الأقباط متحدون - الشيخ جاكسون تاه بين التوقع والإحباط
  • ٠٨:٤٦
  • السبت , ١٤ اكتوبر ٢٠١٧
English version

الشيخ جاكسون تاه بين التوقع والإحباط

مقالات مختارة | حنان شومان

٤٠: ٠٩ ص +02:00 EET

السبت ١٤ اكتوبر ٢٠١٧

حنان شومان
حنان شومان

حين يذهب المشاهد لمتابعة فيلم سينمائى يكون متأثراً بنسبة ما حتى قبل مشاهدة الفيلم بعدة أشياء لا علاقة لها بالفيلم ومستواه الفنى بشكل مباشر، فمثلاً لو قرأ آراء إيجابية أو سلبية عنه، وكذلك تاريخ أبطال العمل وصُناعه فى ذهن المشاهد فلو أن صُناع العمل لهم سمعة فنية جيدة أو سيئة يؤثر ذلك على المشاهد حتى قبل المشاهدة سلباً أو إيجاباً، إضافة لعناصر أخرى مصاحبة كالمزاج العام أو الحالة النفسية، واختصاراً فإن الأفلام السينمائية ووجهة نظرنا عنها تتأثر بعوامل عدة قد لا تكون جزءا من تكوين الفيلم ذاته، ولكن تبقى بالتأكيد الكلمة الأخيرة بعد مشاهدة الفيلم.
 
ولا أستطيع أن أدعى أنى مختلفة عن بقية المشاهدين غير أنى مدركة لمثل هذه التأثيرات وأزعم أنى أحاول فى تقييمى لأى عمل فنى أن أحيد مثل هذه التأثيرات.
 
الشيخ جاكسون فيلم لعمرو سلامة مخرج شاب قدم أربعة أفلام قبل هذا الفيلم حازت تقدير فنى واحترام جماهيرى دون نجاح مدوٍ وهى أسماء، وزى النهارده، وفيلم لامؤاخذه ،وصنع فى مصر، إذاً نحن أمام مخرج صاحب سمعة جيدة، وصرح بكثير من التصريحات السابقة على العرض التى توحى بأن كل ما مر من أعمال له لا يُقارن بجاكسون، ثم تم اختيار الفيلم للعرض فى افتتاح مهرجان  الجونة، ما يعنى أنه فيلم متميز ، ثم رشحته لجنة اختيار الأفلام ليمثلنا فى جائزة الأوسكار رغم كثير من اللغط حول الأمر، وكل تلك العوامل وضعتنى أمام توقع مسبق بفيلم جيد للمشاهدة .
 
وبالفعل ذهبت لمشاهدة الفيلم ولكن للحق خاب جداً توقعى، ومن فرط خيبة التوقع ذهبت لأشاهده مرة ثانية لعلى أكون قد وضعت له توقعا أكبر، ولكنى وجدت نفسى عند ذات الرأى.
 
يحكى الشيخ جاكسون عن شاب متطرف الفكر والتصرفات ويستعرض حكايته منذ كان طفلاً من خلال ما يحكيه هو عن نفسه لطبيبة نفسية، ويبدأ الفيلم بوفاة مايكل جاكسون الذى كان يمثل للفتى حلماً، فكأن وفاة جاكسون استدعت الذكريات، وتتداخل ذكريات البطل ما بين الطفولة، ثم بدايات الشباب، وصولاً إلى حياته الحاضرة، ويرسم لنا الفيلم صورة للأب لعلها الأكثر وضوحاً فى السيناريو رغم أن التغير الذى أصابه فى المشهد الأخير له تغير غير منطقى، أما شخصية البطل فأفضل فتراتها كتابة وتمثيلاً كانت المرحلة التى مثلها أحمد مالك.
 
فى أفلام السينما الجيدة لا شىء أو حدث أو شخصية يجب أن يتواجد دون داع درامى، وشخصية نور أو الطبيبة النفسية تقع فى هذا الإطار  هل دورها وُضع لمجرد أن تكون وسيلة لكى يحكى البطل حكايته وكونها امرأة أخطأ البطل الذهاب اليها فى المرة الأولى ظناً أنها رجل فهل كان من المنطقى أن يعاود الرجوع لها ؟
 
قصة الشيخ جاكسون ببعض ملامحها قد تكون تكررت فى حياة كثير من الشباب مابين الصبا والكبر، وما بين الحلال والحرام وما بين حب الحياة والخوف من الموت، ولكن السيناريو تعامل معها بلا عمق، وبلا روح، وبرتابة وصلت للملل فى بعض المشاهد، فبدا وكأنه خطاب مؤثر لأحد الدعاة الجدد صوته مرتفع ولكنه بلا روح، ولو فكرت فيه قليلا لزال أثره.
 
أحمد مالك وماجد الكدوانى هما أفضل عناصر الأداء وبالتأكيد لأن أدوارهما هى الأفضل فى الطرح الدرامى رغم بعض الثغرات، أحمد الفيشاوى ممثل موهوب جداً ولكن دوره فى هذا الفيلم لم يحمل له جديد، أمينة خليل دور بلا أثر لأنه مكتوب بلا أثر، محمود البزاوى ممثل ثقيل الحجم ولكن نفس ما قيل لأمينة يقال له، سلمى أبو ضيف درة وياسمين رئيس،  وجود قصير ولكن أداء مؤثر.
 
نعم نحن بحاجة لعشرات من الأفلام التى تناقش فكرة التدين وعلاقة الإنسان بربه ومجتمعه، لأنه أمر فى المقام الأول إنسانى وفى المقام الثانى حاجة مجتمعية وأفضل من يستطيع سبر أغوارها هو الفن وخاصة السينما، ولنا فى بحب السيما مثال سينمائى رائع متكامل لطرح فكرة التطرف والتدين والحياة والموت حتى من خلال طفل صغير، فهل لم يحظ باحتفاء كاف لأنه كان عن نموذج مسيحي؟
 
من حق عمرو سلامة مخرجاً وكاتبا للسيناريو أن يعتبر جاكسون هو أفضل أفلامه ويبقى لى الحق فى أن أعتبره أقلهم مستوى فنى كتابة وإخراجاً، ومن حق من اختاروه ليمثل مصر فى الأوسكار أن ينحازوا له، حتى لو عاد خالى الوفاض كما يحدث معنا دائماً رغم أنى أتمنى له النجاح لمجرد أنه فيلم مصرى. 
نقلا عن اليوم السابع

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع