القتل فى بلادى صار عادياً!
مقالات مختارة | حمدي رزق
الثلاثاء ١٧ اكتوبر ٢٠١٧
لتقل خيراً أو لتصمت تماماً، وصمتك خير من الكلام الجارح للمشاعر، فُجع المسلمون قبل المسيحيين فى استشهاد القس سمعان شحاتة، سيما وأن فيديو الحادث شيّر تشييراً، وشاهده الملايين صوتا وصورة، والقاتل يجهز على القس المسالم الذى بوغت بالهجمة الحيوانية دون ذنب جناه.
رُوع المسيحيون، واجتاحتهم نوبة عنيفة من الألم، وواساهم وعزى فى الفقيد المسلمون المحبون، وتحولت حوائط الفيس إلى بكائية مثلها ينزف دمعاً فى كل شهداء الوطن، لا نفرق بينهم، كما لا يفرق الموت بين مسلم ومسيحى، ولا قس ولا شيخ، ولا غنى ولا فقير، كل نفس ذائقة الموت.
عجباً من العجب العجاب فى الأيام الهباب، أن يلوم المسيحيين على حزنهم، وما يضيرك يا هذا من أنينهم، لماذا التطوع بالأذى، يا أخى احترم مشاعر إخوتك، كف عزاء، تطييب خواطر، أقله ثواب إذا كنت تتحرى الحسنات، الموت مبقالوش جلال يا جدع، إذا لم يكن بوسعك العزاء، فاصمت يرحمك الله.
النائب الذى وصف استشهاد القس شحاتة بأنه عادى، وحادثة عادية جداً فى بلد فيه 104 ملايين، ودى حاجات بسيطة بتحصل فى أنحاء العالم، مجاف للذوق وللشعور العام، ويهون من جريمة قتل على الهوية الدينية، وإذا كان يجهل مغزى قتل القس وهو يرتدى لباسه الكنسى، فيحتاج إلى مراجعات ضرورية فى فقه المواطنة.
النائب يتحدث مهوناً، ويتهم المسيحيين من طرف خفى بالتهويل، دى حاجة بسيطة، هل القتل صار فى بلادى عادياً، والقتل على الهوية صار حاجة عادية وبتحصل، أخشى أن النائب سقط من حالق فى بئر نفسه الأمارة بالسوء، هذا النائب الذى يهون ويستهون سفك الدماء، وقتل النفس التى حرم الله إلا بالحق، بالله عليكم كيف ينوب عنا، ويشرع لنا، هل هذه مواصفة نائب مؤتمن على الأرواح؟!
التهوين الذى يمارسه النائب قولاً أخشى أنه لبانة فى أفواه وأرانب، هذه دعوة صريحة إلى مزيد من سفك الدماء، متى ترتعد أوصال هذا النائب، ويجفل، كم عدد القتلى ليشعر بالخشية، كم عدد القسس والكهنة المغدورين ليشعر بحزن إخوته، ألم يحس للحظة أن مقتل قس على يد سفاح متطرف متهوس دينياً حدث جلل، ويخشى من تكراره، أو تكون نقلة فى تكتيكات الجماعات الجهادية السلفية الذين يتقصدون ويستهدفون رجال الدين المسيحى.
وبعيداً بعيداً عن الحادث، لم استفزاز مشاعر إخوتنا المسيحيين، يا أخى الملافظ سعد، أتقتل القس مجدداً، الناس حطه حزنها فى قلبها وساكتة، وإذا تألمت أو غردت على روح الفقيد، تناولهم بالقول، ثم أتلوم المسيحيين أن يطالبوا بالكشف عن الجناة الحقيقيين!.
ماذا تفعل لو كنت مكان أسرة القس شحاتة؟
ومن أول لحظة يقال إن القاتل مختل، أى مجنون، حتى قبل الكشف على قواه العقلية، حاجة تجن الجن وتعفرت العفريت، وماذا تقول فى محاولة مفضوحة لإخراج الحادث من سياقه والحديث عن قتل للسرقة، هو مجنون ولا حرامى، أليس هذا الذى تترت فيه تقارير صحفية يستفز إخوتنا أيما استفزاز؟
المسيحيون لا يهولون ولكنهم يصرخون من الألم، المسيحيون ارتضوا طويلاً الشهادة فى محل الشهادة، ولكن فى الشارع، وعلى رؤوس الأشهاد، يخشون على أنفسهم وعلى كهنتهم أن تصيدهم الذئاب المنفردة المطلوقة فى برارى القتل، حباً فى الله اللى معاه كلمة طيبة يقولها، وخير من الكلام الصمت.
نقلا عن المصري اليوم