بيانات الفتنة فى المنيا!!
مقالات مختارة | حمدي رزق
الاثنين ٦ نوفمبر ٢٠١٧
أزعجنى بيان الأنبا مكاريوس، أسقف عام المنيا وأبوقرقاص بشدة، وصدمنى بيان محافظ المنيا، اللواء عصام بديوى، وتمنيت لقاء مباشراً بين الأسقف والمحافظ، وكلاهما يُثنى على الآخر، وبينهما من اتفاق أكثر كثيراً مما يشتم من خلاف برز جلياً فى البيانين المتصادمين.
ما لفتنى أكثر واستغربته توالى البيانات الصادرة من إبراشيات شقيقة فى المنيا، وكأن هناك سباقاً على إصدار البيانات، بيان مطرانية ملوى وأنصنا والأشمونين متضمناً شكر الرئيس وشكر رئيس مجلس الوزراء، ووزير الداخلية، ومساعد ورئيس قطاع الأمن الوطنى، ومحافظ ومدير الأمن، ورئيس جهاز الأمن الوطنى، وضباط الأمن الوطنى بالمنيا، لافتاً إلى إنهاء العديد من المشكلات والموضوعات المعلقة منذ فترات طويلة، والعمل الدؤوب على خدمة الكنيسة القبطية، ما فسره البعض بأنه بيان فى اتجاه معاكس لبيان الأنبا مكاريوس، ويصب فى بيان المحافظ صباً.
وبيان مناصر أصدره الأنبا أغاثون، أسقف مغاغة والعدوة، يعلن فيه تضامنه وكهنة إبراشية مغاغة والعدوة منحازاً لموقف الأنبا مكاريوس، أسقف المنيا، وطالب الأسقف فى بيانه، أجهزة الدولة والأجهزة المحلية، بإعادة النظر لحل مشكلات الأقباط فيما يخص دور العبادة وتأدية الشعائر الدينية، لأنه بالفعل توجد مشكلات حقيقية بمختلف الإبراشيات بمحافظة المنيا- حسب البيان.
لافت بيان شكر وتقدير لكل أجهزة الدولة من الأنبا بطرس فهيم، مطران إبراشية المنيا للأقباط الكاثوليك، عجباً الفتنة دخلت بين الطوائف، ومرقت بين الصفوف، هذا جد خطير، والبطريركية صامتة، ولسان حالها ليست بالبيانات تحل المشكلات، والبيانات لن توفر حلولاً، وتخضع لتفسيرات وتأويلات وتثير الفتن.
وكأن هناك معركة بين الأنبا مكاريوس والمحافظ بديوى تستلزم انحيازاً هنا أو تستقطب تأييداً هناك، وهذا يعقّد الموقف ويفتن إخوتنا فتنة عظيمة، الأنبا مكاريوس لا يحتاج دعماً من إبراشيات شقيقة، والمحافظ ليس فى حاجة لشق الصف المسيحى ببيانات إبراشيات صديقة، ما تحتاجه المنيا اجتماع رموز مسؤولة تتحرى مصلحة الوطن أولاً، وتضع الأمور فى نصابها دون تهويل أو تهوين، وهذه مسؤولية المحافظ فى محافظته ممثلاً للحكومة والبابا فى البطريكية باعتباره أباً للجميع، وليكن اجتماعاً وطنياً فى البطريركية ينتهى إلى حلول تئد الفتنة فى مهدها.
لا أذهب إلى تقييد حرية الأساقفة فى إصدار البيانات، ولكن مد النار بحطب البيانات يشعلها، والشعب خارج حدود محافظة المنيا لا يدرى ما حقيقة الأمر، ويتداول البيانات مصحوبة بتعليقات وتغريدات وتتويتات تخلّف احتقاناً هائلاً، ويدفع الأطراف إلى مزيد من التشدد، ويقطع الطرق الآمنة للوصول إلى حلول ليست مستحيلة.
الناس عاوزة تصلى، هل هذه مشكلة؟، متى كانت الصلاة حراماً على طائفة دون أخرى؟!، متى ارتهنت حرية العبادة هكذا بقرارات إدارية؟، لماذا التمترس فى مواقف تعبر عنها بيانات تصدر عندما تتقطع سبل الحوار؟، ولا سبيل إلا الحوار على أساس من القانون. ولطالما نحَّينا القانون جانباً، لطالما تعقدت المواقف، واستغلها العاملون على الفتنة، سدوا الفُرَجْ وامتنعوا عن إصدار البيانات، وطبقوا القانون، ساعتها لن تكون هناك حاجة لبيانات شكر وتأييد!.
نقلا عن المصري اليوم