الأقباط متحدون - الإرهاب وساطوره مش وجهة نظر!!
  • ٠٨:٤١
  • الاثنين , ٣٠ اكتوبر ٢٠١٧
English version

الإرهاب وساطوره مش وجهة نظر!!

مقالات مختارة | بقلم : مدحت بشاي

٣٢: ٠٩ م +02:00 EET

الاثنين ٣٠ اكتوبر ٢٠١٧

مدحت بشاي
مدحت بشاي

 عقب نشوب حدث طائفى شهير فى الزمن المباركى، عُقد اجتماع حضره وجهاء النخبة وخرج المجتمعون على إثره بـ 26 توصية من بينها 15 توصية موجهة للحكومة و6 توصيات للصحافة والإعلام، أبرزها تجريم الخطاب الطائفى و4 توصيات للمؤسسات الدينية وتوصيتان للأحزاب السياسية. أوجز البعض منها فى المحاور التالية:

 
 الأول: على النخب التى يجب أن تدير حوارا فيما بينها أن يتواصوا بالحق، وأن يكون لديهم وعى بخطورة الاستخدام الطائفى حتى يعود الجميع إلى جادة الصواب.
 
 الثانى: الرادع المؤسسى بما يعنى ضرورة تفعيل مواثيق الشرف الصحفى وتوقيع جزاءات على الخارج عن هذا النهج من النقابات.
 
 الثالث: الصحافة المصرية لم تكن على المستوى المطلوب فى معالجاتها المتوالية لأحداث النزاعات الطائفية عندما تناولت موضوعات الأسلمة والتنصير كوسيلة لإحراز تنويعات صحفية غير مسبوقة.
 
كل هذا فى النهاية كلام تقليدى متكرر، وتوصيف يتم تحديثه وفق تجدد شكل الصراعات ووجوه صانعيها والظروف المحيطة لصياغتها، ولكن يبقى أننا لم نُفعل ما لدينا من قوانين.. هناك المادة 160 والمادة 161 من قانون العقوبات تُجرم مجرد التشويش على إقامة شعائر ملة أو احتفال دينى خاص بها أو تعطيلها بعنف أو تهديد، وأيضاً تجريم كل من استغل الدين فى الترويج أو التحبيذ بالقول أو بالكتابة أو بأية وسيلة أخرى لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة أو تحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعى أو الطعن فى كتاب مقدس أو تحريفه عمدًا أو السخرية من الاحتفالات الدينية، كما أضافت المادة 171 من قانون العقوبات نصًا يقضى بعدم التعدى بالنشر بكل الوسائل «الصحف والكتب، وغيرهما من وسائل النشر على أى دين».. ماذا فعلنا بكل تلك القوانين، ولم يتم تفعيلها  مع من قاموا بارتكاب كل تلك الجرائم بكل أشكالها ودرجات إضرارها بالبلاد والعباد؟!
 
يبدو أننا، وفى معايشتنا لكل تفاصيل حياتنا، وعندما نواجه مشاكلنا، ونمارس فنون المعارضة بكافة صنوفها وآلياتها فى البيت والشارع ودواوين الحكومة وفى كافة  المؤسسات حتى المعنية منها بأمر إنتاج  الفكر الإصلاحى والرأى الحر.. فى كل تلك المواقع نمارس حقنا فى الاعتراض بالاكتفاء باقتراح ووضع حلول توفيقية غير حدية جازمة ملزمة تنقلنا إلى مواقع التطبيق ومن ثم يمكن توقع  إمكانية حدوث الانفراجة.. حلول نتوهم فيها الخلاص رافعين شعارا افتراضياً يُرضى كل الأطراف، فنصل فى النهاية إلى حال نبدو فيه وكأننا واجهنا المشكلة، وكأننا قد وضعنا الحلول.. لابد من تجاوز التعايش السلبى مع صانعى ومروجى الفكر الإرهابى الظلامى.
 
عقب كل حدث طائفى يتنادى أهل الرأى، وتتدفق الحلول على طاولات الحوار.. وتنشب معارك غريبة حول خيارات مثل: 
ــ هل الحل فى إنشاء مجلس للمواطنة، أم ندع الأمر للمجلس القومى لحقوق الإنسان؟!
 
ــ إنشاء لجنة عليا تضم شيخ الأزهر وبابا الأقباط، أم الاكتفاء بلجنة حكماء ولا داعى لإقحام المؤسسات الدينية؟!
 
ــ تفعيل ميثاق الشرف الصحفى، أم تطبيق آليات المساءلة النقابية؟!
 
كل ذلك وأكثر طرحه رؤساء تحرير صحف ومجلات مصر، ونخبة من أهل التنوير أيضا فى الزمن المباركى، وقد يكون البعض منهم من رموز التبكيت على أحوال البلاد من نخب الوجهاء إياهم وضيوف حفلات السمر اليومية المسائية، والحصاد مجموعة تصريحات يعيش عليها تجار صحافة الإثارة الفاشلة!!
 
ويظل هناك حوار مختلف فى الشارع.. ينظر الناس فى وجوه بعضهم وهم يتابعون بملل ودهشة فى آن واحد وجوه نخبة الوطن.. الملل مبعثه تكرار الأزمات الدموية يرافقها أو يتبعها تكرار حدوث مثل هذه الفعاليات بنفس السيناريو، وكانت الدهشة عندما حدق هؤلاء النظر فى وجوه بعضهم، وتأكد لهم تورطهم فى ذات الفعل الذى من أجل مناهضته كان الاجتماع السابق، ومع ذلك أتوا بكل براءة يحدثوننا عن الفتن وسنينها!
بقى أن أذكر أن مثل تلك الاجتماعات منذ ذلك الزمان الحاشد بالفتن والكوارث الطائفية، وحتى تاريخه وبعد قيام ثورة من أجل إقامة عدالة اجتماعية وكرامة إنسانية، وأخرى لإسقاط حكم رجعى دينى مستبد، يجرى على أرض الوطن، وداخل أول برلمان وبعد كتابة الدستور الأحدث لم تخلف لنا إلا مجموعة أوراق بحثية لاجتماعات ظل يعمرها وجهاء المجتمع وأشاوس الكلام، ولا شيء يحدث سوى أن ينال ساطور كاره للمسيحية ورموزها من رقبة كاهن وقتله فى وضح النهار بكل ذلك الغل وتلك الرغبة الدموية لدى القاتل دون أن ترتعد فرائص أحد لبشاعة الحدث من رموز مؤسساتنا الدينية أو الحكومية أو المدنية، وذلك بتعاليم وتوجيهات من مازالوا يعتلون المنابر وتتم استضافتهم عبر وسائط الميديا لاستحلال دم غير المسلم بحضور ورعاية مجالسنا الجديدة المناهضة للإرهاب والكراهية وهيئات الإعلام والصحافة الحديثة ونقاباتها ومؤسساتها!!
 
 إلى برلماننا فى دورته الحالية، فليكن أمر إقامة مفوضية مناهضة التمييز الدينى هو الأمر الأولى بالرعاية حقناً لدماء ضحايا التخلف الفكرى وشهداء جرثومة التخلف الحضارى بعد أن تم إرجاء مناقشتها بالعند فى مادة بالدستور التى كانت توجه بضرورة الانتهاء من وجودها ومباشرة أعمالها فى أول دورة للمجلس بعد إقرار الدستور.. إلى الرئيس السيسى ينبغى التأكيد للشعب من جهة ولأعداء الحرية والحق والخير والجمال أن هناك إرادة سياسية حقيقية للتغيير وتحقيق حلم إقامة دولة مدنية معاصرة. 
 
يا سادة الإرهاب لا ينبغى عرض تحدياته واستضافة رموزه باعتبار أطروحاتهم وجهات نظر ينبغى  السماع لها ومناقشتها كما سمحنا بمخالفة وجود الأحزاب الدينية واستمرار عملها رغم رفض قيامها بأمر بنود الدستور.. الإرهاب مش مجرد وجهة نظر نناقشها إلا إذا كنا بصدد التبشير باستقبال دولة داعش!!
نقلا عن روز اليوسف

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع