أرواح الشهداء تناديكم
مقالات مختارة | بقلم حمدي رزق
السبت ٢ ديسمبر ٢٠١٧
أقل حاجة يقدمها البرلمان إقرار قانون رعاية الشهداء «المؤجل» من دور الانعقاد الماضى، ما الذى يؤخره، ما الذى يعوق إصداره؟، نسمع ضجيجا بلا طحن، مع كل حادثة إرهابية وسقوط شهداء جدد يخرج علينا نفر من النواب المفجوعين ألماً بقرب صدور القانون، ولو تجسدت إرادة البرلمان لأخذ القانون طريقه سالكاً إلى اللجنة العامة ويصدر ليبلسم قلوب أسر الشهداء المحروقة على فلذات أكبادهم.
معلوم القانون فى طور المناقشات بعد أن صاغته «لجنة التضامن الاجتماعى» بالبرلمان، وعلى قدر أهل العزم، فليعزم الدكتور على عبدالعال ونوابه ويتوفروا على إقرار القانون الذى يضمن حقوق أسر الشهداء بعد فقد عظيم يكاد يقصم ظهورهم، ويُحْوِجهم، فى زمن عزّت فيه الحاجات على المحتاجين.
ما يهمنا فى القانون حماية أسر الشهداء من غدر الزمان، بعد أن غدرت بهم كلاب النار وحرمتهم من نعمة وحنان وحماية الوالد والابن والأخ والسند، قانون يضمن مخصصات مالية تكفيهم مؤونة المعيشة الصعبة وتُمكِّن أبناءهم من فرصة جديدة فى الحياة، من الحضانة حتى الجامعة تعليما مجانيا تتكفله الدولة، وأولوية فى وظائف الحكومة، بعد أن دفعوا ضريبة الوطن مضاعفة، وصندوق يكفل تعويضات تُعينهم على استكمال حيواتهم وهم يحملون أعز الألقاب جميعا.
ابن الشهيد لقب لو تعلمون عظيم، لا يطلب عطفا، هو حق مستحق بقانون لا يفرق ولا يميز بين الشهداء، جيش وشرطة ومدنيين، كلهم شهداء الوطن، والإرهاب الغادر لا يفرق ولا يميز فى سفك الدماء، قانون يرفع مقام أسر الشهداء إلى أعلى عليين، وكما اجتبى سبحانه وتعالى الشهداء إلى جواره أحياء يُرزقون، فلتظل ذكراهم حية، وأولادهم يحملون الذكرى الطيبة ونباهى بهم بين الناس.
الفقد عظيم، ومهما بذلنا لهم من تعويضات أقل من المطلوب، وتدبير موارد الصندوق متاح من أموال الجماعة الإرهابية، فلتصادر هذه الأموال والممتلكات لصالح صندوق تعويضات أسر الشهداء، وتُشكَّل من أسر الشهداء جمعية أهلية مشهرة فى وزارة الشؤون الاجتماعية تضم أسر الشهداء، ترعاهم وتنصفهم وتقف على حقوقهم وتعوضهم بتعويضات تكفل حياة كريمة مدى الحياة.
لو لى أن أضيف إلى القانون الذى يتحدث به رئيس لجنة التضامن، الدكتور عبدالهادى القصبى، أن يحول المعاشات إلى استمرارية صرف رواتب الشهداء وكأنهم أحياء، يترقون ويجرى عليهم ما يجرى على أقرانهم من الأحياء، فضلا عن التعويضات، استمرارية صرف الرواتب بالمتغيرات المالية تعنى حياة لهؤلاء، أسماؤهم تظل باقية طوال العمر، وتشرف بها السجلات، ويُكتب أمامها «شهيد» نموذجا ومثالا، وحافزا للأحياء أن يلقوا ربهم شهداء، لابد من تعلية معنى الشهادة فى ناظرى الأحياء.
يصعب على الأحياء أن يرتهن الشهداء بعطفة هنا أو تعطف هناك، نرجو من الدكتور عبدالعال أن يتوفر على لقاء مع أسر الشهداء ليكون على بينة من أمرهم ومشاكلهم مع البيروقراطية العتيقة التى تحزنهم، وهم يتسولون حقوقهم، وهذا يتعطف وذاك يعطل، وهذا لا يرعوى لحاجة مَن قدموا للوطن البذل بالأرواح الزكية، ليس هناك أغلى من بذل الروح فى سبيل الوطن، لا تعوضها كنوز الدنيا ولكنها قدر الصابرين: «وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مصِيبَةٌ قَالُوا إنَّا لِلهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ ربِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ» صدق الله العظيم.
التأخير أكثر من هذا لا يليق برجال ائتُمنوا على حقوق الشهداء بين أيديهم، فليتوفر النواب على القانون، أرواح الشهداء تناديكم من السماء، وأطفال الشهداء يسترحمونكم، وأسر الشهداء راضية بالشهادة، ولا تطلب الكثير، ومصر لا تبخل على الشهداء، ويوم الشهيد يهل علينا كل عام بأطيب الذكريات، والشهداء يسبغون علينا أمنا وأمانا بأرواحهم، فلنفتدِهم بأرواحنا وما تغلى عليهم أبدا.. طوبى للشهداء.
نقلا عن المصري اليوم