الأقباط متحدون | منارات كنسية ومكاييل سياسية
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٢٣:٥٠ | الثلاثاء ٥ ابريل ٢٠١١ | ٢٧ برمهات ١٧٢٧ ش | العدد ٢٣٥٤ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

منارات كنسية ومكاييل سياسية

الراسل: ماجد موسى | الثلاثاء ٥ ابريل ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

الراسل: ماجد موسى
"لا يوقدون سراجًا ويضعونه تحت المكيال بل على المنارة فيضيء لجميع الذين في البيت" (مت 5: 15).
أتصوَّر أن أخطر ما يواجه الكنيسة الآن.. لا الاضطهاد والاستشهاد.. فالكنيسة وُلِدت مُضطهدة.. حجر زاويتها مسيح مصلوب وبنيان أساساتها رسل شهداء، نبت ايمانها ببذار دماء شهدائها عبر القرون..
 
إنها كنيسة مُضَّطهدة.. هاربة دائمًا من شر العالم الحاضر إلى برية نسكها، تتمخض لتلد مسيحها في قلوب بنيها..
 
فالكنيسة لا يُضيرها أبدًا الاضطهاد، ولا يهدِّدها أبدًا هدم جدرانها.. فالكنيسة كبنيان حي أعضاء جسدها نحن، ورأسه ملك الملوك ورب الأرباب. وهي بذلك تتجاوز كل حدود الجغرافيا، فلا يصبح بمقدور كل قُوى الظلمة أن تهدم أساسها أو تنقل مكانها أو تحد قدرتها.. وهي تتجاوز كل حدود التاريخ، فلا يصبح في مقدور أي من كان طمس معالم مجدها عبر الزمان..
 
ولكن أزعم أن أخطر ما يواجه الكنيسة الآن هو هذا الأمر الذي الذي حذَّر منه صاحبها "لا يوقدون سراجًا ويضعونه تحت المكيال".. 
 
فالكنيسة كنور للعالم لا يمكن أن نكيلها أبدًا بمكاييل العالم المادية..
 
فالكنيسة دائمًا فوق أرضية وفوق زمنية.. وإن اجتازت الزمان والمكان آنيًا لتقديم رسالة دبلوماسية خاصة كسفارة عن عالم أسمى "نسعى كسفراء عن المسيح كأن الله يعظ بنا. نطلب عن المسيح تصالحوا مع الله" (2 كو5: 20). 
 
لذا أتصوَّر أن استدعاء المصطلحات السياسية للتطبيق في الواقع الكنسي هو طرح جانبه الصواب، وإن جاز لنا التشبيه.. ولكن تطبيق الواقع السياسي الأرضي على الكنيسة الفوق أرضية وفوق زمنية غير جائز. بل هو نزول بسموها إلى أرض شابتها دائمًا كثير من الفساد. 
 
فلا يليق بنا فعل ذلك لاختلاف الواقع الكنسي عن المنظومة السياسية بما لا يُقاس. فالقيادة في الكنيسة في يد رأسها غير المنظور ـ له كل المجدـ مُمثلًا في رأسها المنظور لا كمتسلط على الرعية، بل كخادم وراعٍ صالح كسيدة، يغسل الأرجل ويبذل نفسه عن الخراف، ويُسأل عنها كوكيل عنه ومسئول عنها أمام السماء..
 
لذا نفهم لِما يبكي الراعي يوم استلام مسئوليته ويظل يراوغ- لو استطاع- ليهرب منها (نلاحظ في طقس الكنيسة والموجود حتى الآن، قيام اثنان من الآباء الأساقفة بتقديم المرشَّح الجديد للأسقفية، وإمساكهم به يمينًا ويسارًا إلى الهيكل حتى لا يهرب). وهو الأمر الذي لا يمكن أن نراه في القيادات السياسية التي تتغذَّى بدماء الأغنام وتستدفئ بجلودها؛ فهي تسعى بكل الطرق- الشريفة في أفضل الأحوال ولسنا بحاجة للحديث عن أسوأها- للوصول إلى الكراسي..
 
وأتصوَّر إنه من غير اللائق التحدُّث عن "الليبرالية"، وعن "النظام في الكنيسة" في مقابل نظام الدولة.
 
إن كان الرب قال عن السلاطين الزمنية: إن "السلاطين الكائنة هي مرتَّبة من الله" (رو 13: 1)، فكم وكم يكون عن وكلاء سرائر الله؟!! أي ليبرالية التي نتحدَّث عنها؟ وأين القيود للتحرُّر منها؟ 
 
كل تمرُّد على راعي الكنيسة المنظور هو تحرُّر من رأسها غير المنظور، فهو يمثِّله إلى أن يُختار وكيل آخر..
 
ولوضع الأمور في نصابها.. أفترض أننا لسنا بحاجة أن نتكلَّم عن عدم ايماننا بعصمة الرؤساء، وعن حرية طرح الآراء- في روح احترام الأبناء للآباءـ مع الوضع في اعتبارنا أيضًا أن القائد في الكنيسة قاضٍ وليس حاكم. فسلطان الحل والربط الممنوح له "فكل ما تربطه على الأرض يكون مربوطًا في السماوات، وكل ما تحله على الأرض يكون محلولًا في السماوات" (مت 16: 19)، لا يتجاوز أبدًا إطار القانون (دستور الكتاب المقدس وقوانين الكنيسة). فالقاضي ينطق بالحكم متكئًا على القانون، وإلا أصبح الحكم باطلًا غير قابل للتنفيذ في السماء...
 
أكثر ما أخشاه أن نجد يومًا في الكنيسة من يطالب بالتعددية الحزبية حتى تستقيم الحياة السياسية الكنسية!!! ونَهم بتكوين أحزاب لـ"بولس" وأخرى لـ"أبولس".. هذا يغرس وهذا يسقي، وكلٌ ينفرد بحزبه، والخاسر هو جسد المسيح الممزَّق الذى سيُمنع عنه النماء!!!
 
ومع كل ذلك، أطلب، بل وأطالب وأُصر على الحاجة إلى الثورة وإلى التغيير. ولكن ثورة كل منا على فساده.. وتغيير فكرنا (ميطانيا= توبة = تغيير الفكر).
 
صدِّقوني هذا جل ما يحتاجه واقع الكنيسة الآن.. أن "نتغيِّر إلى تلك الصورة عينها، من مجد إلى مجد، كما من الرب الروح" (2 كو3 : 18).




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :