رغم أنف القانون .. الأمن يغلق مباني كنسية تنتظر توفيق أوضاعها ! !
يوسف سيدهم
السبت ٤ نوفمبر ٢٠١٧
بقلم: يوسف سيدهم
صدر القانون رقم 80 لسنة 2016 بشأن بناء وترميم الكنائس في 2016/9/28 وتضمنت مواده أرقام (8) و(9) و(10) المسار الواجب اتباعه لتوفيق أوضاع المباني الكنسية غير المرخصة والتي تقام فيها الشعائر الدينية قبل صدور القانون, وعلي أن يصدر رئيس الوزراء قرارا بتشكيل لجنة برئاسته تتولي دراسة وفحص ملفات تلك المباني وإصدار القرارات الخاصة بتقنين أوضاعها. وبالفعل صدر قرار رئيس الوزراء رقم 199 لسنة 2017 في هذا الشأن في 2017/1/26, وتبع ذلك مراجعة واستلام ملفات 3730 مبني كنسيا ومبني خدمات تابعين للكنائس القبطية الأرثوذكسية والكاثوليكية والإنجيلية قبل أن يغلق باب تقديم الأوراق في 2017/9/28 بعد انقضاء عام علي صدور القانو, واستبشر الجميع خيرا ببدء مسار فحص الملفات تمهيدا لتقنين الأوضاع وفك أسر الحالات التي تنطوي عليها, الأمر الذي يعطي المشروعية لمباشرة الأقباط إقامة شعائرهم الدينية كحق كفله لهم الدستور وبالمساواة مع إخوتهم المسلمين في حقوق المواطنة.
ولعلي أعود وأكرر ما سبق أن كتبته منذ شهر مضي حين أوردت الفقرة الأخيرة من المادة رقم (8) من قانون بناء وترميم الكنائس والتي تنص علي: …وفي سائر الأحوال لا يجوز منع أو وقف ممارسة الشعائر والأنشطة الدينية في أي من المباني المشار إليها أو ملحقاتها لأي سبب كان… والمباني المشار إليها وملحقاتها هي التي جاء ذكرها في المادتين (9) و(10) من القانون, فالمادة (9) تنص علي أن: يعتبر مرخصا ككنيسة كل مبني قائم في تاريخ العمل بأحكام هذا القانون تقام به الشعائر الدينية المسيحية بشرط ثبوت سلامته الإنشائية وفق تقرير من مهندس استشاري إنشائي معتمد من نقابة المهندسين…., والمادة (10) تنص علي أن: يعتبر مرخصا كل مبني يستخدم كملحق كنيسة أو مبني خدمات أو بيت خلوة قائم في تاريخ العمل بهذا القانون متي كان مملوكا للطائفة وتوفرت فيه الشروط والضوابط المنصوص عليها في المادة (9) من هذا القانون…..
ومن المعلوم للكافة أن ملفات المباني الكنسية وملحقاتها الـ3730 ما كانت لتقبل من القائمين علي اللجنة المشكلة بقرار رئيس الوزراء, ما لم تكن مستوفاة الشروط المنصوص عليها في القانون, ولذلك لا مجال إطلاقا في عدم إعمال نص المادة رقم (8) والخاص بعدم جواز منع أو وقف ممارسة الشعائر والأنشطة الدينية في أي من تلك المباني لأي سبب كان.
لكن يبدو أننا مازلنا نتغني وحدنا بالقانون بينما هناك في أجهزة الإدارة وسلطات الأمن من يتراءي لهم مخالفته والتذرع بتبريرات واهية وهم غير مدركين أنهم بذلك يهدرون هيبة الدولة ويستهينون بصولجان القانون ويتقاعسون عن أداء واجبهم… وفوق ذلك كله والأكثر خطورة أنهم يكافئون المتشددين والمتطرفين ويسمحون لهم بالإفلات بجرائمهم وإرهابهم دونما حساب أو عقاب.
كنا نظن أننا وفقا لدستور 2014 ووفقا لقانون بناء وترميم الكنائس وتوفيق أوضاعها وضعنا حدا نهائيا للتقارير الأمنية التي طالما تذرعت لإغلاق الكنائس -مرخصة كانت أو غير مرخصة- بحجة أنها تهدد السلام والاستقرار الاجتماعي وكان العجب أن تلك التقارير لم تجرؤ علي نعت المتعصبين والمتطرفين الذين يعتدون علي الكنائس ويحرقونها بأنهم يهددون السلام والاستقرار الاجتماعي بل تركتهم مطلقي السراح ينعمون بفعلتهم واستباحت اتهام الكنائس بأنها مصدر تهديد للسلام والاستقرار الاجتماعي… هذا ما كان يحدث واعتقدنا أنه ينتمي إلي أزمن أزمة ولي ولن يعود مرة أخري, لكننا الآن نراه يطل علينا بكل جرأة لكن مع تطوير الذرائع والمرادفات, فها هو الأمن في المنيا وسوهاج قبل أسبوعين يغلق أربعة مبان كنسية تمارس فيها الشعائر الدينية والصلوات إرضاء للمتشددين لكن بدلا من سيناريو تهديدها للسلام والاستقرار الاجتماعي, طلعوا علينا بهاشتاج جديد هو نخشي علي المسيحيين من المتشددين!!!… حدث هذا في ثلاثة مبان كنسية في محافظة المنيا ومبني رابع في محافظة سوهاج, علما بأن الحالات الأربع جميعها مقدمة ملفاتها إلي لجنة توفيق الأوضاع وتنطبق عليها نصوص عدم جواز إغلاقها أو وقف ممارسة الشعائر الدينية فيها لأي سبب كان.
إذا كان علي الأقباط كمواطنين مصريين يحبون بلدهم- مثلهم مثل إخوتهم المسلمين- أن يتحملوا نصيبهم من ضربات الإرهاب الذي ابتليت به مصر, وإذا كان عليهم أن يصمدوا إزاء كل محاولات الإرهاب للوقيعة بينهم وبين أقرانهم في الوطن, وإذا كانوا من أصغرهم إلي أكبرهم يدافعون عن مصر في جميع المحافل المحلية والدولية, فعلي الأقل من حقهم أن يشعروا أن السلطات في بلدهم تستميت في الدفاع عنهم وعن حقوقهم التي يكفلها القانون وأنها لا تتهاون مع المتشددين ولا يروعها إرهاب المتطرفين وأن ذودها عن الأقباط والقانون وهيبة وكرامة الدولة لا يقل أبدا في حتميته وإلحاحه عن تعقبها للإرهابيين والمسلحين الذين تخوض ضدهم معارك شرسة.