الأقباط متحدون - سلم نفسك.. حقق حلمك
  • ٢٠:٠٢
  • الاربعاء , ٢٢ نوفمبر ٢٠١٧
English version

سلم نفسك.. حقق حلمك

مقالات مختارة | خالد منتصر

١١: ٠٩ ص +02:00 EET

الاربعاء ٢٢ نوفمبر ٢٠١٧

خالد منتصر
خالد منتصر

شحنة من البهجة والمتعة الفنية حصلت عليها بحضورى العرض المسرحى الجميل «سلم نفسك»، هذا هو اسم العرض المكتوب على الأفيش، لكن المكتوب كالبصمة فى الوجدان والمنقوش كالوشم فى العقل هو عنوان «حقق حلمك»، هذا الشباب الرائع بقيادة خالد جلال، هذا المخرج الفنان الذى يسرى الفن مع كرات دمه الحمراء، كلهم حلموا وحققوا حلمهم على خشبة «أبو الفنون» المسرح، نافذة ملونة بألوان الطيف أطللت منها مُزيحاً غيوم الكآبة واليأس التى تلفنا لأشاهد عرضاً للوحات مسرحية موجعة ساخرة لحد البكاء كوميدية لحد الألم، ارتجالات شبابية مدتها ٢٧ ساعة ضبطها خالد جلال وحوّلها إلى هاتين الساعتين الممتعتين، مسرحية كُتبت بمشرط جراح وأُخرجت بعين عاشق.. عاشق لتراب هذا الوطن، مراهن على مستقبله، لديه يقين يصل إلى حد الإيمان والعشق الصوفى بأن النور حتماً سيدق الباب ويملأ الساحات والدروب ويطرد خفافيش الظلام والتخلف.

عندما يهبط كائن غامض ناشراً الوباء والموت فى المدينة، ولمعرفة المخبوء والمستتر تفتح ملفاته العقلية فى زمن محدد ومحدود أمر به الزعيم، كل ملف هو شفرة دمار للإنسان والمجتمع، انعدام الضمير وبرودة الإحساس حتى أمام الموت، إدمان بث الطاقة السلبية فيمن حولك وكأن مجموعة ضباع التفّت حول فريسة تتشمم دماءها، اللاتواصل الاجتماعى فى وسائل التواصل الاجتماعى الذى ينتهى حتماً بموت فكرة الأسرة، الادعاء وإدمان الفتوى والفهلوة وتمثيل دور العارف العلامة الفهامة الذى يمتلك كل الإجابات، تجارة الدين وبوتيكات الفتاوى وبازارات التراث وغسل الأدمغة بالحور العين حتى يتحول الشاب إلى جثة مجهّزة للتفجير، ثقافة كراهية الحياة وعشق الموت وغلظة الإحساس والشوق والتوق إلى الجلافة، موت الرومانسية بالسكتة القلبية منذ هجرنا رسائل الكتابة واقتحمت مسامنا الـ«إس إم إس» والـ«واتس أب»، دفنّا الحب وتلقينا عزاءه فى سرادق بحجم الوطن، أصبحنا «شبه» و«نص نص» و«زى» و«على ما قُسم» فى كل شىء، مرضنا بفيروس «الطلسأة»، لكن ما زال هناك ملف مغلق ينتظر الفتح والتنقيب فى أدمغتنا وأرواحنا، ملف لم يُفصح عن نفسه بعد، المسرحية واجهتنا به، فوجئنا بأننا لم نكن ننظر إلى خشبة، لم نكن أمام منصة مسرح، لكننا كنا أمام المرآة نرى ملامحنا ونخفيها خجلاً.

قُبلة على جبين خالد جلال وفريقه، خالد لا يتحدث من برج عاجى.. لا ينظّر ببرود أكاديمى، ولكنه ينظر بدفء فنى وعاطفى.. يحتضن فريقه وجمهوره معاً.. الحب كل الحب لهذا الوطن الذى لم يصبه عقم أو جدب مهما زحف الجراد وظننا أنه أكل والتهم الأخضر واليابس، فالأخضر هو قلب المصرى الذى لا يذبل أبداً ولن تنهشه مناقير الغربان أو مخالب الضباع.. يمرض لكنه لا يموت.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع