الأقباط متحدون - أين تقف الدولة؟
  • ١٩:٤٢
  • الاثنين , ٢٧ نوفمبر ٢٠١٧
English version

أين تقف الدولة؟

مقالات مختارة | بقلم : د. عماد جاد

٠٨: ١٠ م +02:00 EET

الأحد ٢٦ نوفمبر ٢٠١٧

د. عماد جاد
د. عماد جاد

 على الرغم من المحاولات المستميتة التى بذلتها جماعة الإخوان الإرهابية للتفرقة بين المصريين على أساس دينى أو طائفى، فإن الشعب المصرى الذى يُجمع علماء الأجناس البشرية على أن أكثر من 98% منه من أصل عرقى واحد، قد واجه هذه المحاولات بقوة وتماسك، رفض الانجرار إلى مخطط الجماعة، دافع عن هويته الوطنية ونجح فى استردادها فى الثلاثين من يونيو 2013، وسعت الجماعة الإرهابية والجماعات المؤيدة لها إلى زرع الفتنة بين المصريين حينما استهدفت الكنائس المصرية، لا سيما بعد فضّ اعتصامَى رابعة والنهضة، وقد فطن الأقباط إلى مخطط الجماعة فجاء تصريح البابا تواضروس الثانى ليحسم الأمر فقال كلمته الأشهر وهى «وطن بلا كنائس خير من كنائس بلا وطن». وفى مراحل تالية حاولوا شق صفوف الوطن عبر إطلاق رجالهم من مشايخ الأزهر ورجالهم فى المساجد التى يسيطرون عليها من أجل التهجم على الأقباط وتكفيرهم، فشهدنا تكفير سالم عبدالجليل وعبدالله رشدى للأقباط، تطوعوا بإعلان ذلك دون مناسبة، كما واصل المنتمون للجماعة التهجم على المسيحية وتخوين المسيحيين فى مساجدهم، فى نفس الوقت قامت خلايا الجماعة النائمة فى قلب مؤسسات الدولة المصرية بإثارة عشرات المشاكل مع أقباط، سواء تعلق الأمر باختفاء أو إخفاء فتيات قُصّر أو إعاقة إصلاح وترميم وبناء الكنائس بل وإغلاق القائم وغير المرخص منها. الهدف كان إثارة الفتن بين المسلمين والأقباط ومحاولة زعزعة الاستقرار. وقد تسامح البعض فى التعامل مع دعوات تكفير الأقباط والشيعة وكل المخالف للغالبية المصرية، ولم يدركوا من البداية أن تكفير المخالف الدينى والطائفى سوف يكون مقدمة طبيعية لاتساع نطاق التكفير ليصل إلى قطاع من الغالبية لاعتبارات مختلفة، فتارة يجرى تكفير الطرق الصوفية واستحلال دمها، وتارة أخرى يجرى تكفير رجال الجيش والشرطة، وهناك من قام بتكفير المجتمع ككل، ومن ثم وجب قتله وقتاله.

 
الشعب المصرى من أصل عرقى واحد، وهو شعب غير دموى وغير عنيف، شعب محب للحياة وعاشق للوسطية والاعتدال، شعب مضياف وحاضن لكل أجنبى وغريب يلجأ إليه، لجأت إليه أقليات من شعوب متنوعة ومختلفة من ألبانيا واليونان والأرمن، ووُجدت على أراضيه تجمعات من مختلف الأديان والأعراق، استقبل الجميع واحتضنهم، واليوم يحتضن ملايين من السودانيين من الشمال والجنوب، من دول أفريقية جنوب الصحراء، من العراق وسوريا ولبنان. شعب من نوعية نادرة، هويته هجين من البحرمتوسطية والفرعونية، القبطية والإسلامية، استمر شعباً متوسطياً متحضراً إلى أن بدأت عملية خلط الدين بالسياسة وتوظيف الدين فى خدمة السياسة وتديين المجال العام، فظهر التشدد وسيطرت الاتجاهات السلفية المنغلقة التى تدفع مصر يوماً بعد آخر إلى المزيد من التشدد والانغلاق، وهى معركة المستقبل بين أعداء الحياة وشعب مقبل عليها يريد أن يحيا باعتدال واتزان، وتلك هى المعركة الكبرى التى يتوقف حسمها على انحياز مؤسسات الدولة، فأين تقف الدولة فى هذه المعركة؟
نقلا عن الوطن
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع