فخ الدفاع عن القيثارة لمنع العزف عليها
مقالات مختارة | خالد منتصر
الخميس ٢٣ نوفمبر ٢٠١٧
عبدالرحمن الخميسى، هذا العبقرى متعدد المواهب، له مقولة عبقرية تلخص حال المثقف المصرى فى هذا الزمان، يقول «الخميسى»: «أنا لا أعزف على قيثارتى، لأننى مشغول بالدفاع عنها»، بالفعل المثقف المصرى الآن لا يعزف على قيثارته الإبداعية، لأنه مشغول بالدفاع عنها ضد من يحاول خطفها وتدميرها ودهسها وتمزيق أوتارها، ومجرور قسراً وجبراً إلى معارك جانبية وهامشية أخرى.. خُطط شريرة تُنسَج بمهارة شيطانية لجرجرة المثقف خارج المياه الإقليمية لإبداعه الحر الجميل وتفكيره المنطلق خارج الصندوق، فهو يدافع عن قيثارته حين يضطر لإعلان إيمانه والقسم بأغلظ الأيمان إنه متدين مسلم موحد بالله، فهو حين ينتقد شيخاً أو تراثاً أو يحاول تحريك مياه راكدة فى مقالة أو فى برنامج، يظل أعواماً بعدها يشرح للقراء والناس والمجتمع والجيران أن الشيخ ليس هو الإسلام، وأننا لو اختزلنا الإسلام فى تراث راكد نكون قد ظلمناه ظلماً بيّناً، وأن قصده كان كذا وكذا، ويظل يشرح مع كل لفظ الكتالوج بتاعه!!، خطة شيطانية يسرب فيها أعداء الحياة مقطعاً مثيراً مفصولاً عن سياقه ويُتوّجونه بمانشيت حرّاق مثير مشطشط، يشيّرونه لمواقع المفروض أن تكون فى نفس خندقك، تبلع هذه المواقع الطعم، تتراكم المقاطع والمانشيتات،
مما يجعل الأرض ممهدة لسيادة شعار واحد «ها هى الدولة قد كفرت منذ 30 يونيو»، ما هو البديل؟، البديل هو العودة لصحيح الدين الذى كان يمثله الإخوان!!، هذه هى تفاصيل الخطة الشيطانية التى ينساق وراءها الإعلام كالقطيع، وهو لا يعرف أن نجومه سيكونون أول من تُعلق رؤوسهم على أعواد المشانق إذا وصل أعداء الحياة والفكر والبهجة إلى الحكم، إنهم يشتتون الكُتاب والمفكرين الليبراليين وينتهكون سيرتهم وينهكون أعصابهم ويستنزفون طاقاتهم فى معارك جانبية وأزقة فرعية بعيداً عن مشروعهم وطريقهم الفكرى الأساسى، وهكذا يحدث انتصار الجهل عبر إلحاح البوستات ومقاطع الفيديو والشير واللايك، وللأسف ليس الإعلام وحده هو الذى انساق وراء تلك اللعبة ووقع فى نفس الفخ، لكنها الدولة أيضاً التى تتحفنا كل يوم بفخ جديد، مرة بلافتة ازدراء ومرة أخرى بفزاعة إهانة رموز، لتظل أيها المثقف المصرى غارقاً فى الرمال المتحركة تحاول خلع عقلك المعطل المسلول قبل قدميك المغروستين، يداك مشغولتان بإزاحة كوم الرمال عن حنجرتك المشروخة، لتكف عن الغناء وتركن «كمانك» وتنساه فتصدأ أوتاره الحزينة المنهكة برطوبة اللاجدوى.
نقلا عن الوطن