حقاً.. المسيحيون كفار!
مقالات مختارة | هاني لبيب
الجمعة ٢٤ نوفمبر ٢٠١٧
كرر عبدالله رشدى، صراحة خلال الأيام الماضية على قناة «القاهرة والناس» ما ذكره قبل ذلك من أن المسيحيين كفار، وترتب على ذلك انسحاب المخرج مجدى أحمد على والمفكر الإسلامى أحمد عبده ماهر.
وفى هذا السياق، أذكر هنا بعض الملاحظات المهمة، منها:
- لا أعتقد فى وجود أى مبرر لتلك السقطات الوطنية التى من شأنها إثارة النعرات الدينية والتوترات الطائفية فى ظل وضع غير مستقر لدول الجوار التى تعانى من تقسيم وتفتيت غير مسبوق على مر التاريخ. ولمصلحة من بث فكر التكفير فى ظل وجود أزمات اجتماعية وتوترات طائفية حتى كتابة هذه الكلمات فى محافظة المنيا، وما يمكن أن يترتب على مثل تلك التصريحات من ردود أفعال شعبية غير محسوبة العواقب.
- ما هدف الترويج لفكرة فاسدة ومسمومة من الأصل، أن كل طرف دينى يكفر بالطرف الدينى الثانى ويرفض الحوار معه.. أى أن المواطن المسلم المصرى كافر بعقيدة المواطن المسيحى المصرى والعكس؟ وهو ما يجعلنى أؤكد على أهمية أن تعيد المرجعيات الدينية «المسيحية والإسلامية» المصرية قراءة مواقفها وإعادة صياغتها تجاه بعضها البعض من جانب، وتجاه مجتمعاتها من الجانب الآخر. فليست الأحضان والقبلات بين هذه المرجعيات هى التى سترسخ مفهوم الحوار فى إطار الثقة المتبادلة.. بعيداً عن كل ما يُعكر صفو العلاقات.
- بدلاً من تكفير بعضنا البعض، يمكننا الارتكاز على حوار القيم والمبادئ الإنسانية الواحدة فى الأديان، وليس الحوار العقائدى، لأن العقيدة من الثوابت التى لا تتغير ولا يمكن النقاش فيها أو التنازل عنها أو الجدل حولها، لأنها من المطلقات الإيمانية فى كل دين. ما نحتاجه هو التأكيد على المساحات المشتركة من القيم والمبادئ السامية للأديان فى التوحيد بالله والعدل والمساواة والتسامح وقبول الاختلاف.. وهى مساحات مشتركة كبيرة جداً بين الأديان السماوية. وتظل مساحة الخصوصية فى العقائد الدينية باعتبارها من مطلقات كل دين هى المساحة الصغيرة التى لا يجوز المقارنة أو التفضيل على أساسها بين الأديان.
- نحتاج إلى فهم كل طرف دينى للطرف الثانى كما يريد هو أن يكون مفهوماً.. فالحوار هو دعوة ليزداد كل طرف تفهماً لمعتقداته كى يستطيع عرضها وإبراز قيمها السامية.. ارتكازاً على الاحترام المتبادل بين جميع الأطراف، واعتراف كل طرف بخصوصية الأطراف الأخرى، كما أن حرية الاختيار هى التى تعطى لكل طرف من أطراف الحوار حقه فى قبول أو رفض أى فكرة أو أى رأى. ويظل التسامح هو خلق إنسانى أصيل.. يقوى الأواصر الاجتماعية.
نقطة ومن أول السطر
التكفير هو بداية الطريق السريع لرفض قيمة قبول الاختلاف والتعددية بهدف تقسيم المجتمع المصرى على أساس دينى.. ترى، إلى متى تصمت المؤسسة القضائية على تلك الترهات؟ ومتى يكون للمؤسسة الدينية الإسلامية رد فعل لا يراعى سوى حسابات الوطنية المصرية؟
نقلا عن المصري اليوم