الأقباط متحدون - الحكومة وصناعة «الفهلوة»
  • ٢٠:٣٦
  • السبت , ١١ نوفمبر ٢٠١٧
English version

الحكومة وصناعة «الفهلوة»

مقالات مختارة | بقلم : شريف رزق

٥١: ٠٣ م +02:00 EET

السبت ١١ نوفمبر ٢٠١٧

شريف رزق
شريف رزق

 يقول لو هولتس «Lou Holtz» «إما أن تنمو أو تموت» وهذا تلخيص وجيز للمُعضلة الأساسية التي تواجه دول العالم الثالث وبالأخص مصر وهي فكرة النمو والتطور والتعامل مع العالم الحديث والتواصل معه بنفس أدواته. وقد قال عالم التاريخ الطبيعي والجيولوجيا البريطاني تشارلز دارون ( 1892-1882) «ليس الأقوي أو الأكثر ذكاء في الأنواع هو القادر على البقاء ولكنه الأكثر قدرة على التكيف» والقدرة على التكيف هي ما تُميز المجتمعات عن الأخرى. ويحتاج التكيُف مع الواقع لعملية تطوير وتحديث مستمر في كافة المجالات وعلى كافة الأصعدة. وفيما يبدو أن الحكومة مازالت تنتهج طرق لن توصلنا إلى ما نصبو إليه إذا أردنا أن نتعامل مع العالم الحديث.

 
ولذا فمن الضروري أن نتفهم طبيعة فكرة التنمية المستدامة كحجر أساس لبناء مجتمع قوي قادر أن يتعامل مع الواقع لا أن يهرب منه ويتحايل عليه ويستخدم أساليب اللف والدوران والفهلوة حتى يتسني له أن يعيش في عالم قاسِ وصعب المراس. اللوم الدائم لكثير من المصريين على استخدام الفهلوة كأسلوب حياة ليس في محله تماماً، الفهلوة في مصر هي أسلوب دفاعي من أجل الحصول على أكبر قدر من الفائدة مع بذل أقل قدر من المجهود، ويتم ذلك في إطارات العمل غير المُراقب، ويعتمد على جهل الآخر أو حاجته لما يقوم به من خدمات. فالكثير منا يذهب للميكانيكي أو السباك أو الكهربائي دون معرفة بالمشكلة أو أبسط طرق الحل ومن ثم يقوم بعضهم بمحاولة استغلال الموقف لصالحه.
 
ولو حللنا تلك الأمور لمكوناتها الأولي سوف ندرك ببساطة أن كثير من تلك الوظائف يمتهنها أي شخص، ولو نظرنا للآخرين سوف ندرك بسهولة أن في معظم الدول الغربية لابُد أن يحصل كُل مهني على رخصة معتمدة حتي يتمكن من ممارسة المهنة، وهذا دور الحكومة، التي لا تقوم به في مصر. وحين يستغل العميل أو يخدعه، فهنا يستطيع العميل أن يشتكي ويشرح مشكلته لجهة ما، ومن ثم يصبح هذا بمثابة رادع لكل مهني يحاول أو يفكر أو يقوم بخداع عميل ما.
 
الفهلوة واللف والدوران تحدث حين تغيب القواعد المنظمة لأي نشاط بشري، لقد أصبح كثير من المصريين يمتهنوا الفهلوة وذلك لغياب المُنظم والمشرف وفي هذه الحالة نفترض أن هذا دور الحكومة ولكنها لا تفعل ونُصاب بحيرة من هو الفهلوي هل هي الحكومة أم الناس!؟ وقد يفسر هذا إلى حد ما نجاح الكثير من المصريين خارج الحدود، حيث تكون الأمور أكثر وضوحاً ويقل اللف والدوران وتُصبح القواعد هي ما تُسير الحياة وليس «معلش» «و عشان خطري» «طول عمرنا بنعملها كده» وغيرها من التعبيرات والجُمل التي تُجافي العقل والمنطق وتحتضن الجهل والخُرافة.
 
لم يولد المصري بجينات «الفهلوي» بل أصبح هكذا، فنحن مجتمع أبوي ذكوري هرمي نحترم السلطة ولا نُقدر الأفكار. ولكن الأفكار أقوي من الأشخاص مهما بدا أن هؤلاء يمتلكون السلطة المطلقة، لكن الحقيقة أن الأفكار لا تموت بل يموت الأشخاص عديمي الأفكار، الديمقراطية وحرية التعبير أفكاراً خالدة تحيا ما حيينا ونموت نحن وتبقي هي.
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع