الأقباط متحدون - سميرة أحمد.. خيوطٌ في حب مصر
  • ٠٥:٤٧
  • الخميس , ٢٦ اكتوبر ٢٠١٧
English version

سميرة أحمد.. خيوطٌ في حب مصر

مقالات مختارة | بقلم : فاطمة ناعوت

٥٩: ١١ ص +02:00 EET

الخميس ٢٦ اكتوبر ٢٠١٧

سميرة أحمد.. خيوطٌ في حب مصر
سميرة أحمد.. خيوطٌ في حب مصر

 يف تتحوّلُ «الخيوطُ» إلى «أحجار»؟ ليس إلا على يدِ ساحرة تمتلك عصًا سحريةً في نهايتها نجمةٌ لامعةٌ تخطف عيونَ الأطفال وتشغل أحلامَهم بعوالم مدهشة جميلة، لا محلّ لها من واقعنا البليد الجامد المحزون بالويلات والمحن والحروب. المطلوب إذن ساحرةٌ تلعب بالأشياء وتبدّل في تركيبها الفيزيائى، ليتحوّلَ شىءٌ إلى شىء. ولكن عصورَ الساحرات قد ولّت ولم تعد موجودةً إلا في كتب الحكايا وحواديت الجنيّات. لكنه يحدث. يحدثُ أن تتحوّل خيوطٌ ناعمةٌ نحيلة مجدولةٌ في ثوبٍ أنيق، إلى أحجار صلدّةٍ حاسمة تبنى وتُشيّد. يحدث هذا فقط في خزانة سيدةٍ حسناءَ نبيلةٍ، نبتت كزهرة مشرقة من أرض مصر الطيبة.

 
في يوم الجمعة الموافق ١٣ من هذا الشهر، أكتوبر، كان الاحتشادُ في نادى الجزيرة حول تلك النجمة الآسرة التي حصدت قلوب المصريين. فتحت لنا خزانات ملابسها التي ظهرت بها في أفلامها وأعمالها الدرامية، حتى نقتطف من زهورها ما نشاء، ونضع في صندوق «تحيا مصر» ما تجودُ به أيادينا، لتكون قطرةً في شلال هادر من المحبة لهذا الوطن الذي يستحقُّ حبّنا كمصريين، بعدما أحبّه العالمُ المتحضر، لأن مصرَ هي صانعةُ الحضارة وكاتبة السطر الأول في كتاب التاريخ غزير الصفحات. في هذا المعرض الخيرى المبهج، الذي أقامته الفنانة المثقفة الوطنية «سميرة أحمد»، شاهدتُ بعينى كيف أن الأشياء الجامدة تحمل طاقة حية، تعيش وتتنفس. تنفعل وتشعر وتحنّ وتحزن وتفرح مع أصحابها. اجتمعت نساءُ مصر حول خيوط تلك الفنانة الجميلة لتنتقى كلٌّ منّا ثوبًا خالدًا من أعمالها، في حبّ مصر: د. مايا مرسى، د. غادة والى، د. هالة السعيد، وغيرنا الكثيرات من الوزيرات والأديبات والإعلاميات والفنانات، عطفًا على رموز مصر السياسية والفنية، لنشهد معجزة تحول الخيوط الملونة إلى أحجار تبنى وطناً. هذا الفستان من فيلم «أم العروسة» سوف يتحول إلى حجرٍ في مشروع جديد لإسكان الشباب حتى يتزوّجوا. وهذا الثوب من فيلم «الشيماء»، سيكون نواةً لمدرسة جديدة تعلّم أطفالنا العلوم والفنون والأخلاق. وذلك الجلباب الرثّ الممزق من فيلم «الخرساء» سيكون حجر الزاوية في مؤسسة تساعد الصامتين على الجهر بالقول والنغم.
 
تلك هي الجميلة «سميرة أحمد»، ذات الملامح الحادّة الحاسمة العذبة الآسرة. بوجهِها الذي يليقُ بامرأة تامةِ الأنوثة، تامةِ الذكاء، تامةِ الوعى، تامةِ البأس، في آن. في وجهها وابتسامتها العذبة، نتعلم أن قوةَ الشخصية، لدى المرأة، لا تتناقضُ مع الأنوثة، بل هي أحدُ أهمِّ أركانها، عطفًا على الثقافة والوعى وامتلاك زمام النفس. 
مَن بوسعه أن ينساها فتاةً عربية ذات بأس، جاء بيتَها حشدٌ من سادة العرب لتُطربهم شاديةُ بنى سعد بصوتها الجَلىّ، فهتفت الشيماءُ فيهم بغضب: «ويحَكم! أجاريةٌ تؤمَر؟ بل حرةٌ أغنّى ما أشاء وقتما أشاء!»، وحينما أهانها عِكرمةُ بن عمرو بن هشام، أحدُ أشرافِ قريش، لم تنصع لجبروته، ولم تصدع لأمره، ولا رهِبَتْ بطشَه، بل رمته بـ«الجَهول بن أبى جهل». ثم أشهرت سيفَها ووخزت عنقَه أمام الناس فأضحكتْ عليه القبيلة: حين هتفت: «لا يتكلّمُ عن الأدبِ مَن عدِمَه!».
 
مَن ينساها فارسةً تمتطى صهوة الحصان بين الفرسان العتاة شاهرةً سيفَها الممشوق في وجه الظالمين، وهى تشدو: «حسبه الله معه»؟! ومن ينساها سيدة وراعية قادمة من جنوب مصر إلى أبناء شقيقها بالقاهرة لتُقوّم سلوكهم وتقودهم إلى خانة الأخلاق دون سيف في يدها ولا عصا، ليس إلا ريشةً من طائر الحب دائم الشدو؟!
كنتُ قد وعدتُ روّاد صالونى الشهرى بمفاجأة في صالون أكتوبر. وحان الآن أن أعلنها في مقالى هذا. ضيف الشرف لهذا الصالون ستكون الغرّيدة الجميلة «سميرة أحمد»، لتمنح شباب الصالون شيئًا من رحيقها ونُثار الألماس الذي جمعته طوال تجربتها الفنية والوطنية العامرة. وأما مفاجأتى الشخصية لرواد صالونى القادم بعد يومين، فهى أننى سأرتدى أحد فساتين «سميرة أحمد» من فيلم أم العروسة، ذاك الذي اقتنصتُه من معرضها الخيرى في حب مصر، ليتحول في بيتى إلى أيقونة خالدة في حب مصر. تحية احترام وحب عميق لتلك الفنانة الجميلة التي ستجلسُ على منصّة صالونى الأحد القادم ٢٩ أكتوبر بمكتبة مصر الجديدة، فتكون زهرة زهرات ضيوف الشرف.
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع