سطور فى تدريب «الأوقاف» وقائمة المفتين
مقالات مختارة | حسين القاضى
الاربعاء ٢٢ نوفمبر ٢٠١٧
1- فشلت دعوات مقاطعة قرار الوزير الخاص بتدريب الأئمة، كما أن فكرة تدريب الأئمة لرفع مستواهم فكرة فى حد ذاتها جيدة، ولو كشف المسئولون فى الأوقاف النقاب عن حالات الضعف التى يعانى منها بعض الأئمة لرأينا ما تشيب منه الولدان.
2- لا يمكن لدورة تدريبية مدتها عدة أيام أن تغير من مستوى إمام ضعيف، والدورة لكى تثمر فلابد لها من بضعة شهور، ويكون التدريب فيها وفق منهج منضبط، يجتمع لاختياره خبراء فى مجالات الدعوة والشريعة والفكر والتاريخ والإدارة والسياسة والحركات الإسلامية، وقد لا يكون فى مقدرة الوزارة ما يسمح بهذا، ولذا يمكنها الاكتفاء بتدريب 500 إمام مثلاً، وسيُصبح كل واحد من الـ500 صخرة ينكسر عليها صاحب أى فكر منحرف إخوانياً كان أو سلفياً أو من أتباع دعوات الفلسفات الإلحادية.
3- أعلنت مشيخة الأزهر ودار الإفتاء عن قائمة المفتين وعددهم 51 فرداً، وأعلنت الأوقاف عن قائمة مماثلة بـ126 فرداً، وثار جدال ما بين مؤيد على أساس أن الفكرة يمكن أن تحد من فوضى الفتاوى الشاذة، ومعارض على أساس أن الاختيار لم يكن وفق قواعد معتبرة، بل جاء عشوائياً، فترك عدداً من أصحاب الكفاءات العلمية، وهو ما ردت عليه المشيخة بأن القائمة استرشادية؛ وليست ملزمة.
وبعيداً عن المؤيدين والمعارضين فإننى أرى أن الاختيار يجب أن يكون على أساس المنهج، والمنهج الأزهرى له ثلاثة أركان: أشعرية العقيدة، ومذهبية الفقه، وأخلاق التصوف، والالتزام بـ: (معتمد الفتوى) أى معتمد اختيار المجامع العلمية الأزهرية كدار الإفتاء وهيئة كبار العلماء، وهذا المعتمد يراعى أموراً كإدراك الواقع، والتيسير والتبشير، وفقه المآلات، ومعرفة الواقعة محل السؤال، والتصور الصحيح للمسألة، وظروف المستفتى، ومراعاة المقاصد، وتنزيل النصوص على الأحكام، ومعرفة الاستثناءات، ومن توفرت فيه هذه الشروط يمكنه أن يتصدر، وبالتالى نخرج من موضوع الاختلاف حول الأشخاص إلى سلامة المنهج.
4- إن أكثر الفتاوى التى يتعرض لها الناس لا يختلف فيها رأى الإخوانى عن الأزهرى، إنما المنهج هو الذى يميز كلٍ.. إنه التمييز بين شخص التزم المنهج العلمى، لكنه شذ فى فتوى معينة (نموذج الدكتور صبرى عبدالرؤوف)، فقد أفتى فى مئات المسائل مراعياً المنهج الأزهرى، لكنه شذ فى إحدى الفتاوى واعتذر عنها، وبين شخص منهجه فى الفهم مختل، سواء شذ أم لم يشذ، فالأول عالم وإن وقع فى سقطة أو أكثر، ولا يوجد عالم أو شيخ ليس له سقطة! والثانى يجب إبعاده، ليس خوفاً من شذوذه فى فتوى، بل خوفاً من طريقة تفكيره.
6- إن الذى جعل الشباب يقدمون دماءهم لأفكار منحرفة ليست (فتاوى) فقهية، بل (قضايا) فكرية غذتها فتاوى فقهية منحرفة، فمثلاً الشباب الذى سفك الدماء، وقام بالتحريض والتخريب لم يفعل ذلك بسبب خلل فقهى فى (فتاوى) مثل: الصلاة، والصيام، والميراث، والطلاق، والزواج، والبيع، والبنوك .. إلخ، بل بسبب خلل منهجى فى (قضايا) مثل: الجهاد، وجاهلية المجتمع، والتمكين، والحاكمية، ومفهوم الدولة، والخلافة، وتطبيق الشريعة.. إلخ، وهذه القضايا قد ترى المفكر يعالجها أحسن من الفقيه، وقد ترى الفقيه لا يقترب منها، وخير من يعالجها الشخص الذى يجمع بين الفقه والفكر، وقد يكون الشخص فقيهاً، لكنه ينحرف فى فهم هذه القضايا (نموذج الدكتور القرضاوى)، فالقرضاوى لم يضيِّع الشباب بسبب انحرافه فى (فتاوى) متعلقة بصلاة أو صوم أو ميراث.. إلخ، بل ضيعهم بسبب انحرافه فى (قضايا) متعلقة بالحاكمية والجهاد ومفهوم الوطن والمؤسسات.
7- القضايا التى تؤدى إلى الانحراف الفكرى وتصنع إخوانياً أو سلفياً أو ملحداً نحو 30 قضية محورية، إذا نجحت مؤسساتنا العلمية (الأزهر ووزارة الثقافة) فى جمعها فى كتاب وتحذير الناس منها فلا يضر بعدها شذوذ فى فتوى هنا أو هناك.
نقلا عن الوطن