على عكس ما تردد.. “العميل بابل” نجح فى تجنيد رئيس الموساد الإسرائيلى لصالح مصر
إسرائيل بالعربي | النيل
٥٢:
١٢
م +02:00 EET
الخميس ٢٣ نوفمبر ٢٠١٧
رغم مرور كل هذه السوات مازالت هوية الدكتور أشرف مروان، صهر الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر محلاً للخلاف والجدل بين الأوساط المخابراتية والعسكرية فى “إسرائيل” ، وهل ما إذا كان جاسوساً خالصاً ومخلصاً لإسرائيل، أم كان جاسوسا مزدوجا يعمل لصالح المخابرات العامة المصرية، وفى الوقت ذاته يعمل لصالح الموساد.
هذه الحالة الجدلية المتزايدة سيطرت على الساحة المخابراتية فى إسرائيل عقب الكشف عن هوية العميل “بابل” – أشرف مروان- على يد “إيلي زعيرا” رئيس المخابرات العسكرية الاسرائيلية إبان حرب السادس من أكتوبر المجيدة، انعكست من خلال الكم الهائل من المقالات والتحليلات ، بل والكتب التى حاولت فك شفرة الدكتور أشرف مروان وحل لغزه، كان أبرزها كتاب بعنوان “الملاك” الذي أكد مؤلفه على أن صهر رئيس مصر السابق كان أعظم جواسيس الموساد “الإسرائيلي” على مر تاريخه…
المفاجأة الكبرى ورغم تأكيدات دوائر رسمية مصرية على أن الدكتور مروان كان مصرياً وطنياً مخلصاً قدم لبلاده خدمات جليلة- كانت فى تقرير خاص نشره مؤرخ عسكري إسرائيلي يدعى “شيمعون ميندس” أكد فيه أن مروان لم يكن أبداً جاسوساً إسرائيلياً، بل على العكس تماماً ، حيث قام بتجنيد رئيس الموساد تسيفى زامير بذات نفسه – خلال فترة حرب أكتوبر- وقام بتجنيده لحساب المخابرات العامة المصرية .
المفاجأة التى فجَّرها المؤرخ العسكري الاسرائيلي جاءت فى سياق تقرير وثائقي بعنوان “أشرف مروان الجاسوس الذي كان يشغل رئيس الموساد” نشره بمجلة “منتدى الشرق الأوسط” العبرية المتخصصة فى الشئون الاستراتيجية.
أشرف مروان في حفل زفافه على نجلة جمال عبد الناصر
وحاول ميندس فى تقريره إثبات وجهة نظره المخالفة لما هو سائد فى إسرائيل، ليؤكد أن أشرف مروان نجح فى تجنيد رئيس الموساد لصالح المخابرات المصرية وليس العكس، وذلك من خلال تأكيده على الدور المحوري للدكتور مروان فى استكمال لخطة “الخداع الاستراتيجي” التى وضعها الرئيس الراحل أنور السادات إبان حرب أكتوبر المجيدة، وقيامه بتجنيد رئيس الموساد بدون أن يدرك أنه أصبح يعمل فى خدمة المخابرات المصرية، مشدداً على أن الخطأ الأكبر الذي وقع فيه رئيس الموساد هو أنه إلتقى بمروان ، الذي استطاع السيطرة عليه بقوة شخصية. بل والأفدح من ذلك هو أن رئيس الموساد سعى لتوطيد علاقته بأشرف مروان، مما جعله أسيراً لأوامر الجاسوس المصري على حد تعبيره.
و كشف المؤرخ الإسرائيلي فى تقريره الخطير النقاب عن قيام المخابرات المصرية بمحاولات عديدة لزرع نحو 40 جاسوساً لها فى قلب إسرائيل من خلال توافدهم على مقر السفارة الصهيونية فى العاصمة البريطانية لندن، لكنها باءت جميعها بالفشل ، سوى محاولة واحدة فقط ، هي التي قام بها الدكتور أشرف مروان بالذهاب لتلك السفارة فى لندن، عارضاً خدماته بعد أن كشف عن هويته بأنه صهر الرئيس جمال عبد الناصر.
ووصف الخبير الصهيوني مروان بأنه كان الطُعم الذي أكله الموساد بواسطة المخابرات المصرية، وأن مرارة هذا الطُعم الذي أكلته إسرائيل لازال عالقاً فى حلقها حتى الآن رغم مرور نحو مايقرب من 44 عاماً على هزيمة “الإسرائيليين” على يد جنود القوات المسلحة المصرية فى حرب أكتوبر المجيدة.
وأضاف شمعون ميندس فى سياق تقريره بأن مروان كان يتمتع بمواهب خاصة، حيث أنه لم يكن يخش من عرضه على جهاز كشف الكذب، وأن مصداقية المعلومات المخابراتية التى قدمها “لإسرائيل” جعلته يكتسب بسرعة ثقة قادة الموساد، لاسيما “تسيفى زامير” رئيس الموساد.
وتطرق ميندس إلى الدور الذي لعبه الرئيس السادات فى خداع إسرائيل كلها قبل حرب اكتوبر، وأنه قد ساهم فى ذلك استعانة المخابرات الاسرائيلية بتقديرات خبير الشئون العربية شمعون شامير- والذي عمل بعد ذلك سفيراً لإسرائيل لدى مصر1988-1991 وأول رئيس للمركز الاكاديمي الصهيوني بالقاهرة ، والتي أكد فيها من خلال تحليله لشخصية الرئيس السادات بأنه ضعيف الشخصية ولا يمتلك القدرة لكي يكون مثل جمال عبدالناصر، هذه التقديرات وفقاً للمؤرخ الاسرائيلي أحدثت “حالة من الارتخاء” لدى تل أبيب، ساهم فيها بشكل كبير الدكتور أشرف مروان الذي نجح فى تخدير “الاسرائيليين” بمعلوماته التى كانت بمثابة حقنة التخدير على حد وصفه.
واعترف المؤرخ “الإسرائيلي” شميعون ميندس بأن خطة الخداع المخابراتية التى نفذها أشرف مروان قبل حرب السادس من اكتوبر ستُسجَل فى التاريخ العسكري بأنها الأكثر عبقرية والأعظم تخطيطاً.
الكلمات المتعلقة