قانون يوسف زيدان!
مقالات مختارة | بقلم حمدي رزق
السبت ١١ نوفمبر ٢٠١٧
مقولات الدكتور يوسف زيدان تستأهل رداً من المشتغلين بالتاريخ، حوارات، ومناظرات، وندوات، كافٍ جدا، ومطلوب تقليب الأرض وحرثها وتعريضها للشمس، للتخلص من الآفات الضارة التى لحقت بالعقل العربى، من التسليم بما هو سائد، والخشية على ما هو ثابت، وهذا صحى تماماً عند أصحاب العقول.
عقاب الدكتور يوسف زيدان تحديداً، وبعامة كافة المختلفين طرحاً، بقانون العيب فى الرموز التاريخية، يصدر من البرلمان، هذا عجيب، قانون يقع فى باب العجب العجاب، وستمتد آثاره المخيفة من الرموز التاريخية إلى الرموز التى تحكم فينا، وهذا يحصِّن ما يجب ألا يحصَّن، وينزِّه ما ليس منزَّها، يضفى قداسة، وفى الأصل الإنسان يخطئ ويصيب، وخير الخطائين التوابون.
أقرب لقانون العيب فى الذات الملكية أيام الملكية، ومثيله قانون العيب فى الذات الرئاسية أيام السادات، وأربأ بالبرلمان أن يتورط فى هذا القانون المعيب، ثورة 25- 30 فى تحليلها الأخير ثورة على حكم الشخص والجماعة، ثورة على تقديس البشر.
غيرة النائب «عمر حمروش» على الرموز محمودة، ولكن على أى رموز، ومَن الرمز، وما قائمة الرموز التى يُحظر الاقتراب من حياضها، أخشى أنها ستتسع إلى اسم الدكتور على عبدالعال نفسه، أليس رئيساً للبرلمان، أليس رمزاً، مَن يمس الدكتور عبدالعال بحرف فعقابه الحبس مدة لا تقل عن 3 سنوات ولا تزيد على 5 سنوات، وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد على 500 ألف، وفى حالة العود يعاقب بالحبس بمدة لا تقل عن 5 سنوات ولا تزيد على 7 وغرامة لا تقل عن 500 جنيه ولا تزيد على مليون جنيه.
ومَن ذا الذى سيحدد قائمة الرموز التى يحصّنها القانون، هل سيتوفر البرلمان على إعداد قائمة بالرموز المحصنة، أم ستُترك للأستاذ «سمير صبرى» اجتهاداً ليحدد مَن الرمز الذى يستأهل التحصين، فإذا مسه حرف رفع قضية تأسيساً على مواد هذا القانون؟!
لا فُضَّ فوه، النائب حمروش يفجعنا وينعى علينا: «إننا تأخرنا كثيراً فى حماية الرموز التاريخية من التشويه»، الحمد لله الذى جعل فينا نائباً يملك هذه الغيرة على الرموز التاريخية، فعلا إحنا غلطانين يا حمروش، الدنيا تلاهى، تلهينا عن حماية الرموز، وتحصين جواهر التاج.
يا عم الحاج فُضَّها سيرة، تأخرنا فعلاً عن إغاثة الملهوف، ونشر العلم، وتنوير العقل، وتحصين حقوق الإنسان، هل الرموز التاريخية اشتكت لسعادتك، عرابى جالك فى المنام وقال: أغثنى يا حمروش.. أعلم صلاح الدين الأيوبى فى قبره حزين، وطبعا سيادتك زرت قبره وسمعت أنينه!!!!، يا نهاااااار لو هذا القانون سبق مسلسل «الجماعة»، كان الكبير وحيد حامد راح فى «طوكر»، لقد مسّ الرمز عبدالناصر وقال إنه كان من إخوان البنا!.
توقعت من أستاذ القانون الدستورى، الدكتور على عبدالعال، رئيس مجلس النواب، رفض مشروع القانون، ولكنه للأسف أحاله إلى لجنة مشتركة من لجنتى الشؤون الدستورية والتشريعية والإعلام، يعنى القانون سلك الطريق، رحم الله شيخ القانونيين العرب، العلّامة الدكتور عبدالرزاق السنهورى، الذى وصف مثل هذه المتوالية فى إصدار القوانين التى تجافى المنطق بـ«الانحراف فى ممارسة التشريع»!.
نقلا عن المصري اليوم