الأقباط متحدون - تحت الستين
  • ٠٥:٢١
  • الثلاثاء , ١٤ نوفمبر ٢٠١٧
English version

تحت الستين

مقالات مختارة | حمدي رزق

١٧: ٠٩ ص +02:00 EET

الثلاثاء ١٤ نوفمبر ٢٠١٧

حمدي رزق
حمدي رزق

 «صباح الخير:

 
أنا عندى مشكلة محتاجة آخد رأى حضرتك فيها، طبعا أنا سعيدة جدا باللى بيحصل فى شرم الشيخ وصورة مصر قدام العالم ورئيس مصر المحترم جداً، لكن ماحدش واخد باله إن مردود الاهتمام بالشباب دفن جيل كامل اعتبارا من سن الـ45 لفوق!!.
 
إحنا الجيل اللى بيرقص على السلم، لا بيعتبرونا شباب ولا إحنا قادرين نقتنع إننا خلاص انتهينا، إحنا الجيل إللى اشتغل عمره كله علشان لما يوصل للسن ده نبدأ ننقل خبراتنا ونحصد نتيجة شغلنا فى المناصب والعائد أو المرتب، لكن فوجئنا بتهميشنا ومطلوب مننا نقعد فى البيت نستنى قضاء ربنا أو نقبل بنص مرتباتنا، ولما تكون كمان من الطبقة الوسطى اللى ما قدرتش تحوش وبتكمل حياتها أقساط رفاهية، القعدة من غير شغل أو بنص مرتب غير متاحة لنا.
 
أعمل إيه وأنا عندى 53 سنة؟، دخلى الوحيد فى الدنيا مرتبى، ومرتبة حياتى على دخل معين وبتعرض لضغوط ماليش ذنب فيها غير إنى غصب عنى وصلت للسن ده!، ما أنا مش لازم أبقى (سوبر) علشان أعرف أعيش فى مستوى كويس أو أكون وارثة لا أعيش!».
 
رسالة قلّبت عليا المواجع، جيل كامل مشرد فى هذا الوطن، كل ذنبه أنه أخلص فى حبه للوطن، جيل كامل لم يعد يهم أحداً، ولا يفكر فيه أحد، جيل تمت إحالته للتقاعد رغماً عن أنفه، جيل دخل غصباً دائرة النسيان، لا أحد يشعر بمأساته، ولا يحفل بآلامه، ولا يستصحب طموحاته، مثل خيل الحكومة، تقاعد سياسياً ومجتمعياً، تغص بهم النوادى والمقاهى، يقتاتون لبان الصبر مع أنفاس الشيشة، أو لزموا قعور البيوت يأساً.
 
زمان كان فيه برنامج من تراث الإذاعة المصرية اسمه «تحت العشرين» برنامج ضاحك جميل كله بهجة وسرور، نحن فى أمس الحاجة لبرنامج اسمه «تحت الستين» يذكّر بجيل، ويهتم بجيل، ويرفع معنويات جيل «فوق الستين» كان الله فى عونهم هدهم المرض، ويترجون الله فى معاش يسترهم أمام الناس، ولكن «تحت الستين»، كما جاء فى الرسالة الحزينة، لايزالون بقوتهم وعقولهم وأفكارهم، ليس كل قديم عفا عليه الزمن، وليس كل جيل قديم يحال إلى المعاش المبكر، ولا يلزمهم معاش مبكر، قادرون وإن تقطعت بهم الأسباب.
 
كتب الكبير «مصطفى الفقى» يوماً مقالاً حزيناً عن «جيل الطابق المسحور» الذى لا يتوقف أمامه المصعد صعوداً، جيل المنسيين، نسيهم المصعد فى الطابق المسحور الذى لا باب له، فصاروا مسجونين وهم أحرار، ميتين وهم على قيد الحياة، يمر بهم المصعد صعوداً وهبوطاً وغير مدعوين للركوب.
 
هذه الرسالة الحزينة تشبه هذه المقالة الحزينة، إذا استخدمت الدولة تستخدم شيخاً أو شاباً، فوق العشرين أو فوق الستين، وبينهما جيل يمر بهم المصعد لا يحفل بهم، لا يعيرهم التفاتة، ولا هم على بال أحد، معلقين بين سماء وأرض، فى الهواء، ماسك الهوا بإيدى.
 
خطير أن يحال هذا الجيل إلى التقاعد تجاهلاً، مريع أن يستشعر هذا الجيل أنه مهمش، مرفوض، غير مرغوب، الأربعين سن النبوة والحكمة والرشاد، لا نملك رفاهية فقدان هذا الجيل، هذا جيل يملك إضافة، وقبل أن يتمكن بترته ثورة الشباب، فصار الشباب فى البؤرة، وصار الشيوخ فى الحكم، وَأَلْقُوهُ فى غيابات الجبل، اسمعوها هذه صرخة جيل يلفظ أنفاسه وأنتم عنه غافلون.
نقلا عن المصري اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع