نقل الحرب فيأرض الخصم
د. مينا ملاك عازر
٠٠:
١٢
ص +02:00 EET
الاربعاء ٢٢ نوفمبر ٢٠١٧
بقلم : د. مينا ملاك عازر
برغم أن الحديث في المسألة السعودية الإيرانية طال وكثر، لعلك مللت صديقي القارئ من هذه الإطالة في الحوار عنه، بيد أن الأمر جد خطير ويجب تحليله من كل جوانبه فلم تعد المسألة قاصرة على استقالة السيد سعد الحريري المواطن اللبناني السعودي الفرنسي على أرض السعودية وتوقيفه بها ثم تحرير بلده فرنسا له، ثم سفره لها، وتركه عائلته في الرياض، المسألة لها أبعاد أكبر من هذه الأمور التي قد تبدو بسيطة.
السعودية التي فشلت في صراعها مع إيران على أرض سوريا واليمن بفضل مقاتلي حزب الله والحرس الثوري الإيراني، بل اندحرت في العراق بسبب التواجد المعلن والمباشر لإيران في المعارك الدائرة مع داعش سعودية التمويل، لم يعد أمام السعودية سوى أن تنقل الحرب لأرض الخصم، ولكونها لا تستطيع أن تقاتل إيران وجه لوجه، فهيالمرحلة الأخيرة في وجهة نظرها، وتحتاج لفعل هذا تجييش جيوش دول أخرى لجوار جيشها، ودعم بحري من قوات بحرية أكثر خبرة من قواتها البحرية، قررت السعودية حيال هذه المعطيات السابقة الشرح أن تنقل الحرب لأرض أكثر خصومها وأقربهم ليدها وأكثرهم عداوة لحليفها المستتر إسرائيل، فإسرائيل حليف مستتر حديث فيآن واحد، داعم لوصول لمحمد بن سلمان لسدة الحكم، ما يعني أن الخصم المتاح هو حزب الله لذا قررت الضغط علىالحريري للاستقالة لإشعال الأزمةفي لبنان، ويتصادم الجميع مع حزب الله وبالنظر لمضمونكلمات الحريري إبان إلقائه بيان الاستقالة المفاجئة تدرك أنه يهاجم إيران ويعلن عن محاولة لاغتيال تعرض لها وكأنه يريد القول بأن الحزب أعلن الحرب وعليه أن يحاربه، لكن فات على السعوديين أن إعلان الحريري لهذه الاستقالة بهذا الشكل من أرضهم أفقدها مصداقيتها وثقلها الدولي، وأن هناك فرص أخرى للبنانين للتقارب، ومن الصعب تجريد حزب الله لسلاحه في ظل ضعف الجيش اللبناني الذي توقفت المملكة ذاتها عن دعمه مادياً بحسب اتفاقاتها معه.
هنا تفشل الخطة السعودية شكلاً في إشعال الأوضاع عسكرياً في لبنان لتوريط حزب الله فيها، وإبعاده عن المشهد السوري لإفقاد الأسد العدو للسعوديين واحد من أهم داعميه الاستراتيجيين واللوجستيين بل سيشغل هذا إيران في دعمها لحزب الله، ما يقلل من قدراتها على دعم اليمن وسوريا، وفتح جبهات عليها أخرى سيضعف من قدراتها العسكرية، ما يؤهلها لهزيمة عسكرية في حال مواجهة مباشرة، هذا كله قد يُفشِل السعودية لو استطاع لبنان تجاوز الأزمة واختار رئيس حكومة آخر وتم تسليح الجيش اللبناني وتجريد حزب الله من سلاحه، والخيارين الآخرين أقل أهمية من إيجاد رئيس لحكومة لبنان متوافق عليه من الفصائل التي قد تصبح متناحرة، فتبلغ السعودية أمانيها بحرب جديدة في المنطقة.
المختصر المفيد:منهم لله سافكي الدماء والباحثين عن الخراب.