العولمة تسقط الأنظمة العربية
بقلم: د.ماجد عزت إسرائيل
شهد العالم ـــ على مدار العقود العديدة الماضية تطورات سريعة ومتلاحقة ومتعددة الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية،لعل كان من أهمها هو الإزالة التدريجية للحدود غير الجغرافية بين الدول والكيانات السياسية،بحيث أصبح يسود اتجاه نحو توحيد القوانين التى تحكم كثيراً من الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية،كما خرجت الدعوة إلى نشر الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان على مستوى دول العالم المختلفة
وشاع استخدام مصطلح العولمةGlobalization في كتابات سياسية واقتصادية عديدة منذ أوائل التسعينات في القرن الماضي،وخاصة بعد التوقيع على اتفاقيات النظام العالمي الجديد للتجارة العالمية والذي نتجه عنه مفاوضات أورجواي (1986 ـ 1993) وتم التوقيع عليها عام 1994م.
ويستخدم مفهوم العولمة لوصف كل العمليات التي بها تكتسب العلاقات الاجتماعية نوعًا من عدم الفصل،إي إزالة الحدود الجغرافية التي توجد بين الدول؛بحيث تجري الحياة في العالم كمكان واحد– أي يصبح العالم قرية صغيرة- ومنثم فالعلاقات الاجتماعية التي لا تحصى عددًا أصبحت أكثر اتصالاً وأكثر تنظيمًا على أساس تزايد سرعة ومعدل تفاعل البشر وتأثرهم ببعضهم البعض. وفي الواقع يعبر مصطلح العولمة عن تطورينهما التحديثModernity،والاعتماد لمتبادلInter-dependence،
وتعتمد العولمة على التقدم الهائل في التكنولوجياوالمعلوماتية،بالإضافةإلى الروابط المتزايدةع لى كافة الأصعدة على الساحة الدولية المعاصرة.ويتضح ذلك في ثورة المواصلات والاتصالات ـ الإنترنت وظهور النقود الإلكترونية والتجارة الإلكترونية.
وكان لهذا التقدم الهائل أثرة على سقوط الانظمة العربية،بداية من سقوط نظام حكم الرئيس العراقى "صدام حسين" فى أوائل التسعينات من القرن الماضى؛ حيث أستخدامت الولايات المتحدة الأمريكية ـ القوى العظمى الوحيدة بعد سقوط الأتحاد السوفيتى ـ كافة الوسائل العلميةمن رافق العولمة من أجل تحقيق مصالحها وأثبات قدراتها أمام العالم على مناهضة هذا النظام الاستبدادى،ونجحت بالفعل فى ذلك وخاصة بعد أعدام الرئيس "صدام حسين" وأعلان هيمنتها على منطقة الخليج العربى.
ومنذ هذه الوهلة أدركت الولايات المتحدة الأمريكية، أن سقوط الانظمة العربية وتحريرها من أستبداد حكامها، لا يتم عن طريق التدخل الخارجى، مثلما حدث فى العراق، بقدر ما يتم عن طريق الشعب ذاته، فبدأت فى وضع خطة لازالة الحواجز الجغرافية بينها وبين العالم العربى وبين العالم العربى ذاته عن طريق تشجيع أنتشار العولمة، فمنحت بعض المؤسسات والبنوك الأمريكية الفرصة،لبعض أبناء الدولة العربية فى تعلم وسائل الأتصال الحديثة، وخاصة الكمبيوتر والأنترنت وتعلم اللغات وخاصة اللغة الأنجليزية لسهولة التواصل بين العالم، بل أكثر من ذلك منحت أجهزة الكمبيوتر مجاناً والتدريب عليها بل منحت المتدربين أمولاً مقابل تعلمهم، وأستطاعت بشتى الطرق من نشر العولمة ورافقها بإى وسيلة ممكنة، لانها هى السلاح الوحيد القادر على أسقاط الأنظمة العربية وخاصة بعدم عام 2001م.
على أية حال، نجحت العولمة ورافقها من أسقاط بعض الانظمة العربية وبعضها فى الطريق للسقوط، ونذكر على سبيل المثال ثورة تونس فى منتصف يناير 2011م، حيث ساهمت وسائل الاعلام الحديثة والفضائيات العربية والأجنبية من تشجيع الشعب التونسى على ثورته وتوحيد مطالبهم، بل سانده العالم العربى ، دون تدخل حتى أعلن "زين العابدين بن على" تخليه عن السلطة ورحليه إلى جدة بالسعودية.
كما أن ثورة الشباب المصرى فى 25 يناير 2011م،أعتمدت بشكل مباشر على العولمة، حيث قامت بدايتها بدعوة للشباب عبر الفيس بوك، وبالفعل تجمع الشباب بميدان التحرير، وساعدتهم بعض الفضائيات العربية وخاصة قناة الجزيرة، وقناة العربية،كما ابتكر الشباب المصرى بعض شعارات الثورة التى كان من أشهرها"الشعب يريد سقوط النظام"و"ارحل" " وجمعة الغضب" و"جمعة الرحيل" وتناقلتها وسائل الأعلام وعبر شبكة الأنترنت وأصبحت تردد ما بين ابناء الشعب جميعاً وظلت تردد حتى أعلن الرئيس "محمد حسنى مبارك" تخليه عن منصب رئيس الجمهورية فى 11 فبراير2011م.
وسرعان ما أنتشرت ظاهرة قيام عدوى الثورات بين الدول العربية من أجل أسقاط أنظمتها، مستخدمه شعارات موحده،والأقامة فى خيام بالميدان المشهورة بالدولة، ،لدرجة لايمكن أن تفريق بين ما يحدث فى دولة ودولة آخرى، ونذكر هنا ما يحدث الأن فى ليبيا الشعب يريد سقوط النظام للتخلص من أكثر من اربعين سنة استبداد، من حكم الرئيس"معمر القذافى"، وكذلك دولة اليمن شعبها يريد التخلص من رئيسها"على عبدالله صالح"، بالرغم من محاولاته العديده بإنه لان يترشح مرة آخرى إلا ان الشعب يريد رحيله.
كما أن العدوى مازالت تنخر فى معظم الانظمة العربية للتخلص من حكامها مثلما ما يحدث فى مملكة البحرين، والمغرب ، والأردن، والسعودية، وكان آخرها بالأمس القريب دولة سوريا.
وأخيراً هل ينج الشباب العربى فى أزاحة الانظمة الحاكمة؟ أم يصمد حكامها أمام العولمة ؟ هذا ما سوف يتضح فى الأيام القادمة.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :