البابا «فرانسيس» يبارك «الحج المقدس»
مقالات مختارة | سحر الجعارة
الاربعاء ١١ اكتوبر ٢٠١٧
لأول مرة أسمع عن «مسار العائلة المقدسة» في مصر، وأتفقد مواقعها، كان في عهد الدكتور «ممدوح البلتاجى»، وزير السياحة المصرى الأسبق، رحمه الله، والذى أعد المشروع كاملا وطبعت وزارة السياحة في عهده كتابا عن مسار العائلة المقدسة باللغتين العربية والإنجليزية، وحضرت معه– ضمن مجموعة صحفيين- البروفة النهائية لعرض الفيلم الوثائقى الذي أعدته الوزارة وكان العرض بكنيسة المعادى.
ترك «البلتاجى» الوزارة ليصبح وزيرا للإعلام، وأغلقت صفحة هامة في ذاكرة التاريخ القبطى، قبل أن تكون أحد أنماط السياحة الدينية في مصر.. ومن ينسب هذا المشروع لغير «البلتاجى» كاذب حتى النخاع وكل من حضروا الإعداد له مازالوا شهودا على الحدث.. حتى تاريخ كتاب وزارة السياحة يشهد بذلك!.
ظل الملف يفتح ويغلق، والسياحة أصلا تحتاج إلى «قبلة الحياة»، وتخرج تصريحات خجولة مترددة، حتى قرر الحبر الأعظم البابا «فرانسيس»، بابا الفاتيكان، قرر دعوة مسيحيى العالم وحثهم على زيارة «مسار العائلة المقدسة» في مصر والتي تعتبر بمثابة «الحج المقدس».. وأقام البابا «فرانسيس» القداس الذي بارك خلاله أيقونة رحلة العائلة المقدسة في مصر.. داعيا العالم لزيارة مصر.
وألقى الحبر الأعظم كلمة للحاضرين، قال فيها إن مصر بلد السلام وعاش فيها «يسوع» وأرض الحضارة والثقافة، ودعا لمصر أن تكون دائما في سلام.. وأضاف بابا الفاتيكان: إلى أنه يتذكر بمودة «الزيارة الرسولية» لأرض مصر الطيبة ولشعبها الكريم، مشيدا بهذه الأرض التي وصفها بأنها (الأرض المباركة عبر العصور بدم الشهداء والأبرار الثمين والتى عاش فوقها القديس يوسف والعذراء مريم والطفل يسوع والكثيرمن الأنبياء) ... وفى ختام كلمته قال البابا إن مصر هي (أرض التعايش والضيافة.. أرض اللقاء والتاريخ والحضارة).
بكل هذا الوعى والضمير الدينى اليقظ والمدد الروحى يمد البابا «فرانسيس» جسور المحبة مع مسيحيى مصر ومسلميها، وكأنه يقول في رسالته «أنا معكم».. أصلى من أجل المحرومين والمهمشين، والأرامل والأيتام، للمرضى والمحتاجين، وأرى عن بعد قهر المهجرين.
رساله مفادها أن حضارة مصر وثقافتها وسماحتها هي الوحيدة القادرة على تخفيف آلام الجميع، لقد وقف الحبر الأعظم على ضفاف النيل– خلال زيارته مؤخرا لمصر- ورفض أن يتجول في شوارعها بسيارة مصفحة.. لم ير البابا علامات «تطرف أو إرهاب» على وجه مصر، لأنه عرفها بقلبه، اختبر أصالة شعبها وصلابته بيقين المؤمن، الذي يدرك أن أيديولوجية الشر تقتل «المحبة»، وتنشر حروب إبادة الآخر وتصفية التنوع.. فجاء ينجدنا من شر أنفسنا، وينير الطريق أمام الغافلين «مصر هى الملاذ»، وأشار إلى دروب المحبة والعفو والمغفرة.. ثم عاد ليستكمل دوره.
حرص البابا «فرانسيس» بمباركته لرحلة العائلة المقدسة في مصر، على تحسين الصورة الذهنية عن مصر بشكل كبير، والترويج السياحي لـ «مصر السلام».. فهناك مليار و300 مليون شخص كاثوليكي بالعالم، وهناك إقبال كبير للحج للعالم وليس المسيحيين الشرقيين فقط، فالحج الفاتيكاني لمصر يخاطب العالم كله، ومن المتوقع زيارة أعداد كبير لمصر خلال الفترة القادمة.
وقد حضر مراسم مباركة أيقونة «الحج المقدس» وزير السياحة «يحيي راشد، والوفد المرافق له، خاصة بعد أن تردد «راشد» عدة مرات على الفاتيكان، وفى مايو الماضى التقى «راشد» مع المؤسسة الرومانية للحج بدولة الفاتيكان، لعرض خطة الوزارة لإحياء مسار العائلة المقدسة في مصر، وتجهيز الـ 8 مواقع أثرية، التي يشملها المسار المكون من 25 نقطة كمرحلة أولى وهي: كنيسة أبوسرجة- الكنيسة المعلقة، أديرة وادى النطرون الثلاثة (الأنبا بيشوى–السوريان– الباراموس)، كنيسة بجبل الطير، دير المحرق بجبل قسقام، دير العذراء بجبل درنكة».
وثمن وزير السياحة مباركة بابا الفاتيكان لأيقونة رحلة العائلة المقدسة في مصر، خاصة لما يمثله الفاتيكان من مكانة ككيان روحي وخاصة للمذهب الكاثوليكى.
والحقيقة أننى أشعر وأفخر بأن مسار العائلة المقدسة في مصر هو ملك لكل الإنسانية، ولا يقتصر على ديانة أو مذهب.. وهو توثيق لرحلة أشهر سائح في العالم، وأقدم رحلة سياحية معروفة وموثقة تاريخياً ودينيا.. وكما قال البابا «تواضروس»، بابا الأسكندرية جملته الشهيرة بأن السيد المسيح «أصغر سائح في العالم».
كل ما أتمناه أن نكون بحجم ثقة البابا «فرانسيس» ودعمه لمصر!.
نقلا عن المصري اليوم