بقلم: ليديا يؤانس
من نحو سنة تقريبًا تحدثت الصحافة، عن تصريحات رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو "Justin Trudeau"، بأن حكومته ترغب بتقنين الماروانا (الماريجوانا) بحلول منتصف عام 2018، أي أنه سوف يجعل الماروانا في الأسواق بدون أي حظر قانوني، لتصبح كندا أول دولة تفعل ذلك في دول مجموعة ال7 الصناعية، وهيّ كندا وفرنسا والمانيا والولايات المتحدة وايطاليا واليابان وبريطانيا.
الناس هنا وأنا واحدة منهم، بإستثناء المؤيدين لهذه التصريحات، كان لدينا بعض التحفظات حيث أن بعض الناس مما يتعاطون الماروانا ويستخدمونها قد يهددون أمن وسلامة الآخرين أو هكذا تخيلنا!
وكان جاستن ترودو قد صرح من قبل في أحد الفاعليات، أن شقيقه مايكل تعرض لحادث سيارة سنة 1996 قبل وفاته بستة أشهر في إنهيار ثلجي ببريطانيا، ووجدت الشرطة بعض الماروانا في حطام سيارته واتهمته بحيازتها، ولكن والده بيير تورودو الذي كان آنذاك رئيسًا للوزراء، تواصل مع بعض الأصدقاء القانونيين وجاء بأفضل المحاميين الذين ساعدوا علي اختفاء هذه الاتهامات!
قد يتساءل البعض:
ماهي الماروانا؟
هل الماروانا مثل الحشيش وعقاقير الهلوسة التي تضر الشخص الذي يتعاطاها؟
هل الشخص الذي يتعاطي الماروانا يرتكب جرائم وهو تحت تأثير هذا المُخدر؟
الماروانا هي التسمية الأجنبية الشائعة للماريجوانا.
الماروانا أو الماريجوانا وبالأنجليزية "Mariguana or Cannabis" هي نبات مُخدر، يُعرف باسم القنب الهندي، وتُعرف في المغرب باسم نبات الكيف.
الماروانا تُعرف في البلدان العربية بعدة أسماء، ففي مصر تُعرف بإسم "البانجو"، وفي تونس تُعرف بإسم "الزطلة"، وفي ليبيا تُعرف بإسم "الماريجوانا"، وفي كثير من بلدان العالم تُعرف بإسم "الغانجا" من الهندية السنكسريتية.
الماروانا هي الحالة العشبية لنبات القنب الهندي، وتتألف من الزهور المجففة الناضجة، وبراعم النباتات المؤنثة المزهرة.
قد يختلط الأمر على البعض فيخلطون بين الماروانا، والحشيش الذي يتعاطاه البعض بغرض المُتعة النفسية والذهنية.
الماروانا في حد ذاتها نبات مُخدر، وغالبًا تُستخدم في النواحي الطبية، أما الحشيش فيكون بعد معالجة النبات المخدر ببعض المواد الكيماوية، وفي هذه الحالة يُصبح الحشيش من المواد المهلوسة وبالإنجليزية يُعرف باسم "Hallucinogens".
تدخين الحشيش يُعتبر من أكثر الطرق انتشارًا واسرعها تأثيرًا علي الجهاز العصبي نظرًا لسرعة وصول المادة الفعالة من الرئة إلي الدم، ومنه إلي أنحاء المخ ليشعر الشخص بالإسترخاء والإبتهاج والإنتعاش والمرح.
حينما يتعاطي الشخص الحشيش، يشعر بضعف شديد في القدرة علي التركيز والإنتباه، وفي القدرة على التذكُر، وربما يشعر بخلل في التوازن الحسي والحركي، وأحيانًا يشعر الشخص بزيادة ضربات القلب، وجفاف الفم والحلق والحنجرة، وبالرغم من ذلك فإن الناس يدخنون الحشيش من أجل الأغراض الترفيهية!
كل أنواع المخدرات محظورة قانونيًا، وأيضًا الماروانا محظورة قانونيًا من تداولها، بإستثناء بعض الدول الذين بدأوا يسمحون بطرح الماروانا في الأسواق، ربما بغرض الإستمتاع ولكن الأهم من ذلك أنه أثبتت الأبحاث والدراسات الطبية وجود فوائد عظيمة في استخدام هذا النبات العجيب في تسكين الآلام المُبرحة للأمراض الخطيرة والمستعصية.
توجد أيضًا نتائج مُتضاربة من مختلف الدراسات حول كون الماروانا من أكثر النباتات المخدرة، والأكثر إنتشارا، والأكثر تاثيرا؛ لأن براعم النباتات المؤنثة المزهرة بها تحتوي علي نسبة ما بين 1% إلى 22% من "THC" وهذا التباين في الكمية هو سبب التباين في الدراسات والتأثير النفسي والصحي على الجسم من قبل نبات القنب.
هل سنسمع قريبًا بعض الفتاوي التي تُحرم استخدام الماروانا؟!
الماروانا أصبحت بعد الأبحاث والتجارب علي المرضي من أفضل العلاجات المُخدرة للآلام الُمُبرحة لبعض الأمراض مثل السرطان.
لغاية هذه اللحظة لم يتم تقنينها رسميًا هُنا في كندا، بالرغم من تصريحات جاستن ترودو بأنه سيطرحها في الأسواق رسميًا في منتصف سنة 2018، ولكن بدأ الأطباء المُتخصصون في علاج المرضي بالأمراض المستعصية والمؤلمة مثل السرطان، يكتبون روشيتات بُناء عليها يحصل المريض علي جرعات من الماروانا، على حسب حالته المرضية والكمية المناسبة لتسكين الألم.
بمُقارنة الماروانا بالعلاجات الأخرى المُسكنة، مثل عقاقير المورفين التي يتعاطاها المرضي لتسكين الألم، وجد أن استخدام الماروانا أفضل بكثير من استخدام المورفين، وذلك على حسب تقرير الأطباء:
الماروانا ليس لها أثر سئ علي جسم المريض، فمثلا العقاقير السائدة الآن مثل المرفين وغيرها تؤثر علي الكلى والكبد والأعصاب والقدرة علي التركيز.
الماروانا لا تُسبب الإمساك المُزمن مثل المورفين والعقاقير المسكنة الأخري.
الماروانا تدخل بسرعة من خلال الجهاز التنفسي، إلي أجهزة الجسم المريضة، فتُسكن الألم بسرعة، بعكس العقاقير المخدرة الأخري، حيث تدخل للجسم من خلال المعدة، فتأخذ وقتًا أطول لحين تخدير المنطقة المُتألمة في الجسم.
الماروانا تساعد الجسم على الإسترخاء والنوم بدون آثار سلبية، وخاصة علي المدي الطويل، بعكس المواد المخدرة الأخري التي تسكن الألم ولكن الجسد يظل مشدودًا غير قادرًا علي الإسترخاء.
الماروانا لا تجعل الشخص الذي يتعاطاها يُصبح مُدمنًا مثل باقي العقاقير الأخرى المُخدرة، فالشخص الذي يتعاطاها يمكنه التوقف عن تعاطيها في أي وقت بدون أي أثار سلبية عليه، وليس هناك داعي للجوء إلي الأطباء لإزالة أثارها من جسده.
الذين يتعاطون الماروانا ليس لهُمْ تأثير سئ على المجتمع، حيث أنهم يتعاطونها في الغالب كعلاج طبي، أو حتي للبهجة أو الإسترخاء النفسي.
يبقى السؤال الآن: لماذا التشدد مع هذا النبات الذي يُعتبر بارقة من الأمل للذين يُعانون من الآلام المُبرحة ويعانون أيضًا من الأثار السلبية للمورفين؟
علي حسب معلوماتي، أن معظم دول العالم تحذر تهريب أو ترويج أو بيع أو إقتناء الماروانا بموجب القانون، وقد تُشدد دول أخرى عقوبات بيعها أو تهريبها، بينما تسمح بعض الدول مثل هولندا وأورغواي وبعض الولايات الأمريكية مثل واشنطن وكولورادو من تداولها بموجب القانون.
في النهاية سوف تواجه الماروانا ثلاثة مسائل مُهمة يجب التغلب عليهم، لكي يستفيد منها المرضى بشكل خاص وقانوني:
أولًا: يجب على الدول التي تحذر تداولها، إعادة النظر في هذه القرارات، ودراسة الفوائد التي تعود علي المرضي من استخدامها.
ثانيًا: سوف يكون هناك ضرر لشركات الأدوية وخاصة العقاقير المُسكنة مثل المرفين، حيث أن استخدام الماروانا سيسبب بعض الخسائر لهذه الشركات.
ثالثًا: سوف تواجه البلاد ومنها الحكومة الكندية، مشكلة صعبة جدًا وهي: كيف سيتعاملون مع الأشخاص المُدانين حاليًا في قضايا تتعلق ب"الماروانا"، وربما البعض منهم مازالوا في السجون، والبعض منهم بسبب هذه الجريمة لا يستطيعون أن يجدوا لهم وظائف داخل المجتمع، والبعض منهم قد يكون محظورًا عليهم السفر خارج البلاد، والبعض منهم قد لا يستطيعون ممارسة حياتهم الإجتماعية مثل باقي المجتمع.
أخيرًا نتمني التوفيق للبلاد والمُشرعين القانونيين لكي يُحالفهم الصواب في استخدام هذا النبات لخير البشرية، وخاصة من أجل المرضى والأبحاث الطبية.