشر زوجته الميتة، وأن أكل لحم الجن حلال وأيضا أن معاشرة الحيوانات ليست محرمة، كل هذه الفتاوى الصادرة عن شخصيات محسوب على المجتمع أنها دينية ليس هو الموجع ولا اللافت بل كون أن هؤلاء الأشخاص يصدرون ويصادرون فتواهم في وجود منارة العلم والدين ألا وهى الأزهر الشريف، فالمعروف أن هذا البنيان العظيم القديم المهيب كان لابد أن يهابه من يحسبون على المتدينين أصحاب رأى ورؤى، ولكن منذ فترة ليست بالبعيدة أصبح دور هذا الهرم الدينى يكتفى بالشجب والتنديد والتكريم إذا لزم الأمر وكأنه أصبح امتدادا لجامعة الدول العربية لا أخرس لها صوتا ولا حجب عنها ضوءا ولا منع منها شجبا وإدانة.
والمحير أيضا أن هؤلاء الأدعياء سمح لهم منذ زمن بأن يكونوا أصحاب برامج وفى بعض الأحيان ضيوف لبرامج ذات مشاهدة عالية، وأصبحت النون تسيطر على الميم وتعصرها عصرا لتصبح لغة الإعلان هي المسيطرة لتتراجع فى أثرها لغة الإعلام الهادف. وبين صراع النون والميم زاد ظهور هؤلاء المدعين وسيطر على الساحة ومعهم كل مشاكل المنطقة تراجعت واختفت وأصبح المسيطر في الفتاوى الجنس بكل صوره فتارة يحلون إرضاع الكبير وأخرى يتحدثون عن معاشرة الزوج لزوجته الميتة وكأنهم يفتحون عكا وينقذون الغرقى من موت محقق، وفى الوقت نفسه ترد عليهم كبيرتهم بفتواها التى ستضىء للشرق كله طريق التقدم والرقى ألا وهى أن معاشرة البهائم مجازة ولا شبهة فيها ولا عليها. وبين هذه الفتوى وتلك يظهر جهبذ آخر ويتحدث عن أكل لحم الجن.. ووسط كل هذه الفتاوى تتضاءل قيمة أهل الدين في نظر العالم الغربى الذي لا يدخر وسعا نحو الأخذ بروح الدين في الدنيا والسير على نهجها في كل مناحى الحياة.
وأصبح الغرب ينظر إلينا شذرا فنحن لا هم لنا إلا المرأة واللهو بها ومعها ومن أجلها، وأصبحوا أيضا يصنفون المسلمين بأنهم إما إرهابيون وإما شرهون جنسيا، ومع غياب دور العقلاء وبهتان صورة رجال الدين الحق. وأيضا عدم وجود تشريعات تجرم وتحرم صدور مثل هذه الفتاوى وتحويل من قالها إلى القضاء كل هذه الفوضى ستسهم في زيادة هذا الكم من العبث الدينى في إصدار الفتاوى من طراز لفت الانتباه وتصدر الأضواء والشهرة.. والغريب أن أصحاب هذه الفتاوى لم يشغلهم نواقص المجتمع كلها من عدم إتقان العمل والتفانى في أداء الواجبات وحب الوطن والبعد عن المحرمات وإعلاء روح الصواب والبعد عن الخطأ، لم ينظروا لكل هذه الأشياء وركزوا علمهم وعملهم على موضوع واحد وهو الغرائز المشبوهة.. والأدهى والأمر أن الدولة بجلالة قدرها لم تتخذ موقفا حازما لمجابهة هذا العبث، كما أنه من المثير للدهشة أن تجد فئات محسوبة على المجتمع بأنها متعلمة تدافع عن هذه الفتاوى وعمن قالها.. وأصبح لسان حال الموجعين يجأر ويقول أليس فيكم رشيد؟؟!!
نقلا عن المصري اليوم