إن كان أحد!
مع القراء | الراسلة: هايدي سمير
الجمعة ٨ ابريل ٢٠١١
إن كان أحد قادرًا على أن يحمي نفسه ويضمن حياته، فإنه حقًا قادر على أن يحمي الأقباط!!
أسمع كثيرًا هذه المقولة: "نحن سوف نحمي الأقباط ولا نسمح لأحد أن يتعدى عليهم". وعندما أسمعها تدور في داخلي بعض الأسئلة التي يمكن أن تكون في ذهنك أيضًا يا أخي ويا أختي، وهي منْ سيحمي الأقباط؟ ولماذا سيحميهم؟ وما الذي سوف يستفيده من حمايتهم؟ وما الذي سوف يقدِّمه الأقباط ليحصلوا على هذه الحماية؟
أبدأ الإجابة بسؤالي الأخير، وهو ما يقدِّمه الأقباط ليحصلوا على الحماية.. يقدمون الجزية، ويمكن أن تُوضع تحت الإتاوة. وهي كانت زمان يأخذها الفتوة من الشعب المفترض إنه يقوم بحمايته، ويقوم بجمعها الرجال التابعين للفتوة. وكانت جبرية تؤخذ من الشعب. أو يمكن أن يقدِّموا شيئًا آخر، وهو أن يكونوا من رجال الفتوة، وبذلك يعيشون حياة بدون جزية، أقصد بدون إتاوة، ولا أعدك بأن تحيا حياة كريمة؛ فالأمر يمكن أن يكون أصعب، لأن الفتوة سوف يقترب منك ومن بيتك، وعليك أن تقدِّم له الغالي والنفيس لتسعده وترضيه، وزد عليهم كرامتك وحريتك التي لا تُقدَّر. وهذه هي الحماية التي لا نريدها. أليس عصر الفتوة انتهى من سنين؟ فكيف نعود إليه؟!!
والسؤال الذي يسبقه هو: ما الذي سوف تستفيده من حماية الأقباط؟ أكثر ما يستفيد به منْ يدَّعي إنه سوف يحمي الأقباط، هو الشعور بالسيادة والتسلُّط والهيمنة على الآخر، وأيضًا تصليح الصورة الذهنية لدى الأقباط والعالم، وكثير من المنافع التي تعود عليه.. أقول: لماذا لا تحمي المرأة التي تُقهر من أب أو زوج باسم الشريعة؟ لماذا لا تحمي الأطفال الذين يتعرضون كل يوم إلى الانتهاكات مرات عديدة؟!!
تقابلت مع بنات صغيرات لا تتعدى الواحدة الخمس سنوات، وترتدي الحجاب! وهي طفلة. كيف تلعب وتلهو وتتزحلق وتتمرجح بالحجاب؟!! أليس هذا انتهاكًا لحريتها وحقها كطفلة؟! وهل الحجاب اختيار أم إجبار؟ وإن كان اختيارًا، فكيف تختار هذه الطفلة التي لا تتعدى الخمس سنوات؟ وإن كان إجبارًا، فكيف تكون هذه الطفلة من الداخل، التي تُجبَر من نعومة أظافرها؟!! من بيت أبيها تُجبر، ومن بيت زوجها تُجبَر، وكأن البنت خُلقت لكي تُجبَر!! وتُربى على أيد أبيها، وأيضًا زوجها يعيد تربيته؛ إضافة لخدمة الرجل وتلبية رغباته!!!!!!
وأقول أيضًا لمن يريد حماية الأقباط: لماذا لا تحمي الصوفيين؟ بدلًا من هدم الأضرحة وتكفيرهم! لماذا لا تحمي البهائيين غير القادرين على أخذ أبسط الحقوق؟!! والسؤال الثاني هو: مِن مَنْ سوف تحميهم؟ من المسلميين الذين نعيش معهم على الحلوة والمرة؟ يوجد الكثير من المسلميين لا نخاف منهم لأنهم حقًا إخوة.. تحمينا من النظام؟! أي نظام؟!! تحمينا من المتشددين والمتطرفين؟!! "مصر" كلها تحتاج إلى حماية من المتشددين، وليس أحد قادر على حمايتها غير الله، مستخدمًا الناس العقلاء الذين يحترمون الحرية وحق الآخر، ولا يريدون أن يكونوا أسيادًا لعبيد، ولا يفضِّلون الحياة في الظلام. والأقباط لا يخرجون بالسيف ولا بالسلاح، ولكن يخرجون باسم الله، ولا ينتظرون سوى الله.