معارك رجال الدين
مقالات مختارة | بقلم: د. عماد جاد
الثلاثاء ١٤ نوفمبر ٢٠١٧
فى أى مجتمع ديمقراطى متحضر يفصل بين الدين والسياسة، ويبعد رجال الدين عن المجال العام، يلعب رجل الدين دوراً محدداً داخل دور العبادة، يبث قيم الدين الراقية، يعزز من المحبة بين البشر، يدعو إلى التعايش بين البشر، ويقدم كل ما هو أخلاقى وحضارى، يحدث ذلك فى المجتمعات التى قطعت شوطاً كبيراً على طريق التطور، ومن ثم بات الدين علاقة بين الإنسان وخالقه، وأمراً يخصه هو شخصياً ويخص حياته، لذلك يكون الإنسان فى تلك المجتمعات غير معنى برأى الآخرين ولا يمارس المظهرية فى التدين، فالإيمان «ما وقر فى القلب وصدقه العمل». طبعاً لا توجد بيئة أخلاقية مثالية، بمعنى أن الأخطاء والخطايا ترتكب فى كل التجمعات والمجتمعات، لكن بفارق نسبى، فهناك مجتمعات تتواطأ فى التغطية على الجرائم والأخطاء والخطايا، وهناك مجتمعات تقف بكل قوة ضد ذلك ليس من أرضية دينية أو أخلاقية، ولكن من أرضية قانونية، فهى مجتمعات استقر اليقين فيها على تطبيق القانون على نحو صارم. هذا بعكس الحال فى مجتمعاتنا، فلدينا خلط متعمد بين الدين والسياسة، ويمارس رجال الدين أدواراً ليست لهم، ويحظون بسطوة على العامة، وبمقدورهم توجيه العامة على النحو الذى يريدون، لذلك يحرص الحاكم فى دول العالم الثالث على الاحتفاظ بعلاقة جيدة مع رجال الدين، من الأغلبية والأقلية، فهو يحتاج مساندتهم ودعمهم، وفى أمس الحاجة لحشد العامة فى مناسبات مختلفة، لذلك يقف الحاكم فى دول العالم الثالث ضد مطالب فصل الدين عن السياسة، ويحافظ على مكانة متميزة لرجال الدين من الديانة السائدة أو ديانة الغالبية، ويحرص على علاقة من نوع آخر مع رجال الدين من الأقليات لاعتبارات تتعلق بالدعم والحشد والتصويت.