الأقباط متحدون - أبي الأسقف ليتك تظل أسقفاً
  • ٠٢:٥٢
  • الأحد , ١٩ نوفمبر ٢٠١٧
English version

أبي الأسقف ليتك تظل أسقفاً

أوليفر

مساحة رأي

١٣: ٠٩ ص +02:00 EET

الأحد ١٩ نوفمبر ٢٠١٧

أساقفة الكنيسة
أساقفة الكنيسة

 Oliverكتبها

أبي الأسقف المبارك، أقبل يديك .فقط لتسمعني وتنتبه إلي هذه الكلمات، فنيافتك لا تدري من هو كاتبها، لعله صوت الله، أو لعله صوت من الشعب، أو لعله صوت الأباء الأوائل.
 
أنا لا أشك في أن الرب إختارك لتكون أسقفاً ما دمت قد صرت بالفعل أسقفاً أو مطراناً، لست أنا هنا لأشكك في أبوتك. ولا لأقلل من قدر قامتك التي رفعك إليها الروح القدس الذي أفرزك. بل لأتشرف بالحديث إلي شخصك المحبوب ممثل المسيح.لست ضدك. ولا تكن ضدي.
 
إعطني أذنيك كما أعطاها دواود النبي لأبيجايل. إسمعني كما سمع سليمان الحكيم مدْحَه من ملكة التيمن. ترفق وكن صبوراً علي كلماتي فهي لينة رقيقة تعرف قدرك ولا تخشي سلطانك لأنني واثق أن سلطانك مغموس في المحبة.ماذا تريد لتسمعني؟  أنا بالفعل أوقرك لأنك مسيح الرب حتي ولو لم و لن ألتقيك يوماً في العمر.
 
ماذا يجعلك أنت البهي تستمع لصوت مجهول يأتي من أعماق الدنيا ليفيق فيك رغبة أتت في غير محلها. وشهوة راجت في غير ساحتها. قل لي كيف تسمعني وأنا أستجب. فلا أنا ملك مثلك. ولا أنا أرغب أن أكون معلماً مثلك. أنا صوت كالطفل يصرخ لأبيه أن يسمعه فإسمعنى.
 
هل تقاتلك شهوة المنصب يا أبي الأسقف المبارك؟ هل الرتبة تتحكم في شأنك ؟ أم تشبع حاجة خفية في الذات. أخشي يا أبي أن نقلد العدو بدلاً من المسيح. فنيافتكم تعلم أن العدو لم يقنع بكرسيه وأراد أن يرفعه فوق كراسي العلي ليصير مثل القدير. فلا صار مثل العلي ولا صار قديراً فيما بعد بل
إنهدت قوته ونزل إلي أسافل الجب. وناح عليه القائل كيف سقطت يا زهرة الصبح؟
 
سيدي الأسقف المبارك، كيف أقترب إلي أذنك وأهمس؟ كيف أوصل لك رسالة قائلاً مكرراً صوت الرب: تكفيك نعمتي. قل يا سيدي معه تكفيني أسقفيتي لست اشتهي أمجادا من الأرض بل أطلب السمائية و أرعى الرعية متشرفاً بها.
 
سيدي الأسقف المبارك أنت راهب جليل. وقد حكيت لنا مراراً عن مؤسس الرهبنة الذي إقتادك لهذا الزي الملائكي. وبقي هو لا يحمل حتي كهنوتاً. خمسة من  الآباء البطاركة تتلمذوا عند قدمي رجل لا يحمل الكهنوت. آخرهم الرجل الذي قاد نيقية و شرع قانونها المضيء للعالم من قبل أن ينال الأسقفية.

كن هناك مع الصف الأخير. نحتاجك حيث يوجد الذين لا شهوة عندهم في الأضواء. نحتاجك حيث يوجد المتواضعون وحيث ينزل الأعزاء عن كراسيهم.نحتاجك سيدي الأسقف هناك في الموضع الذي هرب منه العارفون من المجد فسعي المجد خلفهم وأرشد الناس عنهم.نحتاجك صوتاً صارخ بالحق لا بالشكوى حيث تنطق كلمة فترتعد الملوك منه كما المعمدان.
 
ليتك بولس الرسول الذي أتي آخراً. وحسب نفسه كالسقط. متضع مثله. تبعد عن نفسك العناد فعناد الأساقفة مكتوب عليهم كقلم من حديد كقلمٍ من رصاص.
 
غريب الأسقف الذى صار فجأة متفرغاً ويشكو البطالة و يسع لمزيد من المشغوليات و الأرواح حوله تخور و هو لا يبال؟غريب الأسقف الذى لا ينذر شعبه بدموع و توسلات.غريب الأسقف الذى يحتقر الأصاغر و هو لأجلهم قد صار في البهاء؟.
 
إسهروا عنا فالنهار لا يكف للعمل .هناك خراف مخطوفة وأخري شاردة.و الأبناء الضالين فى كورتهم البعيدة ؟ أجل الإحتفالات حتي يعودوا.أترك الأضواء حتي يتوب الشعب.إنكسر قدام مذبحك و أترك عصالك فالظهر قد إنحني و يحتاج عكازك.
 
أبي البار: أنا لست متجاسراً لكنني أحب الحق أكثر مما أحبك. ولا أخشي سلطان لم أسيء إليه. فإسمعني جيداً. عندي لك كلام آخر.
 
لا  تنافس أخيك .أنظر الطيور لا تتنافس ما دام في أفواه كل منها حَبة صغيرة..حبة صغيرة تكفيها للسلام و تمنعها عن التقاتل.بل أقول لك أنظر الثعالب فهي لا تتنازع ما دام فم كل منها ممتلئ بالطعام.فليمتلأ قلبكم بتواضع المسيح لنفتخر بكم أعلي من الكواكب.
 
النار تسأل المزيد والبحر لا يمتلئ وقلب المتواضع يملك الكون ومن فيه. فإن وجدت فيك ميل إلي المزيد فهو نذير حرمان من السلام وجوع عن العمق وكسر في الإنسان الداخلي تتسرب منه نعم الروح المعزي.
 
و عندي لك قول آخر…تسألني من أنت وأنا أيضاً في أبوتك أسألك من أنت ؟ ألست ميتاً عن العالم كراهب؟ أسألك وهل الميت يتحوط للمناصب و يسع للمكاسب؟ تقول لي أنهم الذين زكوك وأنك لم تطلب ولم تسع. هذا جميل أبي القديس. يعوزك شيئاً واحداً الآن أن تنغمس في محبة الخلاص لنفسك و لشعبك.
 
عندي أيضاً كلام آخر فأنا تشجعت من سعة صدرك وطيب أبوتك وصبرك علي إبن تجرأ لينبهك لئلا يصطادك الفخ
أبي الأسقف: ستصير أعظم من ملوك الدنيا بصمت اللسان وصلاة القلب. ستكون أبهي من كل المناصب بدموعك وتوسلاتك من أجل قطيعك. و ستتلألأ كالكواكب حين تسهر معها الليل تحرس خرافك وتبذل نفسك عنها و تعيش أقصي أبعاد الحب.
 
أبي المبارك… هذه ليست رسالة لك فأنت معلم بهي. بل فقط هي صرخة ضاق بها ضميري فصرختها. محاسباً بحذر من الإنزلاق إلي ما لا يرض المسيح أو يغضبك. لي ساحة أعلن فيها رأي تعلمته من الإنجيل و القديسين وأنا عارف أن الكتابة تُكتب مرة وتُقرأ آلاف المرات ومع كل مرة نحمل تبعاتها.

لكنني آثرت أن أشاركك بمحبتي. ألست أبي وأنا إبنك. فقلت لأتحاجج مع أبي فهو يسمعنى
خاطبتكم بواجب البنوة و حق الأبوة فإن رأيتني أسأت فإصفح. و لو لم أسيء فهذا فضل المسيح وفضل محبتكم أيضاً.
 
كلامي للقدوس
أيها البار. حامل عصا الرعاية التي لا تنكسر ولا تهتز. القائم الذي يقيم معه المتواضعين. كن لي .فأنا أدعوك لا تحجب وجهك عني. ولا عن شعبك الصارخ ليلاً ونهاراً. ولا عن رعاتك الأمناء. لا تختف في أزمنة الضيق. أضيء بوجهك علينا فيفرح شعبك بك.من ترسل؟ ومن يأتي لأجلنا من عندك؟ ننتظرك بثقة. وننتظر خادمك ومعه عمل روحك المفرح القلوب.
 
أيها الراع البار. ترقد حارساً لقطيعك. تصبح أنت باب الحظيرة بنفسك. باب الخراف فيخرجون منك ويدخلون إليك وأنت راقد من أجلهم حتى لو داسوا عليك تحتملهم و ترعاهم. يضعون أفواههم عليك ويأكلونك فيعرفونك. لك رائحة زكية ليست ككل الرعاة. لك صوت لا يخطئه القطيع. يتبعك لأن فيك كل ما يحتاج. فيك كل أحد حتي أنا. أجد نفسي فيك. أري نفسي فيك. فكيف حقاً يمكنني أن أعيش بعيداً. أنا لست في أي موضع بل فيك وحدك. لم أجد وجودي إلا فيك. فقلت أبى هو الراعي الصالح.
 
نعم أنا مقَنَعةُ وسط قطعانك. وأريدك أن تفك قيودي .أنا أفتح فمي وأجتذب لي روحاً. ليتك تزيل عني عوائق الحرية فأستمتع بك إلي آقصى الأرض.أين مراعيك الخضر يا سيدي فإنا جائع إلي برك. أين مياه الراحة أيها القدوس فإن عطشي نحوك كالآيائل..
 
متي أشبع؟ و كيف؟ ألم تقم ساهرين علي أسوار كنيستك. فإعطهم مياهاً كافية لظمئنا. وغذاءاً مشبعاً لجوعنا. وإفتح أبواب أورشليم أمامنا. فالسمائيات عندنا تشغلنا. والخطية عندي تعيقني. ليتك تنتهر هذا الضعف الروحي. وتمحو هذا الإثم المزري فأبرأ أفضل من نعمان. وأعود أشكرك كالأبرص الوفى. وأسجد قدام هيكلك كيونان النبى فى بطن الحوت.
 
من نسأل سواك يا صاحب الكرم. أرسل إبنك لنا فلن نقتله. لقد مات وحيدك ولن يمت مجدداً. أرسل لنا من ترسل. لتنفتح أعين العميان. ولتجد الشمس لها موضع في بلاد غاب عنها نور معرفتك.
 
أرسل بولس لهذا الزمان. وأرسل يوحنا. فالصبية تموت والأرض توشك علي المغيب. تعال بشخصك المهيب يا مانح الحياة والحق والأبدية. فأمراضنا مستعصية إلا عليك. وخطايانا ليس لها إلا أنت غافرُ.
 
عوجنا المستقيم وأسأنا بالفعل والقول وكل الطرق. وبقيت أنت وحدك البار شفيعاً في الأثمة. نتكل علي وعودك بالحياة معك إلي الأبد. ونتكل علي الخلاص. وعلي إسمك وحدك.لتمتزج صلواتنا مع طلبات السمائيين عنا. ودالة أمنا العذراء القديسة أيها القدوس. ليبق الرجاء فيك ملجأنا.

آمين. تعال أيها الرب فنحن ننتظر مجيئك المخوف والمملوء مجداً لأننا فى أشد الأحتياج إليك لتروى النفوس العطشى لرعايتك الحقيقية فأنت وأنت وحدك الراعى الأمين.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع