ستّون دقيقة تقلق العالم
مقالات مختارة | بقلم : أحمد المسلمانى
٤٩:
٠٩
م +02:00 EET
السبت ١٨ نوفمبر ٢٠١٧
فى خريف عام 2017.. انعقد مؤتمر صحفى روسى - صينى مشترك.. فى مقر الأمم المتحدة فى نيويورك. بدأ المؤتمر عادياً ثم كان الحديث حول سباق التسلح فى العالم.. وهنا كانت الصّدمة: الضربة العالمية الفورية!
(1)
لن ينسى أحد منذ اليوم ذلك الاختصار الجديد «PGS».. إنه ليس نظام التموضع العالمى «GPS»، وإنما منظومة الضربة العالمية الفورية «Prompt Global Strike - PGS».
تحدث ممثل روسيا فى المؤتمر الصحفى عن ذلك السلاح الهجومى الجديد.. السلاح الأكثر رعباً فى العالم.. إنه السلاح التقليدى الذى يعادل تماماً السلاح النووى!
حسب المسئول الروسى.. فإن وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» بدأت تصنيع أسلحة هجومية مستقبلية.. هذه الأسلحة لها مهام تعادل مهام القوات الاستراتيجية النووية مع أنها أسلحة تقليدية.. وهى بذلك تمثل إخلالاً كبيراً بتوازن القوى فى العالم.
إنّه بموجب «الضربة الفورية العالمية - PGS».. فإن أمريكا يمكنها «تجريد» روسيا والصين من الأسلحة الاستراتيجية.
وفى سياق القلق العالمى إزاء نظام «PGS».. نقل موقع «سبوتينيك» الروسى عن «نائب رئيس هيئة العمليات فى رئاسة الأركان الروسية».. أن أمريكا تقوم بتطوير أسلحة لتوجيه «ضربة قاضية» لأىّ مكان على سطح الكوكب.. فى غضون (60) دقيقة.
(2)
تقوم منظومة «الضربة العالمية الفورية - بى جى إس» على ما يمكن تسميته «الصواريخ بعد الباليستيّة» حيث لم تعد الصواريخ الباليستية مناسبة!
وهى صواريخ تسير داخل الغلاف الجوى ولكنّها تمضى بسرعة تصل إلى أضعاف سرعة الصوت. المفاجأة المذهلة هنا.. أنها أسلحة تقليدية.. فهى «صواريخ ما بعد باليستية».. لكنها تحمل رؤوساً تقليدية.. غيْر أنها «جيل جديد من الأسلحة التقليدية».. هو الأشد فتكاً فى تاريخ السلاح التقليدى منذ بدء الحروب الإنسانية. إنّها أسلحة تقليدية.. لكنها تعادل تأثير الأسلحة النووية.
بدأ تطوير منظومة «بى جى إس» فى عهد الرئيس بوش الابن.. ثم تطور كثيراً فى عهد الرئيس باراك أوباما.. ولكن الإنتاج الفعلى لهذه المنظومة المروعة سيكون فى عهد الرئيس دونالد ترامب.
تطير الصواريخ فى هذه المنظومة على ارتفاعات شاهقة، ويمكنها -حسب مراكز دراسات استراتيجية- أن تضرب الأهداف الفضائية.. كما أنها تمتلك قدرة هائلة على المناورة.. يمكنها أنْ تتجه لنقطة معينة.. ثم تنحرف فجأة!
إنّها ذات حرارة عالية للغاية.. ولكنها ذات حماية قوية أيضاً.. حتى لا تذوب الصواريخ!
لا تحتاج أمريكا -حسب الخبراء- إلى قواعد عسكرية فى الخارج.. حيث يمكن لهذه المنظومة أن تضرب أى مكان على وجه الأرض.
تتحدث مراكز بحثية عن احتمالات استخدام منظومة «بى جى إس» فى توجيه ضربة لصواريخ كوريا الشمالية أثناء تجهيزها.. حيث لا يمكنها حينئذ الانطلاق.. إذْ إنها تنتهى تماماً بـ«ضربة عالمية فورية».. فور إعدادها على منصة الإطلاق.
إنها الضربة التى يمكنها تدمير موقع نووى فى أى مكان دون استخدام سلاح نووى!
(3)
ثمة معضلة كبرى فى هذا السياق.. تقول روسيا والصين: إن روسيا والصين لن تتمكنا من معرفة ما إذا كانت هذه الصواريخ تحمل رؤوساً تقليدية أم رؤوساً نووية.. وإنهما قد تتعاملان معها كصواريخ تحمل رؤوساً نووية.. على الرغم من أنها قد تكون رؤوساً تقليدية!
(4)
إنها منظومة تدعو للقلق.. يمكن الوصول إلى حافة الهاوية فى وقت قصير للغاية.. ويمكن أن يصبح الكوكب كله عرضةً للنهاية.. أو نصف النهاية.. فى أقل من ستين دقيقة!
إن منظومة «بى جى إس» تمثل نقلة كبرى فى سباق التسلح.. ومصدر تهديد مخيف للأمن والسلم الدوليين.
يُطلق الإعلام على منظومة (بى جى إس) مسمى (صولجان الرب).. وربما يحمل بعض ما يُنشر عن هذه المنظومة جانباً دعائياً يستهدف الردع.. لكن المؤكد أن تطور علوم الصواريخ بات يشكل سبباً رئيسياً لجغرافيا الفزع فى العالم.
سيعيش مليارات البشر فى النصف الثانى من القرن الحادى والعشرين على أطراف أصابعهم.. لن تكون هناك سهول أو ينابيع كافية.. ستعيش الإنسانية متحلقة حول فوهة بركان.
إن الاستسلام لفوضى سباق التسلّح فى العالم هو بمثابة انتحار كونى.. ومن الواجب أن يعمل أصحاب المبادئ فى العالم كله على ضبط خطى الإنسان نحو حافة الهاوية.
حفظ الله الجيش.. حفظ الله مصر
نقلا عن الوطن