الأقباط متحدون | هل‮ ‬تسقط‮ ‬هيبة‮ ‬الدولة‮ ‬أمام‮ ‬إرهاب‮ ‬السلفيين؟‮-(٢)‬
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٦:٠١ | الأحد ١٧ ابريل ٢٠١١ | ٩ برمودة ١٧٢٧ ش | العدد ٢٣٦٦ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

هل‮ ‬تسقط‮ ‬هيبة‮ ‬الدولة‮ ‬أمام‮ ‬إرهاب‮ ‬السلفيين؟‮-(٢)‬

الأحد ١٧ ابريل ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

قراءة‮ ‬فى‮ ‬ملف‮»‬الأمور‮ ‬المسكوت‮ ‬عنها‮«-(٣٤٣)‬
بقلم : يوسف سيدهم

هذه هى الحلقة الثانية من مسلسل مؤسف لا أعرف إذا كانت ستكتب له نهاية أم يظل يفرض نفسه على المرحلة التى نعيشها بعد الثورة، فقد كنا نعتقد أننا دخلنا مرحلة جديدة فجرت تلاحماً وطنياً عظيماً بين كل المصريين جعل حكماء الأقباط يدعون للتركيز على مصر وطموحات المصريين فى الانتقال إلى دولة مدنية ديموقراطية وبالتالى إرجاء مناقشة الملف القبطى بما يحمله من هموم تراكمت عبر العقود الأربعة الماضية... واثقين أن الوقت سوف يأتى بعد ترسيخ دعائم الدولة الحديثة لطرح هذا الملف وعلاج ما يزخر به من خلل فى معايير المواطنة والمساواة بين‮ ‬المصريين‮.‬

ولعلى ما أزال ألتزم بضبط النفس إزاء تكرار تردى الأوضاع حتى أنى أكتفى بوضع عنوان هذا المقال فى صورة تساؤل، لكنه تساؤل يحمل فى طياته إقراراً بمرارة الواقع أكثر مما يحمل من محاولة استشراف المستقبل، فالمتابع للأحداث وتداعياتها لاشك يعتريه القلق والتوجس من أمر السلطة ودرجات انصياعها لأهواء وضغوط المتطرفين والغوغاء والخارجين على القانون، وهو ما يعكس دلائل خطيرة على ارتباك هذه السلطة وعدم إدراكها لخطورة التهاون فى تطبيق القانون والتفريط فى هيبة الدولة المدنية، وكيف يؤدى ذلك إلى انتصار المتطرفين وزيادة استباحتهم لهيبة‮ ‬الدولة‮.‬

بعد جريمة كنيسة قرية صول بأطفيح، وبعد فضيحة قطع أذن المواطن القبطى بقنا، وبعد كارثة الإرهاب بنزلة البدرمان، التى لم يقدم الجناة فيها للعدالة بعد، تنفجر فى وجوهنا الأسبوع الماضى مشكلة فى غاية الغرابة شهدت أحداثها قرية القمادير- مركز سمالوط- بالمنيا، وأكرر أن المشكلة ليست فيما تنطوى عليه من ملابسات تعصب دينى وتطرف فذلك مشهد تعودنا عليه وسوف يستمر فى الكشف عن وجهه القبيح بين الحين والآخر، إنما المشكلة فى كيفية تعامل السلطات المسئولة مع المتطرفين والجناة والنموذج الذى ترسخه فى تصديها للعلاج، هنا تكمن الاستهانة بالقانون‮ ‬والتفريط‮ ‬فى‮ ‬حق‮ ‬المجتمع‮ ‬والعبث‮ ‬بهيبة‮ ‬الدولة‮ ‬المدنية‮ ‬أمام‮ ‬إرهاب‮ ‬السلفيين‮.‬

قرية القمادير بسمالوط بها جمعية مسيحية مصرح لها بإقامة الشعائر الدينية منذ عام 2001-والدليل أنها تحمل اسم»كنيسة مار يوحنا« ومبنى الجمعية مقام على أرض مساحتها 550 متراً مربعا بالطوب اللبن ويخدم نحو2500 من أقباط القرية منذ ذلك التاريخ...ولأن نظام البناء هو الحوائط الحاملة المبنية بالطوب اللبن لم تكن غريبا أن تزحف على المبنى فى تلك الفترة الوجيزة علامات الشيخوخة والتصدع مما دعا القائمين على الجمعية إلى التقدم للجهات المسئولة بطلب الترخيص بهدم وإعادة بناء المبنى... وكما هو مألوف لم تعر الجهات المسئولة الطلب أى التفات إلى أن جاءت الفرصة عقب ثورة 25يناير حيث توسم الأقباط رياح التغيير تهب على مصر يؤكدها وقوف المصريين جميعاً صفاً واحداً وانصهارهم-مسلمين وأقباطاً- فى الوعاء الوطنى، فأعاد القائمون على الجمعية تقديم طلبهم إلى المجلس العسكرى بالمنيا والذى سارع بندب الإدارة الهندسية بمركز سمالوط لإعداد تقرير هندسى عن المبنى تمهيداً لإصدار الترخيص المطلوب...لكن عندما ظهر مهندسو الإدارة الهندسية فى موقع مبنى الجمعية يباشرون عملهم فى القياسات والفحوصات المطلوبة تجمع بعض المسلمين المتشددين فى الجوار يتزعمهم بعض أئمة المساجد من‮ ‬السلفيين‮ ‬معترضين‮ ‬على‮ ‬ما‮ ‬يحدث‮ ‬ومطالبين‮ ‬بإغلاق‮ ‬الجمعية‮ ‬نهائياً‮ ‬بدلاً‮ ‬من‮ ‬إعادة‮ ‬بنائها‮ ‬معللين‮ ‬ذلك‮ ‬بتضررهم‮ ‬من‮ ‬وجود‮ ‬كنيسة‮ ‬أمام‮ ‬المسجد‮ ‬الذى‮ ‬قاموا‮ ‬ببنائه‮ ‬منذ‮ ‬نحو‮ ‬ستة‮ ‬شهور‮!!!‬

وتعجب الأقباط أشد العجب، إذ أن الجمعية وكنيستها موجودة منذ عشر سنوات ومعروفة للكافة، فكيف يقدم المسلمون على بناء مسجد أمامها منذ شهور ثم يعترضون بعد ذلك على وجود كنيسة أمام مسجدهم؟!!!...وذهب الأقباط ليتقدموا ببلاغ رسمى لقسم شرطة سمالوط متوهمين أن لهم شرعية ووضعاً قانونياً وحقوقاً كمواطنين مصريين، لكنهم تلقوا صفعة قوية فى قسم الشرطة عندما أبلغهم المسئول فى القسم أن الكنيسة هى سبب الفتنة فى القرية وأنه لا يوجد مانع لديه من إغلاقها!!!... فما كان من الأقباط إلا الاعتصام أمام مبنى محافظة المنيا احتجاجاً على هذه الأوضاع التى تردت بقيام المتشددين المسلمين بمهاجمة منازل الأقباط بالقرية وحصار مبنى الجمعية ومنع الأقباط من الوصول إليه...وهنا كان على السلطات التدخل لحسم الأمر فانتقلت قوات من الشرطة والجيش إلى القرية، وبينما كان ظاهر هذا التحرك إعادة الأمن والنظام وفرض قوة‮ ‬القانون‮ ‬والذود‮ ‬عن‮ ‬هيبة‮ ‬الدولة،‮ ‬انتهى‮ ‬الأمر‮ ‬إلى‮ ‬الآتى‮:‬
❊❊برعاية الحاكم العسكرى للمنيا وبتصديق كل من المحامى العام بالمنيا ومدير أمن المنيا تم عقد »جلسة صلح« بين المسلمين والأقباط اشتملت بنودها على نقل الجمعية وكنيستها من الموقع الذى تشغله منذ عام 2001 إلى مكان آخر تلاشيا للتوتر الطائفى والاحتكاكات التى تنشأ بسبب‮ ‬وجود‮ ‬مسجد‮ ‬مقابل‮ ‬للجمعية‮ ‬منذ‮ ‬ستة‮ ‬شهور‮!!!‬
‮❊❊‬يتسلم‮ ‬الأقباط‮ ‬مبنى‮ ‬جمعيتهم‮ ‬وكنيستها‮ ‬لإتاحة‮ ‬إقامة‮ ‬الشعائر‮ ‬الدينية‮ ‬فى‮ ‬الفترة‮ ‬المقبلة‮ ‬حتى‮ ‬الاحتفال‮ ‬بعيد‮ ‬القيامة‮ ‬والبدء‮ ‬فى‮ ‬تشييد‮ ‬المبنى‮ ‬الجديد‮ ‬الذى‮ ‬تنتقل‮ ‬إليه‮ ‬الجمعية‮.‬
❊❊الموقع الجديد مساحته 300 متر مربع وهو يقل عن نصف مساحة الموقع القديم، كما تم النص على أن يقام المبنى الجديد عليه من طابق واحد فقط ولايسمح أن تظهر عليه من الخارج أى علامات تدل على الكنيسة مثل القبة أو الصليب أو برج الجرس.
‮❊❊‬عقب‮ ‬التوقيع‮ ‬على‮ ‬محضر‮ »‬جلسة‮ ‬الصلح‮« ‬يتم‮ ‬عقد‮ ‬مؤتمر‮ ‬شعبى‮ ‬بالقرية‮ ‬للتأكيد‮ ‬على‮ ‬وحدة‮ ‬وسلامة‮ ‬العلاقة‮ ‬بين‮ ‬أبناء‮ ‬القرية‮ ‬من‮ ‬مسلمين‮ ‬ومسيحيين‮.‬
❊❊❊هذه الوقائع شهدتها قرية القمادير بسمالوط واعتقد الجميع أن الأزمة مرت بسلام...لكن لم يفطن أحد للنار التى تم تركها تحت الرماد ولم يذهب أحد للعزاء والمواساة فى الضحايا...أتعرفون من هم الضحايا؟...إنهم القانون والمواطنة وهيبة الدولة.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :