الأقباط متحدون - مصر والنيل والسدود والعالم (1)
  • ٠٦:٣٧
  • الثلاثاء , ٣١ اكتوبر ٢٠١٧
English version

مصر والنيل والسدود والعالم (1)

مقالات مختارة | نادر نور الدين

٣٨: ٠٣ م +02:00 EET

الثلاثاء ٣١ اكتوبر ٢٠١٧

نادر نور الدين
نادر نور الدين

 فى المنتديات العالمية للمياه تحشد الدول كبار علمائها، إما للمناقشات العلمية والاستفادة من حديث العلم أو لمواجهة بعض المتربصين بالحقوق المائية لها ومحاولة شرح حقائق الأمور دون خداع أو تعمد إخفاء الحقائق. أيضا تلجأ بعض الدول إلى كبار العلماء من القامات البارزة والحاصلين على جوائز عالمية مرموقة فى المياه للدفاع عن مواقفها والهجوم على بعض الدول الأخرى. هذا يلخص ما حدث فى الأسبوع العالمى للمياه والذى عقد فى السويد خلال الفترة من 27 أغسطس وحتى أول سبتمبر الماضى.

 
فعندما يحاضر عالم مرموق حاصل على جوائز عديدة فى المياه فيقول إن مصر تمنع دول منابع النيل من بناء السدود وإن عليها أن تتغير، وعليها أيضا أن تلتزم بما وقعت عليه فى إعلان مبادئ الخرطوم للاعتراف بسد النهضة الإثيوبى وألا تستولى على مياه النيل وحدها، فكان لابد أن يتم التصدى للأمر بعلم ودبلوماسية وهدوء.
 
فالأمر أن مصر لا ترفض بناء السدود فى دول منابع النيل، ولكنها ترفض فقط السدود العملاقة وهو ما يرفضه أيضا قانون الأمم المتحدة للمياه والذى نص على حتمية أن تكون سدود دول المنابع صغيرة لا تضر بالدول التى تليها ولا تغير من طبيعة تدفقات النهر ومواسم تدفقاته ولا تضر بالمنشآت القائمة فعليا والسابق إنشاؤها على النهر، وبالتالى فموقف مصر متسق مع قوانين الأمم المتحدة والدليل أن مصر مولت وشاركت فى بناء سد أوين فى أوغندا ثم سد كييرا الذى يليه بل طالبت بزيادة ارتفاع السد الأول من أجل أن ينتج المزيد من الكهرباء لأوغندا، بالإضافة إلى سد تاكيزى فى إثيوبيا نفسها لأن سعته التخزينية 9 مليارات متر مكعب فقط. الأمر الثانى هو أن مصر تتمسك ببنود قانون الأمم المتحدة لمياه الأنهار الدولية فى حتمية الإخطار المسبق من دول المنابع لدول المصب قبل إنشاء السدود، وهو ما أفرد له القانون ثمانية بنود كاملة، متضمنة أن يشمل هذا الإخطار المسبق الدراسات الكاملة للتداعيات البيئية والمائية والاجتماعية والاقتصادية التى قامت بها دولة المنبع للسد المقترح، وأن يترك لدولة المصب حق مراجعة هذه الدراسات عاما كاملا يحق لها بعدها أن تقبل السد أو أن ترفضه، وفى هذه الحالة يتم اللجوء إلى الأمم المتحدة للفصل بينهما. وهنا نتساءل أين هو خطأ الموقف المصرى فى التزامها ببنود القوانين الدولية للمياه، بل إن دولة المنابع التى ينبغى عليها تحمل تكاليف الدراسات المرافقة لإنشاء السد كاملة طلبت من مصر والسودان أن تتحملا التكاليف على غير ما ينص عليه القانون الدولى، وكأنهما هما من سيستفيدان من إقامة سد المنبع الأكبر!. أما محاولة الادعاء بأن مصر لم توقع على قانون الأمم المتحدة لمياه الأنهار الدولية حتى لا تلتزم ببنوده، فالرد بأن جميع دول حوض النهر لم توقع ولم تنضم للقانون فلماذا اللوم على مصر فقط، رغم أن هذا لا يمنع الالتزام والاحتكام إلى نصوص القانون!.
 
الادعاء بأن مصر تستولى على مياه النيل وحدها وأنها تقوم بنقلها إلى الصحراء لزراعتها حارمة دول المنابع من نفس الحق، فهذا القول يشهد عليه مساحة الرقعة الزراعية فى مصر وفى دول المنابع كمستهلك أكبر للمياه، حيث تشير الحقائق إلى أن مصر هى أقل دول حوض النيل فى الرقعة الزراعية بمساحة لا تتجاوز 3.5 مليون هكتار (8.6 مليون فدان) بينما تزرع إثيوبيا فعليا 35 مليون هكتار (84 مليون فدان)، منها نحو 4 ملايين هكتار تزرعها فقط بالوقود الحيوى، أى أكثر من إجمالى المساحة الزراعية فى مصر!، إلى جانب أضعافها بالمحاصيل الاقتصادية والحبوب والقطن والبن والأغذية العضوية مرتفعة الثمن.
 
وفى المقابل تمتلك تنزانيا 122 مليون فدان وهى أكبر دولة تزرع حاصلات الوقود الحيوى فى أفريقيا ثم كينيا التى تمتلك 80 مليون فدان وتمثل أكبر دول العالم إنتاجا للشاى، ولا تتجاوز نصف مساحة مصر وأوغندا 35 مليون فدان رغم أن مساحتها أقل قليلا من ربع مساحة مصر وأخيرا السودان، التى تمتلك 220 مليون فدان من الأراضى القابلة للزراعة، فأين هى إذن المياه، التى تستولى عليها مصر وتحرم دول المنابع منها، وهى أقل الدول فى الرقعة الزراعية، التى تعتبر المستهلك الأكبر للمياه؟!.
 
فى المقال القادم نرد على نقل المياه للصحراء وتطوير الرى والاعتماد على النهر.
نقلا عن المصري اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع